"المدينة الإنسانية" خطة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين نحو الجنوب

تخطط "إسرائيل" لإنشاء "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح كمنطقة عزل جماعي لأهالي غزة، تُشبه المعتقل بهدف دفع السكان للنزوح القسري جنوباً، ومنعهم من العودة إلى ديارهم بعد تدميرها بالكامل.

رفيف اسليم

غزة ـ لطالما تحدثت وسائل الإعلام العبرية والقادة البارزين في "إسرائيل" عن مدينة إنسانية ستقوم الأخيرة بإنشائها على أنقاض مدينة رفح، ليُحشر كافة سكان القطاع داخلها، لكن كيف ستبنى المدينة هل ستكون خيام أم من مواد أخرى، هل ستكون مساحتها على جميع مساحة أنقاض مدينة رفح، كيف سيستلم النازحين المواد الغذائية، وكيف سيتم التعامل مع طفل إذا ما اقترب من السياج وأراد الخروج، جميع تلك التفاصيل تبقى مبهمة.

الأهم من ذلك ما مصير من سيفشل في اجتياز الفحص الأمني قبل الدخول إليها، أو من سيرفض النزوح لذلك السجن القسري الذي ستنشئه "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية، وهل تلك الخطوة هي بداية التهجير القسري لما بقي من سكان قطاع غزة بعد الإبادة الجماعية التي تمارس عليهم منذ ما يقارب عامين.

 

الخطة الأساسية إفراغ كافة مناطق شمال قطاع غزة

الناشطة السياسية والمجتمعية آلاء سلامة، قالت إن ما يطلق عليه مدينة الخيام المقامة على أنقاض مدينة رفح أو (الغيتو)، والتي تعتزم "إسرائيل" على تجهيزها بين رفح ومحور موراج هي خطة أو بداية أولى الخطوات الفعلية لتهجير أكثر من 600 ألف فلسطيني كنموذج أولي، كونها عبارة عن سجن سيحبس أهالي غزة داخله إلى أن يتم إيجاد دولة مستضيفة لهم أو تفتح دولة مصر أبوابها.

وأكدت أن الخطة الأساسية من إنشاء تلك المدينة هي إفراغ كافة مناطق شمال قطاع غزة وحصر السكان إلى ما بعد منطقة وادي غزة، أي دفع السكان إلى الجنوب، لافتة إلى أن تلك الخطة ليست جديدة بل هي ما خطط لتنفيذه منذ بداية الحرب، لكن صمود أهل الشمال أفشل ذلك المخطط والهدنة الأخيرة التي ساهمت في خلق توازن بالكثافة السكانية ما بين الشمال والجنوب.

وأشارت إلى أنه حالياً ما يجري في المفاوضات اليوم هو الحديث عن انسحاب القوات الإسرائيلية مسافة 2 كم، بينما تأبى القوات أن تستولي على ما مساحته 3 كم من مساحة قطاع غزة وهي مساحة ليست بقليلة كون تلك الأراضي تضم ما يقارب 700 ألف نسمة، مما يمنع السكان من العودة لمناطق سكنهم بقوة السلاح والنار تمهيداً للسيطرة عليها، لافتة إلى أنه جرى مؤخراً حديث عن توسيع مستوطنات غلاف غزة على حساب تلك الأراضي.

وأضافت أن "إسرائيل" تدرك مدى تعلق الفلسطيني بأرضه وبيته على وجه الخصوص، فتمارس بالوقت الحالي على الأراضي التي تحتلها عمليات نسف واسعة طالت مربعات سكنية بالكامل، حتى إذا ما حدثت هدنة لن يتمكن السكان من العودة لتلك الأراضي كونها أصبحت بيئة طاردة لا خدمات ولا طرقات ولا بيوت، ولا حتى مياه تصلها، بالإضافة إلى أكوام من الركام تسد الطريق على من يريد نصب الخيمة مكان بيته المدمر.

وتنتهج "إسرائيل" بحسب آلاء سلامة، سياسة النفس الطويل مع الفلسطينيين فلا يهمها الوقت ولديها الكثير من الأيام لإهدارها حتى تقرر متى يمكنها تنفيذ خطة مدينة الخيام، إلى أن تحتوي "إسرائيل" معارضة إنشائها من قبل بعض القادة والقوات التي أنهكت من طول مدة الحرب وسيقع على عاتقها مهمة إضافية وهي إدارة تلك المدينة مدنياً وعسكرياً بالكامل بقبضة من النار والحديد.

وترى أن المعارضة الموجودة في "إسرائيل" حول ما يدعى بالمدينة الإنسانية، هي معارضة استراتيجية فقط وليس الهدف العام من إيجادها، فالشارع الإسرائيلي والقادة لديهم إجماع على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وإفراغه تمهيداً لبناء المستوطنات به، أو ربما لجعلها نسخة أخرى من مدينتي حيفا أو يافا، نظراً لموقعها الاستراتيجي على شاطئ البحر المتوسط وتوافر الغاز داخل مياهها، لذلك هو مشروع كبير يحوي أطماع إسرائيلية أكبر وربما دولية.

 

مسار التجويع القائم عبارة عن بالون اختبار

وترجح أن مسار التجويع القائم الذي تنتهجه في الوقت الحالي هو عبارة عن بالون اختبار، لتدرس كم من الممكن للفلسطيني الاستمرار دون طعام حتى ينصاع للأوامر وينزح للمدينة الإنسانية التي تستخدمها "إسرائيل" في الضغط خلال المفاوضات للحصول على صفقة تناسبها وترضي قادة اليمين المتطرف، مضيفة أن تلك المماطلة في المفاوضات قد تدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية من قطاع غزة.

وتختم آلاء سلامة حديثها بالقول إن وعي الفلسطينيين هو وحده من الممكن أن يفشل مخطط المدينة الإنسانية كما فشل إفراغ الشمال بالكامل، وللتكاتف الدولي والعربي دور كبير في ذلك عبر تركيز المؤسسات الحقوقية والإنسانية تقاريرها على ما يحدث مع منتظري المساعدات الأمريكية من قتل وإصابات، بالتالي نفي صفة الشرعية أو الإنسانية عن أي شيء تقوم به القوات الإسرائيلية خلال الحرب تجاه سكان قطاع غزة.