الحروب تدفع النسويات في مصر لمراجعة دعاية حقوق الإنسان العالمية
هناك العديد من التغيرات التي فرضت نفسها على الساحة النسوية والحقوقية بشكل عام عقب الحروب الأخيرة سواء في السودان أو فلسطين وهو ما جعل المشهد المصري المحلي يتأثر وربما يشهد عدة تغيرات خلال العام الجديد.
أسماء فتحي
القاهرة ـ الحرب لا تفرق بين النوع أو اللون أو الانتماء ولكن هناك فئات هي ولا تحتمل مثل تلك الأجواء ومنها النساء والأطفال الذين ارتفع إجمالي ضحاياهم خلال العام الماضي، وتحول المشهد لقنبلة فجرت في الأفق تساؤلات عديدة حول ما أعلن بشأن ملف حقوق الإنسان.
مما لا شك فيه أن الحروب في البلدان المجاورة لمصر ستؤثر على الحركة النسوية فيها وتحدث تغيير في بعض أنشطتها وملفات عملها، بل وعلاقاتها الدولية، فهناك عدد ليس بالقليل من اللاجئين أصبحوا جزء من المجتمع وباتت لهم متطلبات واحتياجات وأفكار تحتاج التعامل معها، وهو الأمر الذي اهتمت به أغلب المؤسسات وغيرها من الأمور التي من المؤكد أنها ستغير في العمل المستقبلي خلال العام الجاري.
قالت مؤسسة جمعية "صبية" للمرأة والطفل نهلة الضبع أن الموقف صعب للغاية فمنذ بداية الحرب والأفكار تتراكم بشأن واقع القضايا المطروحة خاصة أن النساء والأطفال الأكثر تأثراً بالكوارث الكبرى وفي مقدمتها الحروب.
وأكدت أن للحرب التي تحدث في غزة دور كبير ومؤثر على المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ووضعت المؤسسات المختلفة ومنها الأمم المتحدة في اختبار حقيقي مع ما تصدره من أفكار حول الحقوق الإنسانية نظراً للتطرف الكبير الذي مارسته إسرائيل في الحرب وهو الأمر الذي طرح عدد من التساؤلات عن العلاقات والشراكات والعمل الحقوقي بشكل عام خاصة ما بعد انتهاء الحرب وهو أمر بحاجة لجهد كبير جداً.
وأوضحت أن الفكرة السائدة التي يتم العمل عليها قبل الحرب كانت تستهدف العمل في إطار المواثيق الدولية الداعمة للحقوق والمعززة لها والدعم القانوني والإنساني، وبعد الحرب بدأت الكثير من الأفكار ترتبك وأيقن عدد ليس بالقليل من المعنيين بالملف الحقوقي أن هناك تصدير لمبادئ حقوق الإنسان وليس إيماناً كاملاً بها، واعتناق حقيقي لها وهو الأمر الذي كشف عنه واقع الحرب وأثبت وجود قمع حقيقي في بلاد التحضر التي تصدر تلك الأفكار الحقوقية.
وأضافت أن هناك أكثر من 6 مليون نازح في السودان، واغتصاب جماعي للنساء في الطرقات، وهناك ممارسات تنال من الفلسطينيات، وقتل أكثر من 10 الآلاف طفل في الحرب الأخيرة في غزة، وكل ذلك تم على مسمع ومرأى جميع المؤسسات في جميع أنحاء العالم، وبعضها انحاز للمعتدي، بينما وقف عدد آخر متفرج ولم يحرك ساكناً تجاه تلك الجرائم.
واعتبرت أن المؤسسات النسوية بالفعل ستتأثر بالأحداث والحروب في المنطقة لأن هناك مؤسسات دولية داعمة لها خيارات باتت واضحة ومكشوفة لا تعبر عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
وأشارت إلى أن خيارات أغلب المؤسسات المحلية أيضاً باتت واضحة، وهو الأمر الذي جعلها في محل مراجعة آنية للأجندات والعلاقات الخارجية ودراسة الملفات بناء على ما تم إعلانه من مواقف في الفترة الأخيرة.
وأضافت أن المشهد بشكل عام يحتاج لمراجعة ولا يجب أن تظل الأمور كما هي فجمعية "صبية" قررت بشكل معلن عدم تلقي أي منح أو دعم أو فتح آفاق تعاون مع مؤسسات تدعم من ينتهكون حقوق الإنسان خاصة إسرائيل معتبرة أن ذلك أقل ما يمكنهم فعله تجاه الانتهاكات.
وكشفت نهلة الضبع أن عدد اللاجئين زاد في مصر وهو أمر مؤثر في أنشطة ومشاريع المؤسسات النسوية وهو ما سيحمل المؤسسات النسوية دور كبير في تقديم الدعم النفسي والقوانين وأيضاً التوعية لهم فضلاً عن العمل على إدماجهم في المجتمع المحلي مما سيتطلب تدخل من الدولة وجهد مضاعف من جميع القوى المدنية المهتمة بالعمل على الحقوق والحريات.