"الجرب واللشمانيا والفطور" الأمراض الجلدية تفتك بأطفال المخيمات في إدلب
تشهد مخيمات النازحين في الشمال السوري، تسجيل إصابات بأمراض جلدية عديدة بوتيرة متفاوتة، نتيجة غياب بيئة صحية آمنة، وتوفر ظروف مساعدة لانتقال العدوى.
هديل العمر
إدلب ـ يعاني أطفال المخيمات في إدلب من أمراض جلدية خطيرة ومختلفة نتيجة البيئة المحيطة التي تعد بؤرة لانتشار الأوبئة بشكل كبير خاصة في ظل انعدام الرعاية الصحية والبيئية عنهم وعن مخيماتهم.
على مقربة من مخيمات بلدة مشهد روحين شمال إدلب، تصطحب مهى العلوان (32) عاماً طفلها مرتين أسبوعياً إلى إحدى المشافي القريبة على مخيمها لاستكمال رحلة علاجه من مرض الجرب الذي أصيب به نتيجة تعرضه لمياه الصرف الصحي بشكل مباشر.
تقول مها العلوان إن طفلها واحد من عشرات أطفال المخيم المصابين بأمراض الجرب واللشمانيا والفطور وغيرها من الأمراض الأخرى نتيجة الظروف البيئية الملوثة في مخيمهم، وسط انعدام أدنى سبل الوقاية الصحية لهذه الأمراض.
وأوضحت أنها تقطع مسافة 7 كيلو متر للوصول إلى أقرب نقطة طبية على المخيم لعلاج ابنها، إذ أن رحلة علاجه الشاقة بدأت قبل نحو شهرين وهي الآن في المراحل الأخيرة بعد أن اضطرت لعزله عن إخوته لضمان عدم انتقال العدوى لهم.
وأشارت إلى أن مجاري الصرف الصحي المكشوفة، إضافة لقرب المخيم من مكب للنفايات جعله بيئة خصبة لانتشار هذه الأمراض بين الأطفال الذين يعدون الأكثر عرضة للتلوث، وهو ما أدى لإصابة معظم أطفال المخيم والمخيمات المجاورة بهذه الأمراض الجلدية.
لم تكن سميرة السعيد (35) عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، تعلم بأن أطفالها الثلاثة مصابين بمرض اللشمانيا، بعد أن ظهرت عليهم أعراض مرضية صعبة وقاسية تمثلت بتشوهات موضعية بالوجه واليدين.
تقول سمر السعيد إنها تواجه صعوبات كبيرة في تأمين العلاج لأطفالها خاصة وأن حقنة "الغلوغانتيم" تعد من الأدوية مرتفعة الثمن، إذ أنها اضطرت لعلاج أطفالها على نفقتها الخاصة بعد أن عجزت عن تأمين الدواء بشكل مجاني من المشافي الميدانية والعامة.
وأضافت أن السبب الرئيسي لمرض أطفالها يكمن في سوء الخدمات الصحية من نقص المياه المعقمة وانتشار المياه الآسنة والملوثة بين الخيام، بالإضافة لأكوام النفايات المنتشرة في المخيم، دون أي حلول وقائية من المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب.
وأشارت إلى أن أطفالها ليسوا الوحيدين إنما هناك أكثر من 25 طفل في المخيم مصابين بأمراض الفطور الجلدية والجرب واللشمانيا وغيرها من الأمراض التي وجدت في المخيمات بيئة خصبة للانتشار بسرعة كبيرة.
وأوضحت أنها فكرت في النزوح عن المخيم، إلا أنها تفاجأت بأن جميع المخيمات المجاورة لها تعيش ذات الأوضاع البيئية الصعبة التي لا تصلح للعيش البشري، نتيجة انتشار الحشرات والجراثيم والعقارب التي تشكل مصدر للأمراض والأوبئة.
وترتبط هذه الأمراض بارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، وانتشار مكبّات النفايات، واستخدام مياه غير نظيفة، وحفر الصرف الصحي بين المخيمات، وفقاً لما ذكرته سمر السعيد.
ومنذ ثلاثة أشهر، تحاول فاطمة الخلوف (28) عاماً وهي نازحة في مخيم شمال إدلب، تشخيص وعلاج مرض طفلها المصاب بتشوهات جلدية صعبة وقاسية تمثلت بظهور أعداد كبيرة من البثور السوداء ولكن دون جدوى.
"لم نستطع معرفة مرضه حتى الآن" بهذه الكلمات تلخص النازحة ألمها ومعاناتها مع مرض طفلها الذي يتفاقم يومياً، دون قدرة منها على التخفيف من حدة ألمه ومرضه، على الرغم من نقله إلى أكثر من مشفى وطبيب مختص.
وبينت أن الأطباء شخصوا مرض طفلها بإصابته بفطريات جرثومية وفيروسية مزمنة، نتيجة تعرضه للأشياء الملوثة مثل الماء أو الملابس أو الغذاء الغير آمن، ولكنها وبالرغم من اتباعها تعليمات الأطباء إلا أنها لم تلاحظ أي تحسن طرأ على حالة طفلها.
وأشارت إلى أن المخيم الذي تقطنه يقع وسط مكبات النفايات وحفر الصرف الصحي، وهو ما أدى لإصابة ابنها بهذا النوع من الأمراض المستعصية والخطيرة.
من جانبها تقول الدكتورة ياسمين الجنيد (42) عاماً إن التلوث البيئي وتلوث الهواء يلعب دوراً أساسياً في ازدياد الإصابات والأمراض الجلدية بشكل عام وفئة الأطفال خاصة لكون مناعتهم ضعيفة ويتأثرون بالجرائم والفيروسات المنبعثة في الهواء والماء وغيرها.
وأضافت أن مناطق المخيمات العشوائية والغير مخدمة تعد بؤرة لهذه الأمراض نتيجة وقوعها بالقرب من مكبات النفايات ومجاري الصرف الصحي والمعامل والمصانع وغيرها من الملوثات البيئية دون أخذ أي تدابير صحية وبيئية وقائية.
وأشارت إلى أن أمراض اللشمانيا والجرب والفطريات والأكزيما الأكثر شيوعاً في مناطق المخيمات، إذ أنها تواجه أكثر من عشر حالات لأطفال ونساء يومياً، مصابين بأمراض جلدية مختلفة بسبب سكنهم في مخيمات نائية وملوثة.