المجاعة تجتاح جنوب القطاع والنساء تبحثن في السراب

قالت الناشطة عفاف مهدي إن التجويع بات أداة للعقاب الجماعي وليس هناك دولة أو مؤسسات معنية بحقوق الإنسان قد تحركت واتخذت خطوات فعالة، والنساء في القطاع تحاولن توفير متطلبات أسرهن بشتى الوسائل والطرق دون جدوى.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني منطقة جنوب قطاع غزة مجاعة خانقة تعصف بحوالي مليون ونصف شخص في ظل انعدم توافر الطعام والماء، ومنع القوات الإسرائيلية إدخال المساعدات الغذائية للسكان والنازحين، علماً أن منطقة جنوب الوادي تم تصنفيها على أنها مناطق إنسانية آمنة وتم دعوة المواطنين للنزوح إليها، لكن نالت نصيبها من جملة العقوبات الأقسى منها التجويع.

لطالما سمعت أن استخدام التجويع كأداة من أدوات العقاب الجماعي خلال الحروب يعتبر خرقاً للقوانين الدولية، لكنها لم ترى أي دولة أو مؤسسات معنية بحقوق الإنسان قد تحركت واتخذت خطوات فعالة، على الرغم من التقارير والصور الكارثية التي تخرج من شمال وجنوب قطاع غزة، والتي تظهر الأوضاع الإنسانية الكارثية هناك، هذا ما بدأت به الناشطة عفاف مهدي حديثها.

ولفتت إلى أنه قبل أن تعصف تلك المجاعة بالجنوب جنت النساء كميات من البقوليات وخزنّ المعلبات لاستهلاكها في أيام الأزمات، لكنها لم تكفي طويلاً، كون تلك المؤن تنفذ في غضون شهر واحد حينها ستواجهن وأطفالهن معركتهن مع الأمعاء الخاوية، مضيفةً أنه يتوفر في الأسواق بعض أصناف الطعام لكن سعرها المتضاعف يفوق قدرتهن على الشراء.

أما عن الدقيق فقد أشارت عفاف مهدي أن له قصة طويلة، فمنذ ما يقارب الشهرين ارتفع سعر الكيس الواحد والبالغ وزنه 25 كيلوغرام من دولارين لمئة دولار، والغريب في الأمر أنه ليس طحين طبيعي خاضع لمواصفات الاستهلاك البشري، "يحتوي على الديدان والسوس فتشعرين وأنت تأكلينه كأنك بحاجة ماسة لتقيؤه".

وأضافت بالنسبة لطبق العدس اليوم هو الوجبة التي لم تخذل النساء بعد، فعادة ما تعد المرأة القدر وتسكبه في صحون يحصل كل فرد على حصته، وتكتفي العائلة بتلك الوجبة طوال اليوم، فيما هناك آلاف العوائل في شمال وجنوب قطاع غزة قد لا تتمكن من إعداد وجبة طعام واحدة طوال اليوم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية واعتماد غالبيتهم على عمل المياومة ما قبل الحرب على غزة.

وأردفت عفاف مهدي، أن هناك عدد من "تكيات الطعام" التي توزعها الجمعيات الخيرية مجاناً على النازحين، لكن الأمر ليس بتلك السهولة فقد تضطر المرأة للوقوف من ساعة إلى ثلاث ساعات كي تحصل على طبق واحد نظراً لكثرة الأعداد، وفي غالبية الأحيان تعود النساء لخيامهن بأوعيتهن فارغة على الرغم من حاجة أطفالهن الجوعى لأي طبق يسد رمقهم.

وأضافت أن الأمر ذاته بالنسبة لطوابير المخابز في القطاع، التي يمكن عدها على أصابع اليدين، فتخرج المرأة منذ الفجر وتعود لخيمتها بعد الظهيرة بعدد من الأرغفة التي لا تسد رمق عائلتها وإنما بالكاد تكفي ثلاثة أفراد فقط.

وبحسب عفاف مهدي تواجه النساء صعوبات أخرى وهي الملابس فعدم توفر الأغطية والملابس الثقيلة، خاصة أن الشتاء قد حل، الأمر الذي يزيد من معاناتهن، لأنه وببساطة إذا لم يرتدي الطفل جيداً سيمرض وإن مرض لا يوجد دواء في المشافي المتهالكة والنقط الطبية.

ولفتت إلى أن الأمر ازداد سوءً بانقطاع حليب الأطفال من الأسواق، وبالتالي سيعاني آلاف الرضع من سوء التغذية وسيتعرض العشرات منهم لخطر الموت يومياً بسبب عدم قدرة الكثير من الأهالي على شرائه أو فقدانه من الأسواق، مشيرةً إلى أن هناك نقص كبير في حفاضات الأطفال منذ فترة طويلة لذلك تضطر الأمهات لشراء اثنتين منها في اليوم.

ونوهت عفاف مهدي، أنه خلال الفترة الأخيرة حاول المواطنين والنازحين في مناطق جنوب وشمال قطاع غزة القيام بحملات مقاطعة للبضائع التي يوفرها التجار في الأسواق المحلية لكن بأسعار خيالية، لكن الأمر فشل لأن المقاطعة ساهمت في تكدس البضائع ورفع الأسعار، إلى جانب كونهم يحتاجون لتلك المنتجات كي يبقوا على قيد الحياة خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.