الأمية خطر يهدد مستقبل الأطفال والفتيات في إدلب
تشير إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى أن أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة.
هديل العمر
إدلب ـ مع امتداد رقعة الحرب السورية وانهيار منظومة التعليم بشكل غير مسبوق في إدلب، تتزايد أعداد الأطفال الأميين الذين حرمتهم الحرب من أدنى حقوقهم في التعليم ومتابعة دراستهم.
يأتي حرمان أطفال إدلب من التعليم في ظل غياب الاهتمام بالتعليم وقلة عدد المدارس العامة، وخاصة في أماكن النازحين ما أدى لتفاقم ظاهرة الأمية في تلك المناطق دون أي حلول أو بدائل للحد من انتشار هذه الآفة الخطيرة التي تهدد مستقبل آلاف الأطفال الذين لا يجيدون أدنى مستويات القراءة والكتابة والعمليات الحسابية.
يعاني الطفل محمد الراشد البالغ من العمر 11 عاماً، وهو نازح في مخيمات مشهد روحين شمال إدلب، من صعوبات عديدة في حياته اليومية، بسبب عدم معرفته بأدنى أساسيات القراءة والكتابة، لعد قدرته على ارتياد المدرسة نتيجة النزوح المتكرر والأوضاع الأمنية المتردية.
يقول محمد الراشد إنه لم يرتاد المدرسة طيلة حياته بسبب النزوح وحالة عدم الاستقرار التي مرت بها عائلته على مدى سنوات الحرب، ما أدى لجهله في أبسط الأمور التعليمية التي يحتاجها في حياته اليومية.
وأوضح أن عدم وجود مدرسة في المخيم الذي يقطنه، حال دون إمكانية تخلصه من الجهل والأمية، إذ أن أقرب مدرسة عليهم تبعد حوالي 6 كيلومترات عن المخيم الذي يقطن به.
ولا يخفي الطفل معاناته المستمرة واليومية كونه لا يجيد القراءة والكتابة، حيث أنه يحتاج إلى مساعدة أصدقائه في قراءة الرسائل النصية، بالإضافة للعمليات الحسابية وخاصة أثناء عمله في مهنة الحدادة.
وأشار إلى أنه سجل في دورة لمحو الأمية في إحدى المراكز التعليمية المجانية، وهو ينتظر انطلاق الدورة في محاولة منه للتخلص من الأمية وتعلم بديهيات التعليم من خلال تمكنه من القراءة والكتابة الصحيحة كحد أدنى.
وتشير إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى أن أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة.
ولفت أهالي إدلب إلى أن افتقار المنطقة للمدارس العامة، واقتصار التعليم على القطاع الخاص دفع معظم الأهالي لإيقاف تعليم أطفالهم بسبب التكاليف الباهظة التي تفوق قدرتهم.
"كل رفقاتي بيعرفوا يقرأو ويكتبوا إلا أنا وأختي" بهذه الكلمات تعبر راما العزيز البالغة من العمر 12 عاماً، عن حزنها وألمها لعدم معرفتها بأساسيات القراءة والكتابة بعد أن حال النزوح والتهجير بينها وبين دراستها ومتابعة تحصيلها العلمي.
وتقول والدتها رندا الراغب البالغة من العمر 35 عاماً "ما باليد حيلة" في إشارة منها إلى صعوبات التعليم التي تشهدها مناطق المخيمات في إدلب، وعدم قدرة زوجها على تحمل نفقات التعليم المرتفعة لطفلتيها، في الوقت الذي بالكاد يستطيع فيه تأمين بعض المستلزمات الأساسية للحياة.
وأوضحت أن العمليات العسكرية والقصف العشوائي الذي كان يطال المدارس في مدينة خان شيخون، كان يدفعهم لعدم إرسال الطفلتين إلى مدرستهما خوفاً من الاستهداف، في حين لم يتمكنوا أيضاً من تسجيل الطفلتين في المدرسة في المخيم بسبب المبالغ الكبيرة التي تطلبها المدارس والتي لا طاقة لهم بها.
وأشارت إلى أنها غير راضية عن انقطاع طفلتيها عن المدرسة، ولكنها باتت مجبرة على ذلك، في ظل عدم وجود أي خيارات أخرى متاحة أمامهم سوى الانقطاع عن التعليم.
من جهتها تحذر إخلاص الحسن وهي موجهة تربوية في مدينة سرمدا شمال إدلب، من استمرار تفاقم ظاهرة الأمية بين الأطفال والمراهقين في محافظة إدلب، داعيةً الجهات التي من المفترض أن تكون معنية إلى تدارك الأمر والواقع التعليمي المتهالك الذي تشهده المنطقة.
وقالت إن الحالة الاقتصادية والمعيشية للسكان، والتي تزامنت مع انهيار المؤسسات التعليمية، دفعت قسم كبير من الأهالي لعدم إرسال أطفالهم إلى المدارس بسبب غياب الاهتمام وحالة الفوضى التي التمسوها في القطاع التعليمي العام إن وجد.
وأكدت على أنه من الضروري تفعيل دور المراكز التعليمية وبناء المدارس في المخيمات النائية التي تفتقر لأدنى مقومات التعليم، بالإضافة لتكثيف دورات محو الأمية التي تستهدف مختلف فئات المجتمع، وذلك للحد من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة التي ستودي بأجيال متلاحقة إلى المجهول.