الهجرة ليست الخيار الأفضل... نساء تبحثن عن مستقبل أفضل
تواجه النساء في إيران وشرق كردستان العديد من التحديات والمشاكل، وللهروب من هذه المشاكل والأمل بحياة أفضل ومستقبل مضمون، تخترن طريق الهجرة غير الشرعية.
شيما قادر زاده
خوي ـ أصبحت الهجرة إحدى الخيارات المتاحة، وخاصة بالنسبة للنساء مع صعوبة ظروف الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في ظل الوضع الراهن في إيران.
تختار النساء في الغالب الهجرة لأسباب اجتماعية وثقافية كالتعليم، والعمل والزواج وهي طرق قانونية لهجرة النساء في إيران، لكن لبعض الوقت، أصبح استخدام الطرق غير القانونية، خياراً أفضل على الرغم من المخاطر الكثيرة.
الهجرة القانونية
هاجرت العديد من النساء من إيران عبر الطرق القانونية في السنوات الأخيرة. العديد من هؤلاء النساء متخصصات وماهرات ومتعلمات وتغادرن بلادهن بنية العمل أو مواصلة تعليمهن.
وترتبط معظم هجرة العمل بأخصائيات التجميل والممرضات والأطباء وأطباء الأسنان وما إلى ذلك ووجهة العديد من مصففات الشعر هي الدول المجاورة لإيران، مثل العراق وتركيا ولكن بالنسبة للوظائف الأخرى، فإن أوروبا وأمريكا وخاصة دول مثل ألمانيا وكندا لديها المزيد من الراغبين.
تقول شارمين مولودي، ممرضة تبلغ من العمر 29 عاماً، هاجرت مؤخراً إلى ألمانيا "أخذت إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة عام ثم أتيت إلى ألمانيا ووجدت عملاً هنا وقد هاجرت بتأشيرة عمل. العيش في المنفى ليس بالأمر السهل، فقد واجهت العديد من التحديات والمشاكل من التأخير وانخفاض الرواتب إلى الثقافة والقوانين المناهضة للنسوية في مكان العمل والمجتمع، مما جعل من الصعب جداً عليّ البقاء".
إحدى الطرق الأخرى للهجرة هي استخدام تأشيرة الدراسة، والتي تحظى بشعبية كبيرة بين جيل الشباب والطلاب والعديد من أولئك الذين يهاجرون بهذه الطريقة يتقدمون لمواصلة دراستهم على مستوى الدراسات العليا والدكتوراه في الجامعة.
وعدد قليل من هؤلاء الأشخاص لديهم أموال ومنح دراسية، والعديد منهم يضطرون إلى دفع نفقات تعليمهم وجامعاتهم، وبعد انتهاء دراستهم، عليهم تحويل تأشيرة الدراسة إلى تأشيرة عمل.
روزان كريمي طالبة دراسات عليا في كندا تقول "الكثير منا عندما نجري مقابلة في سفارة البلد الذي نريد القدوم إليه، نقول إننا نعود إلى بلدنا بعد انتهاء تعليمنا، لكن نسبة صغيرة جداً من الناس، وخاصة النساء، يعودون إلى إيران. لأن إيران ليست مكاناً للتقدم بالنسبة للنساء المتعلمات، والعديد من النساء الحاصلات على تعليم أكاديمي مهمشات".
الهجرة غير الشرعية
وتعد الهجرة غير الشرعية إحدى الطرق المحفوفة بالمخاطر التي يلجأ إليها الكثير من الناس منذ بعض الوقت والوجهة الأساسية لأولئك الذين يتصرفون بهذه الطريقة هي تركيا ومن ثم أوروبا وفي هذه الأثناء، تهاجر النساء اللاتي تعانين من مشاكل اجتماعية وثقافية بهذه الطريقة في كثير من الأحيان.
لا تتمتع المرأة في إيران بالحق في مغادرة البلاد، والحق في الطلاق، والحق في حضانة أطفالها، ولذلك تواجه العديد من النساء هذه المشكلة وترغبن في الوصول إلى حياة عادلة وعادية لوحدهن أو مع أطفالهن من خلال هذه الطريقة الخطيرة.
والهجرة غير الشرعية للأشخاص المتورطين أيضاً في مشاكل سياسية، خاصة بعد انتفاضة " Jin Jiyan Azadî" الثورية أكبر بسبب خمول مؤسسات حقوق الإنسان داخل إيران والاختناق الذي يسود هذا البلد، فالعديد من النساء بعد الانتفاضة أجبرن على مغادرة إيران وشرق كردستان بوسائل غير قانونية؛ وفرت العديد من هؤلاء النساء إلى إقليم كردستان أو تركيا لكن في هذه البلدان، وبسبب عدم وجود قوانين لحماية اللاجئين، وخاصة طالبي اللجوء السياسي، اضطررن إلى مغادرة هذه البلدان والتوجه إلى طرق خطيرة وغير قانونية.
سناء. ق إحدى الناشطات والصحفيات المقيمات في أورمية، تقول عن تجربتها في الهجرة "أنا وزوجي ناشطين مدنيين وصحفيان، كانت لدينا جمعية بيئية، وفي أحد الأيام اتصل أحد المحققين وقال لزوجي 'يجب أن ترسل لي معلومات شهرية عن الجمعية ومن يوجد فيها' وطلب التعاون بشكل غير مباشر، وأبلغنا وسائل الإعلام بذلك، وتم تهديدنا بالاعتقال كما قررنا الهجرة بسبب الظروف الصعبة وبقينا في شمال كردستان لمدة ثلاثة أشهر، ثم قرر المهرب إرسالنا إلى إيطاليا وفي اليوم الثالث عندما دخلنا السفينة، ثقبت وكانت السفينة قريبة من جزيرة وأوصلتنا إلى هناك وغرق قارب مهاجرين أمامنا ومات العديد من ركابه واعتقلتنا الشرطة التركية ووضعتنا في موقف صعب. أصبحت قضيتنا إعلامية للغاية، ساعدنا العديد من النشطاء، ولكن حتى لو كنت ناشطاً سياسياً وصحفياً في تركيا، فليس لديك أي فرصة لعدم ترحيلك وكان هناك العديد من الناشطين داخل المخيم الذين احتُجزوا هناك لمدة عام دون اتخاذ قرار. كما حصلنا على محام وجاء إلى المعسكر وقال 'إنني سأوقف ترحيلك، لكن ليس من الواضح كم من الوقت ستبقى في المعسكر'. وقعنا على خطاب الترحيل وبعد بضعة أيام تم ترحيلنا إلى إيران بالقرب من حدود ماكو ولقد تم استدعاؤنا في الصباح الباكر وتهديدنا بالاعتقال".
وأضافت "لقد قطعنا طريقاً صعباً، لم تكن لدينا الظروف الجيدة للبقاء، ولم يكن الوضع يسمح لنا بالرحيل وبعد هجرتنا الفاشلة، قررت البقاء وسط ظروف صعبة. لقد كنت مثالية للغاية، وشعرت أن الوضع سيتغير مع تقدمي لكن وضع المهاجرين ليس جيداً في أوروبا أيضاً. البقاء في وطني الأم أثمن بالنسبة لي لأنه إذا رحلت النساء والصحفيون والأكاديميون، فلن يبقى أحد لخدمة المجتمع".
مخاطر الطرق غير القانونية
الطرق غير القانونية تعرض حياة الآلاف من الأشخاص للخطر كل عام، ومن آخر الأخبار عن ضحايا هذا الطريق غير القانوني ما يتعلق بغرق 76 راكباً في المياه المفتوحة بين اليونان وإيطاليا، من بينهم 26 طفلاً وامرأة حامل ومعظم الركاب من إيران وشرق كردستان وإقليم كردستان، تم إنقاذ 11 شخصاً فقط.
ورغم أن هذه الأمثلة كثيرة، فباستثناء خطر الغرق، قد يعتقل المسافرون في دول مثل اليونان ويقبعوا في سجون أو معسكرات لا تختلف عن السجون. بالنسبة للسجناء والناشطين السياسيين الذين يضطرون إلى الهجرة بطريقة غير شرعية، فإن الخطر الأقل هو الترحيل قبل الوصول إلى الوجهة الرئيسية والعودة إلى بلدهم عبر دول مثل تركيا واليونان ومع ذلك، قد لا يتمكن هؤلاء الأشخاص من الحصول على اللجوء بعد وصولهم إلى بلدان وجهتهم ومع ذلك، بالنسبة لكثير من الناس، تعتبر الهجرة واللجوء طريقة مختلفة للحياة؛ حيث حياتهم لن تكون في خطر.
بالنسبة لأغلب الناس، تشكل الهجرة خياراً قسرياً ونافذة أمل لمستقبل أفضل وفي أغلب الحالات، يتم الحصول على نافذة الأمل هذه في بلد المرء، بالجهد والمقاومة، والهجرة ليست دائماً خياراً ناجحاً.