الألم يتحول إلى قوة دافعة نحو الحرية
يُعَدُّ العنف ضد المرأة من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها انتشاراً في ظل ضعف أدوات الحماية وعدم كفاية التدابير القانونية.
ليبيا ـ في إطار حكاية مؤلمة من العنف والقهر، تبرز قصة فتاة ليبية تواجه واقعاً صعباً وتحلم بحياة أفضل. تتجسد هذه الحكاية في شخصية (خ. م)، شابة من قرية نائية في ليبيا، تعرضت لعنف أسري وظلم لمدة خمس سنوات قبل أن تقرر الفرار من هذا الجحيم.
كانت بداية الكابوس في عام 2015، حينما عرض على (خ. م) الزواج من رجل أكبر منها بعشرين عاماً، رجل متعدد الزيجات وكثير الطلاق. كانت هي الزوجة الثالثة، وافقت بضغط من عائلتها دون أن تعرف تاريخه المظلم مع سابقاتها.
في الأسبوع الأول من زواجها، اكتشفت وحشية زوجها تجاه زوجاته، اللاتي كنا عالقات في المنزل بلا أدنى حقوق، صدمت حينما كُتبت لها شروط العبودية، تلك القوانين التي جعلتها تشعر وكأنها في سجن، حيث يُحظر عليها كل شيء؛ الخروج، الصداقات، حتى استقبال الأصدقاء.
رغم رغبتها في استكمال دراستها في المدينة والذي كان الشرط الأساسي لزواجها، ولكن لم تجد سبيلاً لتحقيق الشرط سوى الهروب إلى منزل خالتها. لكن عاد زوجها بعد عام، واكتشفت حينها حملها منه، وكشفت أسراراً مروعة عن ماضيه، بما في ذلك جريمة قتل لطفله الرضيع وتعنيف نسائه.
بعد ولادتها للجنين، أُجبرت على العودة إلى بيت الزوج، مجبرة من قبل أهلها، فعاشت في خوف ورعب، تحمل همومها وهموم ابنها.
منعت من الخروج حتى لشراء الضروريات، وعندما مات رضيع إحدى زوجاته التي انجبته في المنزل بعد ولادة عسيرة وبقت جثته في أحضان والدته ثلاث ليالٍ اقتنعت أن هذه الحياة ليست الحياة التي تريدها لابنها، ووجدت في هذه القصة المأساوية للطفل الرضيع فرصة للهرب وإقناع أهلها، وعلى الرغم من محاولات إعادتها المتكررة، طلبت الطلاق وواجهت خياراً صعباً بين أبنها والحرية.
رفضت الحلول المفروضة وفرّت في عام 2019 إلى المجهول، في طريقها نحو مصير لا يُعرف، متمسكة بأمل قوي في إعادة بناء حياتها المحطمة. فقد تعلمت بألم أن الحرية لا تأتي بسهولة، وأن الشجاعة في مواجهة الظلم هي الخطوة الأولى نحو النور والحرية الحقيقيين.
رغم استمرارها في النضال من أجل حياة أفضل لها ولطفلها بامتهان بعض الأعمال، تبقى قصتها تذكيراً بأهمية تعزيز حقوق المرأة وحمايتها من العنف والظلم في جميع أنحاء العالم.