الحروب والكوارث الطبيعية تُعرض الأطفال للإصابة بالاكتئاب
القلق والخوف من الموت أو الفقدان وكذلك مشاكل في النوم، كلها حالات تتولد لدى الأطفال في ظل الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية، حيث تتسبب بدخولهم بحالة حزن شديدة تعرضهم للاكتئاب.
هندية العشيبي
ليبيا ـ أكدت المستشارة والخبيرة التربوية إلهام عمر دبوب أن الحروب والكوارث الطبيعية تؤثر على الأطفال بشكل كبير كونهم الشريحة الأضعف في المجتمع بالإضافة للنساء والشيوخ وذوي الإعاقة، مبينةً أهمية الدعم والتوعية في انتشالهم من براثن الاكتئاب والانتحار.
يتأثر الأطفال بالأحداث والظروف التي تقع حولهم سواء كانت الحروب أو الصراعات أو الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات، وقد مرت ليبيا بالكثير من الأحداث التي من شأنها التأثير على صحة الأطفال النفسية والجسدية الأمر الذي يتطلب ضرورة التدخل وتقديم الدعم لهم وتوعية أسرهم ومحيطهم حول آليات بث الطمأنينة في نفوسهم، هذا ما أكدت عليه المستشارة والخبيرة التربوية في التفتيش التربوي والجامعة الليبية الدولية ببنغازي إلهام عمر دبوب، موضحةً أن الطفل يتأثر بالأزمات والحروب بشكل مباشر سواء عاشها أو شاهدها أو سمع عنها، ما يؤدي لانعكاسات سلبية على سلوكياته وانفعالاته وطريقة تفكيره وتعايشه مع محيطه.
ولفتت إلى أن هذه الحروب والصراعات تؤثر على الطفل على المدى البعيد بالشق النفسي والاجتماعي، متمثل في مشاعر الخوف والقلق والاكتئاب، مؤكدة على ضرورة معاملة الأطفال الذين عاشوا الأزمات الطبيعية وغير الطبيعية معاملة خاصة ودقيقة، بسبب الضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها خلال تلك الفترة.
وتطرقت لدور الأبوة وتأثيرها على الأطفال، وتقصد هنا بالأبوة الأم والأب الذين عاشوا الحروب ومخلفاتها وما قاسوه من جوع وخوف وألم ومدى تأثير ذلك على أطفالهم داخل الأسرة الواحدة، الأمر الذي سيتسبب بحرمان عاطفي ونفسي وتعليمي أثر بشكل كبير على حياتهم وأدى لتغيير سلوكياتهم الاجتماعية والنفسية والعاطفية.
وأكدت إلهام عمر دبوب أن الأطفال من أكثر الفئات هشاشة وتعرضاً للعنف والضغوط النفسية جراء الحروب والكوارث الطبيعية، فالطفل لديه مشاعر وقدرات التقبل والقبول شديدين، فإذا زرعت النزاعات داخله آثارها ستنال من قدراته ومدى اختلاطه بالآخرين بشكل كبير.
وعن الأضرار التي يتعرض لها الطفل أو المراهق قالت إنه سيعاني الكثير من المشاكل النفسية والجسدية منها قصور في النمو والتكوين، إلى جانب مشاكل أخرى نفسية واجتماعية تتمثل في سرعة الشعور بالغضب والقلق والخوف وعدم الاتزان والانطواء الذي قد يتحول لاكتئاب وأمراض نفسية تستمر حتى مرحلة الشباب والرجولة، بالإضافة للعدائية التي تتخطى العنف البسيط لدى الطفل بل قد تصل إلى قيام هذا الطفل بسلوك عدائي تجاه أقرانه والأخرين، وهي ردة فعل عكسية تجاه ما تعرض له من مشاكل وضغوط نفسية خلال الأزمات والكوارث الطبيعية، مضيفةً أن الطفل قد يتعرض لاضطرابات أخرى منها التبول غير الإرادي والفزع الليلي والصراخ "هذا ما لامسناه لدى الأطفال خلال فترات الصراعات المسلحة والأعاصير التي شهدتها ليبيا خلال الفترة الأخيرة".
وحول آليات التعامل مع الانعكاسات التي قد تصيب الطفل بعد الأزمات قالت إلهام دبوب إن المساندة أو الدعم النفسي من قبل الأسرة والمجتمع للأطفال المعرضين للكوارث والأزمات لها دور مهم، من خلال الحوار لتنمية روح القيادة والشعور بالانتماء لديهم، لافتةً إلى دور المدارس والمؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني في التوعية من آثار الصدمة الطبيعية وغير الطبيعية على الأطفال، وتخفيفها من خلال الحوار والنقاشات والاستماع لمشاكلهم، وهذا ما يعرف باسم العلاج الذاتي للأطفال والذي يكون بشكل ممنهج ومنظم حول آلية توطيد وتمكين ودمج الطفل المعرض للكوارث والأزمات والصراعات في المجتمع، بالإضافة إلى تعزيز دور البرامج والأنشطة الثقافية لدى الطفل لتنمية فكره ومواهبه وتوفير أجواء مريحة له.