الحياة الندية الحرة... آفاق الحل للقضايا المجتمعية
في ظل تفاقم القضايا المجتمعية وتعمق المشاكل، جاء مفهوم الحياة الندية الحرة لحل جميع تلك المشاكل وتحقيق المساواة بين الجنسين.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ تعتبر الحياة الندية الحرة نموذج مثالي لتصحيح العلاقة بين الرجل والمرأة وحل للقضايا المجتمعية التي وصلت إلى نقطة الانسداد، فهو سيقضي على التمييز ويبني عائلة ديمقراطية.
تعاني المرأة في الشرق الأوسط من انتهاكات للحقوق والواجبات لم يشهد مثلها في التاريخ، حيث عانت من تمييز وظلم اجتماعي وفجوة كبيرة بين الجنسين بسبب قوانين السلطة الذكورية والدولة والعادات والتقاليد البالية، والذي زاد الطين بلة هي الحروب التي مزقت النسيج الاجتماعي ليتسبب بحالة من الانحلال الأخلاقي وبالتالي يصبح المجتمع في حالة من التردي مما ينعكس سلباً على واقع المرأة.
فقضايا المرأة داخل المجتمع ضمن أبعادها الاجتماعية تشهد تشابكاً وتعقيداً، فالواقع السياسي والإيديولوجي والأخلاقي ينعكس على الجنسين بشكل قاسي وعدواني، والتناقضات القائمة في مؤسسة الأسرة ليست أقل من التناقضات التي تتواجد في مؤسسة الدولة، ففي العائلة تُكتم الأنفاس وتقبع تحت وطأة التقاليد البالية والعنف في المجتمع، فظهور الأيديولوجية السلالاتية ترك أثراً كبيراً على العائلة ونظام رئاسة الرجل للمنزل اقتداءً بالثالوث "السلالة، السلطة، الدولة".
وتقول عضوة مجلس خط الشرقي لمقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا رابعة بكرو أنه بالإمكان إعادة التوازن العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال مفهوم "الحياة الندية الحرة"، ذلك عن طريق التخلص من مفهوم التملك بشأن المرأة سواءً من قبل عائلتها أو زوجها، وكذلك منحها الفرصة للعب دورها الريادي والأساسي في بناء عائلة ديمقراطية قائمةً على أساس التشاركية.
ومن أبرز القضايا المجتمعية أوضحت أن "تعدد الزوجات وزواج القاصرات وكذلك زواج الحيار زاد من نسبة حالات الطلاق والانتحار، وبذلك يسبب خللاً في العائلة والمجتمع"، لافتةً إلى أنه "عندما تبنى العائلة على أساس صحيح سيبنى المجتمع بشكل سليم".
وأشارت إلى أن جميع المشاكل وأسبابها تتمحور حول الذهنية الراسخة لدى المجتمع في عدم إعارة أي اهتمام لرأي المرأة أو تقبله وعدم منحها الحرية في اتخاذ قرار في الحياة الاجتماعية فالمرأة في الكثير من الحالات لا يؤخذ برأيها أثناء الزواج، وهذا ما أدى إلى إحداث خلل وعوائق في المجتمع.
وعن واقع النساء والفتيات في مؤسسة العائلة أضافت "تم تهميش المرأة في المجتمع ليقتصر دورها على تسيير الأمور المنزلية فقط، بينما يتم تسليم زمام الأمور للرجل وهنا تدخل الطبقية في العائلة، أي أن الرجل قادر على اتخاذ أي قرار كان بينما تبقى المرأة على الهامش وهذا ما يجعل العائلة بعيدة عن العدل والتشاركية في علاقتاها الداخلية"، مشيرةً إلى أن ذلك يسبب خلل وتشتت وتصبح كون "احتمالية الطلاق كبيرة والضحية هم الأطفال اللذين من المحتمل أن يسلكوا طرق لا أخلاقية بعيدة عن ثقافة وقيم مجتمعاتهم لأنهم يكونون بعيدين عن المتابعة والإرشاد من قبل ذويهم".
ولفتت إلى أن التمييز بين الجنسين يبدأ منذ الطفولة "لو نظرنا إلى تفاصيل التربية يتبين لنا ذلك، فعلى سبيل المثال لو كان الأب أو الأم يودون شراء لعبة لطفلتهم يقومون بشراء أدوات المطبخ أو دمى لتلعب دور الأم، ومن هنا يرسمون لها مستقبلها، ويحددون آفاق خيالها وأحلامها، وأما الذكر يتم شراء لعب السيارات والأسلحة وما إلى ذلك وهنا يفتح له آفاق واسعة وخيال أوسع لمستقبله".
وتابعت "يمكننا القول بأن التمييز بين الجنسين يبدأ منذ ولادة الطفل وأول نشأتهم، والتربية التي يتلقونها من قبل الأب والأم، ينعكس على تعامل الأخ مع أخته أو الابن مع أمه أو الرجل مع زوجته في المستقبل، وهكذا تتوارث هذه المفاهيم والأساليب الخاطئة من جيل لأخر ليصل لمرحلة حتى المرأة تجهل حقيقتها وتفقد هويتها كفرد فعال في المجتمع".
وشددت على أنه "يجب تنشئة الأطفال على أسلوب صحيح بعيداً عن التمييز والطبقية، وينبغي أن يكون هناك توافق بين الجنسين، لأن التمييز يقود المجتمع إلى مثل هذا التشتت والقضايا التي ذكرتها، أي أن القضاء على التمييز هو بداية بناء عائلة ديمقراطية يسودها التشاركية بين الجنسين والسير وفقاً للحياة الندية الحرة بعيداً عن الطبقية والتسلط بين أفراد الأسرة".