الكشف المبكر عن سرطان الثدي يساهم في نجاة المريضات

سرطان الثدي من أكثر الأمراض شيوعاً بين النساء، على الرغم من التطور الكبير والمستمر في طرق علاجه والنسب الكبيرة التي تشير إلى النساء اللواتي انتصرن عليه

نسرين كلش

قامشلو ـ سرطان الثدي من أكثر الأمراض شيوعاً بين النساء، على الرغم من التطور الكبير والمستمر في طرق علاجه والنسب الكبيرة التي تشير إلى النساء اللواتي انتصرن عليه، إلا أنه ما زال يشكل هاجس الخوف لدى الكثيرات، وترفضن حتى الفحص خوفاً من النتيجة.  

في شمال وشرق سوريا وفي مدينة قامشلو تحديداً وبهدف زيادة الوعي بين النساء، وتعزيز الوقاية الأولية ضد سرطان الثدي، قام الهلال الأحمر الكردي بافتتاح مركز خاص لسرطان الثدي، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، الذي يقوم بالفحص بالأجهزة المتطورة كالايكودوبلر والماموغراف، للكشف المبكر، وفي حال التأكد من وجود المرض تبدأ رحلة العلاج.

بالنسبة لإحصائيات مركز سرطان الثدي في مدينة قامشلو تشير إلى أنه منذ افتتاح المركز، أي منذ ثلاث سنوات، تم فحص 3000 امرأة، بينهن 45 حالة ايجابية.

عن مركز سرطان الثدي قالت المسؤولة في الإدارة شيرين علي "على الرغم من أن هذا النوع من السرطان هو الأكثر شيوعاً بين النساء إلا أنه يصيب الرجال أيضا بنسبة 1 بالمئة، ويمكن تعريفه بخلل يصيب خلايا وأنسجة الصدر ومن ثم تحويلها لكتلة، فتؤدي إلى تعطيل عمل الخلايا والأنسجة الأخرى".

وحول أعراض سرطان الثدي بينت أنها تتمثل بـ "انتفاخ وتورم الثدي، وخروج إفرازات منه، مع تغير في الحجم والشكل أو تجعد الجلد، إضافةً لحكة أو تقرحات قشرية أو طفح جلدي، أو تقشير الجلد، كذلك تظهر كتلة أو عقدة صلبة غير مؤلمة في الثدي أو تحت الإبط"، مشيرةً إلى أنه نادراً ما تشعر المصابة بألم.  

أما العوامل التي قد تؤدي للإصابة بسرطان الثدي قالت إنها "الوراثة، وعدم الرضاعة الطبيعية، والتدخين، إضافةً للضغوط النفسية، والتعرض للأشعة ضمن تقنيات التصوير الطبي بشكل مستمر"، مؤكدةً أن "الكشف المبكر يساعد في ضمان العلاج بنسب عالية، وذلك يتم من خلال الفحص الروتيني كل ستة أشهر للنساء بين الـ (35 ـ50) عاماً، لأنهن أكثر عرضة من غيرهن، لكن ذلك لا يعني أنه لا يصيب الأعمار الأخرى لكن بنسب أقل".   

وأشارت أن طرق التشخيص تتم من خلال جهاز الايكودوبلر للنساء اللواتي لا تتعدى أعمارهن الـ 35 عاماً، وذلك بسبب أن الأشعة قد تؤثر عليهن بحال كن حوامل، أو ترغبن بالإنجاب أو الرضاعة، أما النساء فوق الـ 45 عاماً فيتم استخدام أشعة الماموغراف للتشخيص، "استخدامنا للأشعة للنساء تحت سن الـ 35 يتم فقط في حالات الشك المطلق بوجود المرض".  

وعن الإجراءات التي تتم بعد اكتشاف المرض قالت شيرين علي "بعد التشخيص تكتب الطبيبة النسائية تقريرها، كما أن طبيب الأشعة يكتب تقريره، وتتحول هذه التقارير إلى الأطباء المختصين بالأورام السرطانية، وتبدأ مرحلة العلاج حسب كل حالة إما عن طريق الاستئصال، أو الأدوية الكيمياوية، أو الأشعة، أو الاثنين معاً، أما إذا كان الورم حميد يتم معالجته بالأدوية".   

كما أنها سلطت الضوء على وجود التثقيف الصحي والنفسي في المركز "يتم تقديم تثقيف صحي بشكل فردي أو جماعي للمريضات في المركز، وأيضاً تتم متابعة الحالة النفسية لكل منهن بشكل فردي، فالصحة النفسية تلعب دوراً كبيراً في الانتصار على هذا المرض".    

"الوقاية خير من قنطار علاج" هذا ما قالته شيرين علي عند سؤالنا لها عن طرق الوقاية، مبينةً أنه "علينا المحافظة على وزن صحي وممارسة الرياضة، وعدم تناول المشروبات الكحولية، لأنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، كذلك على الأمهات المحافظة على الرضاعة الطبيعية".  

واختتمت حديثها مطالبةً النساء بإجراء الفحص الروتيني "يجب على النساء اللواتي أعمارهن بين 35 و45 عاماً التوجه إلى المراكز المتخصصة كل ستة أشهر للقيام بالفحص الروتيني الذي لا يؤثر أبداً، بل يساعد بالكشف المبكر عن السرطان لأن ذلك يساهم بالعلاج بنسبة 95%، وعلى المصابات التمسك بالأمل والقوة فالصحة النفسية كفيلة في التغلب على السرطان".  

 

رحلة سيفا مراد مع سرطان الثدي

سيفا مراد ذات الـ 36 عاماً معلمة في إحدى مدارس مدينة قامشلو تقول عن إصابتها بالسرطان "بعد أن فطمت ابنتي من الرضاعة لاحظت وجود كتلة في صدري، فتوجهت إلى الطبيب الذي قال لي في البداية أن الكتلة يمكن أن تكون حليبية، وطلب مني صورة الماموغراف"، مبينةً أن الطبيب أخطأ في تشخصيه حتى بعد أخذ صورة الماموغراف "اكتفى بإعطائي بعض الأدوية، وفيما بعد بدأت أشعر بالألم، والكتلة لم تتقلص".

لذلك توجهت إلى دمشق لكن النتيجة لم تكن أفضل "شخص الأطباء الكتلة بأنها كتلة التهابية، وتم استئصالها، ولكن عند تحليلها تبين أنها كتلة سرطانية".   

 

مرحلة العلاج منه  

بالسؤال عن العلاج بعد اكتشافها لحقيقة مرضها بينت أنها تأخرت في العلاج لذلك تم استئصال الصدر كاملاً، "عدت إلى مدينة قامشلو، وواصلت علاجي في مركز سرطان الثدي، وبدأت رحلتي مع العلاج الكيميائي والأشعة، كل 21 يوماً جرعة، وقد وصف لي الطبيب 8 جرعات".

وأضافت "قبل أخذ الجرعات أقوم بتحاليل روتينية مثل تحاليل كريات الدم البيضاء، لأن الأشعة والعلاج الكيميائي يؤثران على المناعة، إضافةً لقيامي بصورة أيكو للقلب"، مشيرةً إلى أنها أخذت 6 جرعات حتى الآن وهي بمراحل علاجها الأخيرة لتتماثل للشفاء.

 

"بعد الاستئصال قررت التمسك بالحياة"

بالأمل وحب الحياة استطاعت سيفا مراد أن تواصل حياتها بشكل طبيعي، على الرغم من الخوف والقلق اللذان يلازمانها في كل دقيقة من يومها، "عندما علمت أن الكتلة سرطانية شعرت بالخوف، وكانت عائلتي أول شيء فكرت به، فأسرتي لم تفارقني في كل المراحل الصعبة التي مررت بها".

وأضافت "بعد الاستئصال قررت التمسك بالحياة والأمل، والقول لنفسي دائماً أن غداً أجمل، قرأت كثيراً عن نساء انتصرن عليه، وعن العوامل التي تساعد في تسريع العلاج، والتي من أهمها القناعة بأنه مرض كسائر الأمراض، رحلة علاجه طويلة، ولكن بالنهاية يتم الشفاء منه وتعود الحياة لمجراها الطبيعي".  

كما أشارت إلى أنها واصلت حياتها بشكل طبيعي بعد أخذ الجرعات، وعادت إلى عملها، وتقوم بإدارة منزلها وأولادها، ولديها قناعة بأنه إذا ظهرت عليها ملامح الخوف والحزن سيؤثر ذلك على أسرتها، "قررت متابعة حياتي بشكل طبيعي، ومواجهة نظرة المجتمع بعد استئصال صدري، وما زاد من تفاؤلي هو حب الطلاب واحترامهم لي".   

ترى سيفا مراد أن على المريضة أن تتحدث عن معاناتها وألا تكبت هذا الألم بداخلها، وكذلك عليها ألا تخجل من تساقط شعرها، أو خسارتها لثدييها، "على مريضة سرطان الثدي ألا تختبئ وتشعر بالعجز، أو أن تكسرها نظرة الناس لها".

واختتمت حديثها برسالة إلى النساء قالت فيها أنه "من الضروري جداً الانتباه إلى طريقة الحياة في هذه المرحلة التي تكون فيها المناعة ضعيفة، كالوقاية من الأمراض التي تصيب جهاز المناعة، الانتباه من الاختلاط، والالتزام بارتداء الكمامة إضافةً لتناول طعام صحي والتفاؤل دائماً".