إجازة الأمومة... حق مهدور للعاملات في القطاعين العام والخاص
أكدت عدة نساء من مدينة إدلب على ضرورة تشكيل فرق حقوقية نسائية تطالب بسن قوانين تحمي العاملات والموظفات وتضمن لهن حقوقهن في الأجور وتحديد ساعات العمل والإجازات.
هديل العمر
إدلب ـ لا تحصل النساء والموظفات في المؤسسات العامة والخاصة في إدلب، على إجازة الأمومة، وغالباً ما تتعرض الموظفة للفصل من الوظيفة أو انقطاع الراتب نتيجة غياب القوانين التي تمنح المرأة أحد حقوقها الأساسية والمشروعة للراحة من عناء الحمل والولادة وتبعاتها.
عادت رؤى العزيز (29) عاماً وهي ممرضة وموظفة في إحدى المشافي الخاصة، إلى عملها بعد أقل من أسبوع من ولادتها التي تصفها بالصعبة والشاقة، بعد أن رفضت إدارة المشفى الذي تعمل به إعطائها "إجازة الأمومة"، حيث اضطرت لأخذ إجازة بدون راتب لمدة أسبوع لإجراء عملية الولادة.
وقالت إنها وجدت نفسها مجبرة على العودة إلى عملها بعد أن باءت جميع محاولاتها بتمديد إجازتها بالفشل، ما دفعها لمتابعة عملها في ظل ظروف صحية صعبة وقاسية، بعد أن هددت بفصلها من الوظيفة في حال انقطعت عن الدوام لمدة تزيد عن فترة الإجازة.
وتعاني رؤى العزيز من أعراض صحية صعبة وقاسية أبرزها آلام الظهر والساقين، بالإضافة لآلام البطن الناتجة عن النفاس الذي يبدأ بعد الولادة والذي يحتاج إلى فترة راحة تتجاوز ستة أسابيع، وهو ما يضاعف من معاناتها المتمثلة بطول فترة الدوام ومشقة العمل.
وأضافت أن المؤسسات العامة والخاصة في مدينة إدلب، تحرم النساء من حقهن في "إجازة الأمومة" التي تكون من أبسط حقوق المرأة، وذلك نتيجة غياب القوانين التي أتاحت استغلال العاملات والموظفات وحرمانهن من أبسط حقوقهن في الأمومة والاعتناء بالمولود الذي يحتاج لعناية خاصة ومضاعفة.
وأشارت إلى أن طفلها يتغذى الآن على الحليب الصناعي نتيجة غيابها عنه لأكثر من 9 ساعات يومياً، بسبب عدم السماح لها باصطحابه إلى مكان العمل، وهو ما يحملها أعباء مادية إضافية تتمثل بغلاء الحليب المعلب والصناعي.
وعلى الرغم من حصولها على إجازة الأمومة، تفاجئت فاطمة الشيخ بكور (32) عاماً وهي موظفة في إحدى المؤسسات الإنسانية والإغاثية في إدلب، بانقطاع راتبها الشهري علماً أنها حصلت على إجازة لمدة ثلاثة أشهر.
وقالت إن المدير التنفيذي في المؤسسة أخبرها بأن إجازة الأمومة لن تكون مدفوعة الأجر، وهو ما دفعها لإلغاء الإجازة والعودة إلى عملها بعد أقل من أسبوعين على العملية القيصرية التي أجرتها أثناء ولادتها.
وأوضحت أنها تعرضت لمشاكل صحية كثيرة كان أبرزها التهاب فتق العملية، نتيجة عدم خضوعها لفترة راحة كافية، ما أجبرها على اخذ إجازة مرضية قصيرة بدون راتب، خوفاً من تفاقم أوضاعها الصحية، ولكنها لا تخفي نيتها في العودة إلى دوامها في حال انتهت اجازتها قبل انتهاء فترة علاجها.
وأشارت إلى ضرورة إلزام المؤسسات العامة والخاصة بإعطاء إجازة الأمومة للموظفات والعاملات وفق القوانين الإنسانية والقانون السوري الذي يتيح للمرأة إجازة لمدة 120 يوما تكون مدفوعة الأجر والراتب.
لم تكن مريم العلي (35) عاماً وهي مدرسة في إحدى المدارس شمال إدلب، أفضل حالاً من سابقتها حين تعرضت للفصل من الوظيفة بعد قضاء فترة إجازة الأمومة، بذريعة حاجة المدرسة لسد الشاغر الوظيفي الذي تركته.
قالت مريم العلي إنها تقدمت بشكوى قضائية على مدير المدرسة والمجمع التربوي، إلا أنها لم تلقى أي استجابة أو رد، وذلك لعدم وجود أي صيغة قانونية في تلك المحاكم تدافع عن حقوق المرأة العاملة في المؤسسات العامة والخاصة.
وأضافت أنها غدت دون عمل بعد انقطاع راتبها الشهري التي كانت تتقاضاه أثناء إجازة الأمومة، إذ أنها تبحث منذ فترة شاغر وظيفي في المدارس العامة والخاصة ولكن دون جدوى.
من جهتها قالت هدى الحسين (45) عاماً وهي مرشدة نفسية واجتماعية مقيمة في مدينة إدلب، إن معظم المؤسسات العامة والخاصة لا تعطي إجازة الأمومة للمرأة بالشكل المطلوب، فإما أن تكون بلا راتب أو لمدة قصيرة، وإما أن ترفض المؤسسات إعطاء الإجازة بشكل قطعي.
وأضافت أنه من الإجحاف سلب المرأة حقها في إجازة الأمومة، خاصة وأن القوانين الدولية والإنسانية تقر لها بضرورة تقديم إجازة الأمومة التي من شأنها أن تساعد المرأة على تلاقي الضغوط النفسية والجسدية وأعباء العمل ومشقته.
وأكدت على ضرورة تشكيل فرق حقوقية نسائية تطالب بسن قوانين تحمي النساء العاملات والموظفات وتضمن لهن حقوقهن في الأجور وتحديد ساعات العمل والإجازات، إذ أن استغلال النساء العاملات والموظفات وصل إلى مستويات قياسية وكبيرة في مناطق إدلب.