الاحتلال التركي يحارب الأهالي بحرق محاصيلهم

ما بين ترقب لجني المحاصيل والخوف من تعرضها للقصف من قبل الاحتلال التركي، مساحات واسعة من الأراضي الزراعية مهددة بالحرق كإحدى سياسات الدولة التركية للنيل من إرادة شعوب المنطقة.

سيلفا الإبراهيم
منبج ـ
في الوقت الذي ينتظر فيه الأهالي اصفرار السنابل لبدء موسم الحصاد، يقوم الاحتلال التركي بقصف المناطق القريبة من مناطق سيطرته، الأمر الذي يبث الرعب في نفوس الأهالي خوفاً من خسارة محاصيلهم.
يعتمد أهالي الريف في دخلهم على الزراعة وتشتهر مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا كغيرها من المقاطعات الأخرى بكثرة محاصيل القمح والشعير، وعند اصفرار السنابل وحلول موسم الحصاد، تصبح هدفاً للاحتلال التركي ومرتزقته، وهذا ما يقلق الأهالي القاطنين في القرى المحاذية للمناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال التركي.
فينتشر في الريف الشمالي حتى الريف الغربي لمقاطعة منبج ما يقارب 3060 من الأشجار المثمرة، و2670 هكتار من الأراضي البعلية، وقد احترق منها ما يقارب 250 هكتار من محصول القمح في قرية إيلان ومساحة 200 هكتار مزروعة بأشجار الزيتون، وما يزيد عن 35 هكتار في قرية الصيادة للمحاصيل، و25 شجرة مثمرة، وأما في قرية بوغاز أيضاً 10 هكتار مزروعة بأشجار الزيتون، وفقاً لما أفاد به مجلس بلدة الفارات.
وفي هذا السياق قالت عبير حمو من قرية بوغاز التابعة لبلدة العريمة الواقعة غرب مقاطعة منبج وهي محاذية لأرياف الباب المحتلة من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، "تتعرض مواسمنا الزراعية سنوياً للحرق من قبل الاحتلال التركي نتيجة قصفه المستمر، وقد تعرضت مساحات واسعة من أراضي الزيتون للحرق بسبب الحرش المتواجد فيها الذي يسهل الاشتعال، كما أنه لا يمكننا الدخول لأراضينا الزراعية والاستفادة منها لأنها عرضة للاستهداف العشوائي".
وكما ذكرت أنه في إحدى المرات تعرضت وعائلتها للاستهداف "في الموسم الماضي لجني محصول الزيتون وأثناء توجهنا إلى الكروم تعرضنا للاستهداف من قبل طائرة مسيرة وأصيب زوجي، ونجونا من الموت بأعجوبة إلا أن ذلك خلف خوفاً في نفوسنا حتى أطفالنا، باتت أرزاقنا وأرواحنا بيد الاحتلال التركي"، مشيرةً إلى أن "أشجار الزيتون التي تعرضت للحرق، تعبنا في زراعتها والعناية بها على مدار عشرون عاماً واليوم وبكل بساطة تصبح رماداً بسبب عنجهية الاحتلال التركي".
وأما عما تمتلكه من أراضي زراعية في خطوط التماس قالت "كمزارعين نملك مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالشعير والقمح وأشجار الزيتون، وقد احترق مؤخراً مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والأشجار التابعة لقريتنا في ساعات الليل المتأخرة"، معبرةً عن قلقها عما قد يتعرض له ما تبقى من محصول هذا العام "القصف لا يتوقف وهاجس الخوف من احتراق المساحات المتبقية يراودنا، لذلك نراقبها طوال الليل على أمل ألا يطالها القصف والحرق فهي كل ما تبقى لنا من هذا الموسم".
كما أكدت عبير حمو أن بيوتهم أيضاً تتعرض للقصف "قريتنا في مرمى نيران الاحتلال التركي وتتعرض بشكل مستمر للقصف، لذلك كنا مجبرين على ترك منزلنا والسكن في محيط القرية ولا تزال القذائف تقع بالقرب من منزلنا الأمر الذي يسبب الرعب لأطفالي، وحتى تعليمهم لا يسير بالشكل المطلوب فكلما تتعرض القرية لضرب أهرع لإحضارهم من المدرسة وإعادتهم إلى المنزل خوفاً من أن يطالهم القصف العشوائي".
ولفتت إلى أن "الاحتلال التركي يسعى من خلال هذه السياسة وهذه الأساليب لترهيبنا وإخراجنا من أراضينا، ولكننا لن نتخلى عنها مهما كلفنا الأمر فالبقاء هنا هو المغامرة بالحياة ونحنا نغامر بحياتنا في سبيل البقاء على أرضنا".
وفي السياق ذاته قالت كفاء العليوي من قرية إيلان من قرى بلدة العريمة الممتدة على الشريط الحدودي مع المناطق المحتلة "نعاني بشدة من القصف المتكرر للاحتلال التركي، ونحن الآن بصدد موسم الحصاد، وهذا القصف يتسبب بحدوث حرائق كبيرة في الأراضي الزراعية، ومؤخراً استهدف الاحتلال التركي محاصيلنا الزراعية وأشجارنا المثمرة، ومنذ 12 عاماً نعيش هذه الظروف من حرب وانتهاك لحقوقنا، وفاقم أوضاعنا سوء احتلال مناطقنا على يد الاحتلال التركي، لم يعد بإمكان الأهالي العمل في أراضيهم التي تتعرض للقصف بشكل مستمر وبالتالي تعريض حياتهم للخطر". 
وعبرت عن رفضها لهذه الهجمات والانتهاكات وقالت "نرفض تواجد الاحتلال التركي على أراضينا، كما نرفض انتهاكاته المتواصلة بحقنا والتي يسعى من خلالها لإجبارنا على ترك أراضينا واحتلالها وإحداث التغيير الديموغرافي الذي لطالما يسعى منذ أعوام لتحقيقه".
وفي سياق متصل قالت جميلة عبد القادر نازحة من مدينة حلب إلى قرية إيلان إنها كغيرها من النساء عانت خلال سنوات الأزمة السورية، حيث نزحت إلى مقاطعة منبج واستقرت في قرية إيلان، وخلال سنوات سيطرة داعش على مقاطعة منبج اعتقل زوجها من قبل مرتزقته وانقطعت أخباره "عانينا كثراً في ظل الأزمة، ونزحنا من مكان لآخر، واليوم نتعرض للقصف المستمر من قبل الاحتلال التركي، ناهيك عن الحرائق التي يخلفها وسط تغاضي نظر العالم عن هذه الانتهاكات".