الإرشاد النفسي يساهم بتحسين الوضع النفسي للأطفال والنساء
يعمل مركز الدعم النفسي في مقاطعة كوباني بشمال وشرق سوريا على مساعدة الأطفال والنساء اللواتي لديهن مشاكل نفسية عن طريق العديد من السبل كالرسم والجلسات الحوارية
نورشان عبدي
كوباني ـ .
كان للظروف الاجتماعية والحروب في عامة المناطق والمدن السورية تأثير كبير على جميع شرائح المجتمع ومن بيهم الأطفال والنساء مما أثر على نفسية الأطفال بشكل سلبي، وهذا ما يدفهم للجوء لمراكز الدعم النفسي بهدف المعالجة.
يعد مفهوم الدعم النفسي للأطفال والنساء عملية تتضمن مجموع الخدمات التي يحتاجها الطفل والأسرة من خلال برامج وقائية وعلاجية، هدفها تحقيق قدر جيد من التوافق النفسي والاجتماعي للطفل والأسرة وزيادة ورفع انتاجيتهم ودافعيتهم في مختلف المجالات.
المرشدة النفسية مقبولة بركل والتي تعمل منذ 6 أعوام في مجال الدعم النفسي للأطفال والنساء قالت أن عملهم في المركز "يرتكز على دعم أطفال المخيمات والنازحين الذين كانوا متواجدين في مقاطعة كوباني"، مضيفةً "قدمنا دعم نفسي للأطفال اليتامى في الميتم، كما عملنا فترة مع أطفال روضة هيفي لذوي الاحتياجات الخاصة"، مبينةً أنه "يجب إعطاء دعم نفسي للأطفال في كل مركز لمدة ستة أشهر، ولكن منذ ما يقارب عام افتتحنا مركز خاص للدعم النفسي نستقبل فيه أطفال تتراوح أعمارهم ما بين الـ 7 حتى 13 عاماً، تقدم لهم جلسات الدعم النفسي مرتين في الأسبوع".
وحول الحالة النفسية للأطفال بينت "نتيجة لظروف الحرب والأوضاع الاجتماعية هنالك المئات من الأطفال الذين وصلت حالتهم النفسية لوضع متأزم يفتقدون للكثير من مقومات الحياة التي يحتاجونها، ونحن في مركزنا نعمل بقدر المستطاع لتحسين وضعهم النفسي"، مضيفة "عبر العديد من الطرق ندعم الأطفال من الناحية النفسية منها بالألوان والرسم ومن خلال رسوماتهم نستطيع تحليل وضعهم النفسي وعلى هذا الأساس نبدأ بمرحلة المعالجة، كما تشمل المعالجة جلسات حوار".
فقد الكثير من الأطفال أسرهم خلال الحرب التي تستمر منذ أكثر من 10 سنوات، كما أن مرتزقة داعش عندما سيطروا على مقاطعة كوباني ارتكبوا مجزرة في 25 حزيران/يونيو 2015 تقول مقبولة بركل عن ذلك "العديد من الأطفال يعيشون المصاعب في ظل الحروب والخوف والنزوح. لدينا في المركز الطفلة فيان وهي واحدة من أطفال كثر فقدوا غالبية أفراد عائلتهم".
فيان طفلة صغيرة فقدت إخوتها وعائلتها في المجزرة التي ارتكبها مرتزقة داعش في مقاطعة كوباني وتعيش مع أطفال من عائلة أخرى ولكنها لم تعرف بأنهم ليسوا إخوتها "عندما ترسم فيان تظهر خلال رسماتها العنف والخوف والمأساة التي عاشتها بالرغم من صغر سنها تظهر كافة مشاعرها برسوماتها". وعن أهمية الرسم بالنسبة للأطفال والمرشدين النفسيين قالت "يعتبر الرسم الوسيلة الوحيدة التي يستطيع الطفل التعبير من خلالها، نلاحظ خلال جلسات الرسم بأن الأطفال يرسمون في لوحاتهم الدماء والأسلحة والتعنيف، نادراً ما نجد طفل يرسم الورود والأزهار وما شابه وهذا يعود للظروف التي ترعرع الطفل فيها وخلقت داخله شعوراً بالحقد والانتقام".
وبينت أن مسؤولية إخراج الأطفال مما يعيشونه تقع على الأم والأب "في مجتمعنا عندما يحدث نقاش بين الوالدين يكون أمام مسمع وأعين الأطفال وهذا يؤثر على نمو عقل وشخصية الأطفال، ولكي نتفادى ذلك ولنساهم من أجل أن يعيش أطفالنا ظروفاً مناسبة يجب تأمين حياة مناسبة لهم فأكثر ما يؤثر على الطفل هو الخوف والقلق الذي نعيشه في ظل الانتهاكات والتهديدات التركية على مناطقنا"، متسائلة "ماذا سننتظر من أطفال يكبرون في ظل هذه الظروف والبيئة".
العديد من الأساليب لدعم الأطفال نفسياً
من أهم أساليب الدعم النفسي للأطفال هي التفريغ عن طريق الرسم والتلوين الفردي أو الجماعي والتفريغ عن طريق اللعب والأنشطة البدنية وممارسة الهوايات المفضلة لدى كل طفل، وأيضاً عن طريق الرحلات والحفلات والفعاليات الترفيهية التي تنظم من أجل الأطفال، وقراءة القصص والأناشيد ومشاهدة أفلام الكرتون والمسرح.
ويجب إخضاع الطفل المتأزم نفسياً لجلسات الحوار والنقاش الموسع للبوح والفضفضة لتسهيل مرحلة الإرشاد النفسي وتوعيته من الناحية الفكرية والنفسية.
عن ذلك تقول مقبولة بركل "نسعى بقدر المستطاع لإخراج أطفالنا من هذه الظروف من خلال الألعاب والفعاليات الترفيهية، هذا ويوجد الكثير من الأطفال الذين لم يخضعوا لأي جلسة نفسية، ونعمل في المرحلة المقبلة لاستقبالهم في مركزنا من أجل اتاحة الفرصة لهم أيضاً".
وفي ختام حديثها لفتت المرشدة النفسية مقبولة بركل إلى حالات الانتحار لدى النساء "من ضمن عملنا نرتكز على مواضيع الانتحار التي تصل لها المرأة نتيجة للعنف المجتمعي. وبعد العديد من النقاشات والحوارات معهن وصلنا لقناعة تامة بأن الضغط النفسي والوضع المعيشي هما السببين الرئيسيين اللذين يصلان بالمرأة لاختيار وضع حد لحياتها، وعلى ذلك سنعمل في الفترات المقبلة بشكل موسع من أجل توعية النساء وتقوية ارادتهن لعدم استسلامهن للمشاكل العائلية مهما كانت فالمرأة لديها قدرة على تحمل المسؤولية أكثر من الرجل". داعيةً النساء اللواتي يعانين من مشاكل نفسية للتوجه إلى المركز لمساعدتهن.
يعمل مركز الدعم النفسي لوضع مخططات العمل للمستقبل وهو إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر نداءات للنساء المعرضات للعنف والأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية لكي يتجهون للمركز لمساعدتهم وبكامل السرية ويشترط بألا تتجاوز أعمار الأطفال الـ 15 عاماً والنساء بشكل عام من جميع الفئات العمرية.