إدلب... التقزم مرض ينميه الفقر وسوء الحالة الاقتصادية

تزايدت أعداد الأطفال المصابين بمرض التقزم على مدى سنوات الأزمة السورية، نتيجة عوامل عديدة أبرزها الفقر وسوء التغذية ونقص وسائل العلاج التي تعتبر باهظة الثمن.

هديل العمر

إدلب ـ يعاني الأطفال المصابين بمرض التقزم في إدلب، من صعوبات وعوائق كبيرة على مستويات العلاج نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي لا تمكنهم من الحصول على أدنى مستلزمات العلاج.

تعاني الطفلة تسنيم العمر (8 أعوام) وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، من مرض التقزم وقصر القامة، بسبب مشاكل تعرضت لها والدتها أثناء فترة حملها والتي أدت لولادة الطفلة بشكل مبكر، ما جعلها تعاني العديد من المشاكل الصحية.

تقول إنها تشعر بالخجل والإحباط أثناء لعبها مع صديقاتها في المدرسة حيث تبدوا أصغر منهن بسنوات، علماً أنها تكبر العديد منهن، نتيجة جسمها النحيل ونموها البطيء ما يجعلها أصغر سناً من عمرها الحقيقي.

تقول والدة الطفلة سميرة العمر أنها تعرضت لمخاض مبكر على إثر غارة للطيران الحربي بالقرب من منزلهم، وهو ما أدى لولادتها بالشهر السابع، دون تلقيها لأدنى سبل الرعاية الصحية نظراً للظروف الأمنية الصعبة التي كانت تشهدها المنطقة من عمليات عسكرية وقصف ونزوح متكرر.

وأوضحت أنهم اكتشفوا مرض الطفلة في سنتها الثانية بعد أن لاحظوا قصر قامتها وبطء نموها بشكل ملحوظ، لتتفاجأ بأن الطفلة مصابة بمرض التقزم بعد عرضها على أطباء وأخصائيين نتيجة عدم اكتمال غدد النمو لديها، بالإضافة لعدم تلقيها أدوية مساعدة وعناية طبية بعد فترة الولادة.

وأشارت إلى أن تكلفة العلاج مرهقة وشاقة، خاصة وأن زوجها الذي يعمل بالمياومة لا يتقاضى دخلاً ثابتاً، إذ أن أجره يكاد لا يكفيهم ثمن المعيشة حتى يمكنهم من علاج الطفلة التي تحتاج إلى حقن خاصة ونظام غذائي محدد، وهو ما يفوق طاقتهم بأضعاف، لافتةً إلى أن ابنتها تتعرض لأزمات ومشاكل نفسية واجتماعية غاية في الصعوبة، نتيجة عدم تقبلها لمرضها وقصر قامتها الذي يشعرها بالعجز والإعاقة مقارنة مع صديقاتها اللواتي هن من عمرها.

وعلى مقربة من مخيمات بلدة قاح شمال إدلب، يعاني الطفل رائد المصطفى (ثمانية أشهر) من التقزم الناتج عن تعرضه للإصابة بمرض سوء التغذية الحاد، ما سبب له مشكلات صحية عديدة أبرزها ضعف النمو وقصر الطول.

تقول والدته رانيا عبد الرحمن (28عاماً) إن الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية التي تعيشها منعتها من شراء علب الحليب لطفلها بعد عدم قدرتها على إشباعه من الرضاعة الطبيعية واعتمادها على مواد التغذية البديلة مثل الأرز والنشاء وغيرها، ما أدى لإصابته بأمراض عديدة نتج عنها مرض سوء التغذية الحاد، والذي أدى فيما بعد لإصابة الطفل بالتقزم.

وأضافت أنها لاحظت أن حجم طفلها صغير مقارنة مع رأسه الغير متناسق مع جسمه ما دفعها لعرضه على أطباء، لتكتشف أن طفلها مصاب بمرض التقزم نتيجة افتقاره للعديد من المكملات الغذائيه الأساسية التي تساهم في بناء جسمه ونموه على النحو المطلوب.

وأشارت إلى أن الطفل يحتاج إلى حقن خاصة للنمو وهي باهظة الثمن، وهو ما يحرم طفلها العلاج والعيش بجسم طبيعي طيلة حياته، موضحةً أنها تعيش على أمل مساعدتها من قبل الفرق والمنظمات الإنسانية على تأمين ثمن الحقن، وإلا فلن تستطيع إخضاع الطفل لمرحلة علاجية قد تساهم في إكسابه جسد طبيعي مثله مثل أي طفل آخر.

من جهتها تقول منى الرحمون وهي طبيبة أطفال، إنها وثقت نحو 90 حالة تقزم لأطفال يعانون من أمراض سوء التغذية الشديدة منذ بداية العام الحالي، مشيرةً إلى أن معظم المصابين هم من الأطفال الذين يعيشون في منطقة المخيمات شمال إدلب.

وأضافت أن التقزم بات من الأمراض الشائعة والمكتسبة في إدلب، إذ أن الأوضاع الاقتصادية والفقر المدقع يفرض نفسه على النازحين الذين باتوا غير قادرين على إعالة أطفالهم وتأمين الحد الأدنى من الغذاء لهم، مؤكدةً على أن تفعيل دور فرق الكشف عن مرض سوء التغذية، بالإضافة لحملات التوعية في مناطق المخيمات سيحد هذا النوع من الأمراض الذي بات منتشراً بنسب كبيرة بين الأطفال وخاصة حديثي الولادة.