إدلب... مصاعب وأمراض تواجه عمل النازحات
تضطر النساء في إدلب للعمل وسط ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية، لكن تدهور الوضع المعيشي وغياب المعيل بسبب الحرب والنزوح يجبرهن على تحمل الصعوبات.
هديل العمر
إدلب ـ نتيجة تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تشهدها إدلب، لجأت نساء معيلات للعمل كربات منازل ورعاية الأطفال والمسنين كمصدر أساسي لتحقيق دخل يؤمن لهن بعضاً من احتياجاتهن الأساسية.
أقبل العديد من النساء للعمل في المنازل، نتيجة تدني مستوى المعيشة والفقر الذي بات يحاصر الكثير من النساء المعيلات اللواتي عجزن عن تأمين عمل نتيجة قلة الفرص المتاحة، وفجوة الأجور وقلتها.
ومنذ ثلاثة أشهر تعمل مريم الطاهر البالغة من العمر 34 عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، كربة منزل عند طبيبة نسائية، حيث تتركز مهامها حول رعاية والديها المسنين وتقديم العون والمساعدة لهما في تدبر أمورهما.
وعن كيفية أيجادها العمل قالت: إنها وجدت فرصة العمل من خلال منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجدته عملاً مناسباً كونه قريب من مكان إقامتها، بالإضافة لكونه يغطي قسماً كبيراً من احتياجاتها ومستلزمات أولادها الثلاثة والذين فقدوا والدهم بداية العام الحالي، بحادث مروري.
وعن طبيعة عملها أوضحت أنه يبقى أفضل حالاً من الاعتماد على المنظمات الإنسانية والسلال الإغاثية التي لم تكن تؤمن لها الحد الأدنى من مستويات المعيشة الأساسية.
بينما أميرة العثمان البالغة من العمر 29 عاماً، تحاول التأقلم مع عملها الجديد في الخدمة المنزلية متنقلة بين منازل العديد من النساء اللواتي تحتجن اتمام أعمال التنظيف وتحضير المؤونة وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى جهد ووقت.
وحول ما دفعها لإيجاد عمل قالت: إنها فضلت الاعتماد على نفسها في تأمين معيشتها ومعيشة طفليها، دون طلب المساعدة والعون من أحد، خاصة بعد تعرضها لضغوطات نفسية واجتماعية كبيرة من أهلها وذويها لترك طفليها والزواج مرة أخرى.
وأواخر عام 2019، فقدت زوجها بغارة جوية استهدفت منزلهم الكائن في مدينة معرة النعمان، لتواجه أعباء الحياة ومصاعب المعيشة بمفردها بعد أن غدت المسؤولة الوحيدة عن تربية أطفالها ورعايتهم.
وأضافت أنها ليست ملتزمة بعمل ثابت، إنما عملها يقتصر على الطلب، إذ أنها تعمل قرابة أربعة أيام أسبوعياً، وهو ما جعلها قادرة على الاستغناء عن طلب العون والمساعدة من أهلها وذوي أطفالها، بعد أن باتت قادرة على تأمين احتياجاتها بمفردها.
يتركز عمل النساء في إدلب لا سيما النازحات منهن والغير حاصلات على مؤهلات علمية بشكل أساسي في أعمال تتسم بصعوبتها ومشقتها مع انعدام الحماية والتأمينات الصحية والاجتماعية.
وتشكو صباح الغزالة البالغة من العمر 33 عاماً، وهي نازحة من قرية بابيلا ومقيمة في مخيمات سلقين، من آلام العمود الفقري نتيجة العمل المستمر في الأعمال الزراعية الشاقة ذات الساعات الطويلة والأجور القليلة.
وعن كيفية عملها قالت: أنها تنطلق بشكل يومي باتجاه الحقول القريبة للعمل في الزراعة مع ورشة نساء أخريات ليتركز عملها ضمن الورشة على تقليب التربة واقتلاع الأعشاب الضارة وجني المحاصيل بشكل يومي ولفترات طويلة تزيد عن ثمان ساعات من العمل المستمر الشاق.
وعن أثار عملها الشاق أوضحت أنه تسبب بفتق وانزلاق غضروفي في أسفل ظهرها جراء حمل الأوزان الثقيلة وحركات الخصر المفاجئة والوقوف أو الجلوس لفترات طويلة والتعرض لصدمات مثل السقوط والمشي والقرفصاء طوال الوقت.
بينما علياء القرن البالغة من العمر40 عاماً، وهي نازحة من بلدة الجبين بريف حماة الشمالي ومقيمة في مخيمات كفر تخاريم شمال إدلب، اتخذت من مهنة تنظيف السلالم عملاً لها يعينها في الإنفاق على عائلتها المؤلفة من خمسة أبناء وزوج مريض بالضغط والسكري.
وقالت المرشدة النفسية زهرة مكنساوي البالغة من العمر 37 عاماً، أن العوامل الديموغرافية، مثل الهجرة والنزوح بسبب الحروب والصراعات وعدم الاستقرار، وهجرة الرجال أثر على المرأة بدخولها مجال الأعمال الشاقة.
وأشارت إلى أن هنالك أعمال تكون ذات طبيعة قاسية تحتاج إلى جهد ووقت كبير، خاصة إذا كان للمرأة مسؤوليات منزلية أو مرتبطة بالتزامات خاصة، فيصبح العمل متعباً لها ويأخذ حيزاً كبيراً من صحتها ووقتها.
ودعت جميع المعنيين من مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني إلى دعم المرأة المعيلة وتحسين واقعها المعيشي والمهني في الأجور وفرص العمل، وإعطائها فرصة لإثبات نفسها والوصول إلى المكان المناسب لقدراتها ومهاراتها.