الانتفاضة الأخيرة في إيران تؤثر بشكل كبير وإيجابي على مجال الفن

على الرغم من التمييز بين الجنسين والضغوط الاجتماعية والثقافية، خاضت نساء شرق كردستان نضالاتهن ضد المجتمع الأبوي ومهدن الطريق للأجيال القادمة، وبدأت نضالاتهن من رغبتهن في الاستقلال ودخول مجالات يحتكرها الرجال.

لارا جوهري

مهاباد ـ إن تألق المرأة في مجال الفن وحتى السير على هذا الطريق قد واجه العديد من الصعوبات، خاصةً في شرق كردستان لدرجة أن النساء تصبحن ضحية وتتعرضن لضغوط ومضايقات لا تطاق، لكن الرغبة في الازدهار والنضال من أجل المساواة متجذرة في نفوس نساء شرق كردستان ولا يوجد أي عائق يمكن أن يمنعهن من تحقيق أحلامهن.

للتعرف على الصعوبات والتحديات التي واجهت نساء شرق كردستان في مجال الفن، أجرت وكالتنا حوار مع الشاعرة والكاتبة روجين حبيبي (اسم مستعار) تبلغ من العمر 60 عاماً من مدينة مهاباد، وهي متزوجة ولديها أطفال، واشتهرت أشعارها بين كتّاب شرق كردستان وقد نشرت عدة كتب باللغة الكردية، وكانت معلمة لمدة خمسة وثلاثين عاماً.

 

ما هي القضايا والتحديات التي واجهتها في المجتمع كامرأة وكاتبة؟

قضيت حياتي ما بين الشعر والتعليم والكتابة وراوية قصص الأطفال، وواجهت العديد من التحديات والصعوبات، وناضلت من أجل حقوقي منذ الطفولة. لم يسمح والدي لي ولشقيقتي بالذهاب إلى المدرسة، ولكن والدتي أرسلتنا إلى المدرسة دون علمه، ولم يدرك ذلك حتى الصف الخامس تقريباً، في ذلك الوقت أُرسلت رسالة إلى والدي وبدأت في قراءتها فتفاجأ لأنني أعرف القراءة، كنت خائفة قليلاً، لكني أخبرته أنني لو كنت قد ذهبت إلى المدرسة في وقت سابق، كان بإمكاني أن أقرأ له خطاب وكتاب، فصمت والدي وغادر الغرفة وبعد ذلك لم يمنعنا من الذهاب إلى المدرسة.

في المرة الأولى التي كتبت فيها قصيدة، عرضت دفتر أشعاري على أحد أساتذتي وقال بنبرة عالية إن النساء لا تمتلكن موهبة لكتابة الشعر، عليهن أن تبحثن عن زوج صالح وتقبعن في المنزل. كانت هذه هي المرة الأولى التي أعرض فيها قصائدي على شخص ما، وكان رد المعلم قاس جداً لدرجة أنني لم أعد أستطيع الكتابة، لكن اهتمامي بالأدب بقي في روحي لسنوات عديدة ودونتها في دفاتري دون أن أنشر أي منها.

ولاحظت أن أحد أبنائي أصبح مهتم بالأدب في سن المراهقة ويكتب الشعر، فأخذته إلى فصول الشعر والوزن والقافية، وجلست بجانبه وكنت مهتمة جداً بالمناقشة وبدأت التعلم معه وبعد هذه الدورة التدريبية، شاركت في بعض المنتديات الأدبية وقرأت قصائدي وكان هناك إقبال كبير على المنتدى الأدبي.

 

ما هي بيئة العمل للكاتبات في شرق كردستان؟

ترى الثقافة السائدة أن المرأة أدنى من الرجل في كافة المجالات خاصةً في مجال الفن ويضيق الرجال عليهن المجال، كما أن المجتمع في إيران وشرق كردستان لا يتقبل فكرة أن تجلس المرأة بين مجموعة مختلطة وتقرأ الشعر. عندما تكتب امرأة قصيدة تصف فيها رجلاً، يتفاجأ الجميع، حيث لا تمتلك الحق في الحديث عن عواطفها حتى في قصائدها.

وتكتب بعض الكاتبات سراً، وليس لهن الحق في الانضمام إلى جمعيات أدبية مختلطة أو تلقي تدريب، ويجب أن يكون لديهن دائرة اتصال محدودة، فإذا عقدت مؤتمرات خارج الدولة والمدينة، تُمنع النساء من المشاركة فيها من قبل أزواجهن أو آبائهن، ومنهن من لا يُسمح لهن بنشر بعض أعمالهن. ويرغب بعض الناشرين أن تُفرض رسوم أكبر على النساء في حال نشرن كتبهن.

 

ما هي الجهود التي بذلتيها ضد القوانين الأبوية في المجتمع؟ وبعد الانتفاضة الأخيرة، هل أصبح المجتمع أكثر انفتاحاً أم أكثر محدودية؟

في البداية واجهت والدي وأشقائي وثم زوجي ومن ثم المجتمع بأسره، كنت أول امرأة تمثل في فيلم "في مدينتي" وحاولت كسر القيود التي يفرضها المجتمع على النساء والفتيات، لم أترك تلك القيود أن تدفعني إلى الهامش. وعلمت الكثير من النساء القراءة والكتابة وقمت بتوعيتهن من أجل مستقبل مزدهر.

شكلت مجموعة نسائية ووفرنا شروط للكاتبات لنشر أعمالهن، وحصلت على دعم مالي لهن حتى تتمكن النساء من الحصول على مكانهن في الأدب. فسلاح الكاتب قلمه، ونقاتل بقلمنا، ونكتب آلامنا ورغباتنا ليقرأها الجميع.

أثرت انتفاضة جينا أميني بشكل كبير على كافة المجالات خاصة في مجال الفن، وتواكب الكاتبات والشاعرات المجتمع وتغيراته، وهذا التغيير واضح ليس فقط في الفن، ولكن أيضاً في أسلوب تواصل وتعامل المجتمع مع النساء والفتيات في كافة المجالات. لقد تغيرت حرية المرأة وقبولها في المجالات الفنية، وكانت هذه الانتفاضة بمثابة ضربة للمجتمع الأبوي في إيران.

في هذه الانتفاضة تجاوزت قصائد النساء كتابات أخرى ونشهد توسع مستمر للأصوات النسوية. هذه الترانيم مفعمة بالأمل وكأن روح المقاومة والنضال قد نفخت فيها، وسمع صوت المرأة وانتفاضتها في هذه الكتابات بشكل أوضح وبلاغة أكثر من ذي قبل.