'اللغة مصدر فخر واعتزاز بالوطنية والأصالة'
لا تزال النساء في شمال وشرق سوريا تحافظن على لغتهن الأم بالرغم من محاولات الإبادة الثقافية التي طالتهم لعشرات السنوات، فهن تعتبرن حماية اللغة الكردية واجب يقع على عاتق كل فرد منهم.
نورشان عبدي
كوباني ـ أكدت معلمات اللغة الكردية في مقاطعة كوباني بإقليم الفرات في شمال وشرق سوريا، بأن مجال التربية والتعليم باللغة الكردية مر بمراحل عدة حتى وصل لهذا المستوى من التقدم والتطور.
للحفاظ على لغتهم التي تعبر عن هوية الشعوب، وتعد مصدر فخر واعتزاز بالوطنية والإصالة، يحتفل الكرد في مناطق شمال وشرق سوريا بيوم اللغة الكردية في الـ 15 من أيار/مايو من كل عام، وهو يوم تم إقراره في عام 2006 من قبل المؤتمر القومي الكردستاني وذلك بالتاريخ الذي يصادف تاريخ صدور العدد الأول من مجلة هاوار الكردية من قبل الأمير جلادت بدرخان في العاصمة السورية دمشق في الخامس عشر من أيار/مايو عام 1932، والتي توقفت عن الصدور نهائياً عند العدد 57 في الخامس عشر من آب/أغسطس 1943.
تعد اللغة الكردية من أقدم اللغات في العالم والتي تحتوي في طياتها أعرق الثقافات وأقدمها، ورغم تعرضها للعديد من محاولات الإبادة الثقافية لا يزال الشعب الكردي يحافظ عليها من الاندثار بالعديد من الأساليب والطرق.
وللغة الكردية التي تعتمد من قبل أجزاء كردستان الأربعة، خمسة لهجات وهي الكورمانجية والسورانية والكورانية والدملكية واللورية.
وحول أهمية اللغة الكردية بالنسبة للشعب الكردي وسعي الطلبة للتعلم بلغتهم، وعمل هيئة التربية والمرحل التي مرت بها تقول عضوة مكتب المرأة في هيئة التربية بمقاطعة كوباني في إقليم الفرات رونيدا علي "عندما يريد المرء التعرف على مجتمع ما وهويته وتاريخه وثقافته في البداية يجب التعرف على لغته الأم، فاللغة هي الهوية والوجود والانتماء".
وعن مراحل تطور اللغة الكردية عبر التاريخ توضح "سعت الدول المهيمنة التي عملت على تقسيم كردستان لأربعة أجزاء، لصهر اللغة الكردية وإنهاء وجودها والقضاء على الشعب الكردي، لكن لم ينجحوا في تحقيق ما يسعون إليه"، مشيرةً إلى أنه "بالرغم من حرمان الشعب الكردي من التكلم بلغته الأم إلا أنه بالمقاومة والنضال حافظ على هويته ولغته الأم".
وأشارت إلى أن "الكرد قد انتفضوا على مر سنوات طويلة من أجل لغتهم الكردية، هنالك العديد من الانتفاضات التي أطلقت في أجزاء كردستان الأربعة كثورة شيخ سعيد وقاضي محمد الذين حاربا من أجل التكلم بلغتهم وحمايتها من الاندثار".
وأضافت "بعد انطلاق ثورة 19 تموز عام 2012 في شمال وشرق سوريا، تم تفعيل كافة المجالات وكان من ضمنها مجال التربية والتعليم، اليوم وبعد أعوام من النضال لدينا مؤسسات للغة الكردية وهيئة تربية ومعاهد وجامعات يتم التدريس فيها باللغة الكردية وبكافة فروعها وأقسامها، وهو يعد انتصار حقيقي بالنسبة لنا".
وحول دور هيئة التربية في تطوير اللغة الكردية تقول "مر المستوى التعليمي في المنطقة بمراحل عدة بالرغم من كافة الصعوبات، فهذه تعد التجربة الأولى لنا في إعداد نظام تعليمي باللغة الكردية وقد نجحنا في ذلك بكافة المراحل التعليمية إن كانت الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية، لقد خطينا خطوات جيدة في المجال التعليمي ولا زلنا بحاجة إلى التطور"، مشيرةً إلى أنه في السنوات الأخيرة تم تشكيل لجنة متابعة تعمل بشكل مستمر على متابعة وضع الطلبة ومستواهم التعليمي ومستوى المعلمين والنواقص التي تظهر خلال العام الدراسي لمناقشتها وإيجاد حلول لها".
وقالت رونيدا علي في ختام حديثها "بالنسبة لنا التطورات التي تم إحرازها في وقتنا الراهن كان حلم لنا وتحقق، كنا محرومين من التحدث بلغتنا واليوم يتخرج طلاب/ات من قسم الأدب الكردي هؤلاء الطلاب/ات قادرين على تدوين كتب عن الأدب والفلسفة الكردية، نعتز ونفتخر بذلك وسنستمر بالعمل بهذا الشكل لنطور المجال التعليمي أكثر للمحافظة على اللغة الكردية"، مطالبةً الشعب الكردي أينما كان المحافظة على لغته وحمايتها من الاندثار "حرمنا من لغتنا لسنوات واليوم نتحدث بها بحرية دون خوف، على الشعب الكردي المحافظة على لغته لأنها أقدم وأعرق اللغات في العالم".
من جانبها قالت الناطقة باسم إدارة المدارس في مقاطعة كوباني بإقليم الفرات في شمال وشرق سوريا فاطمة شيخ عثمان "ليوم اللغة الكردية الذي يصادف الخامس عشر من أيار أهمية كبيرة، لأنها تعرضت للكثير من الهجمات عبر التاريخ بهدف القضاء عليها وصهرها، وذلك بإبعاد الشعب الكردي عن لغته".
وأكدت على أن الشعب الكردي بقي محافظاً على لغته وثقافته "الشعب الكردي أصحاب إرادة قوية، لذلك بالرغم من أن لغتنا تتعرض لمحاولات إبادة ثقافية إلا أننا بقوتنا حافظنا عليها من الاندثار".
وأضافت "ها نحن اليوم في روج آفا نقوم بتدريس الطلبة في المدارس باللغة الكردية بعد سنوات طويلة من الحرمان، فقبل انطلاق ثورة 19 تموز كانت حكومة دمشق تمنع التحدث باللغة الكردية ليس فقط المدارس بل في جميع الأماكن، ونحن الكرد كنا نتعلم وندرس باللغة العربية".
وأشارت إلى أن اللغة الكردية مرت بمراحل عدة منذ أكثر من عشر أعوام "عندما نقارن بين مستوى التعليم قبل الثورة وبعدها نجد بأن هنالك تطور ملحوظ وتم خطي العديد من الخطوات الإيجابية في مجال التعليم، نرى بأن الطلاب أصبحوا قادرين على كتابة أشعار وكتابات باللغة الكردية الأدبية".
وقالت في ختام حديثها "لأن الجميع يملك حق التحدث بلغته لنحافظ على اللغة من الضياع والطمس، على الجميع التحدث باللغة الأم، فاللغة هي مصدر فخر واعتزاز بالوطنية والأصالة".