134 يوماً من المقاومة والنضال في كوباني
نوال عكيد كوجر، التي شاركت في مقاومة 134 يوماً ضد داعش في كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا وأصيبت 3 مرات، تقول "لم أستطع قبول الوضع الذي كان يعيشه شعبنا، والهجوم الذي كان يتعرض له، لذا توجهت إلى كوباني".
بيريفان إيناتجي
مركز الأخبار ـ ليس واحداً، ولا اثنين، ولا ثلاثة... إنها بالضبط 134 يوماً من التضحية بالحياة، 134 يوماً من صفحات التاريخ، في كل يوم كانت تكتب قصة مقاومة جديدة، وهذه القصص التي تحولت إلى معنى للحياة الحرة والكريمة عبرت حدود كوباني ووصلت إلى كل نساء العالم.
نوال عكيد كوجر إحدى النساء اللواتي ناضلن وقاومن في مدينة كوباني، أصيبت ثلاث مرات، ولكن في كل مرة بعد شفاء جراحها، كانت تركض عائدة إلى جبهات القتال، وبمناسبة ذكرى تحرير كوباني، تحدثت نوال كوجر عن المقاومة والنضال هناك.
"لم أتقبل آلام شعبنا"
"لم أستطع قبول الوضع الذي كان يعيشه شعبنا، والهجوم الذي كان يتعرض له، لذا توجهت إلى كوباني" بهذه العبارة بينت نوال عكيد كوجر سبب مشاركتها في المقاومة التاريخية، فعندما اشتدت هجمات مرتزقة داعش على كوباني، توجهت في عام 2014 إلى كوباني مع 50 شخص، ومع وصولها أصبحت هجمات داعش على كوباني أكثر حدة.
وتقول نوال كوجر إنها عندما توجهت إلى كوباني، دخلت داعش إلى المدينة، وبدأت حرباً من أجل الوجود واللاوجود "عندما رأيت كوباني لأول مرة، كانت تفوح منها رائحة البارود وتعلو أصوت قذائف الهاون فيها. كانت هناك معركة شرسة. كانت داعش تهاجمنا بوحشية ونحن كنا نرد عليهم".
كل يوم في كوباني أصبح اسماً للمقاومة
ما نفهمه جميعاً عن كوباني هو أن المقاومة التي جرت هناك لم تكن لكوباني فقط. في 134 يوماً قاومت المرأة، وقاوم المجتمع أي قاومت الإنسانية بشكل عام. عاشت نوال كوجر ظروفاً صعبة، وفي خضم الحرب لم تتمكن من تلبية العديد من احتياجاتها الأساسية، لكنها قاومت بكل كيانها، وهناك وصلت إلى المعنى الحقيقي للنضال والمقاومة، أي معنى الوجود واللاوجود بالنسبة لشعب يريد الوصول إلى الحرية.
وخلال الحرب الساخنة، أصيب نوال كوجر مرتين، وفي كل مرة كانت تضمد جرحها، وتذهب إلى ساحة المعركة، وتحمل سلاحها مرة أخرى وتقاتل ضد الذهنية السوداء لداعش، لكن في المرة الثالثة أصيبت بجروح بالغة وخطيرة "في عام 2015 بدأنا بحملة "مشته نور". قبل أن نبدأ الحملة عقدنا حلقات الدبكة من أجل رفع الروح المعنوية، وبهذا الحماس توجهنا نحو العدو، ومن ثم ذهبت إلى مركز الحراسة، أصبت برصاصة قناص في حلقي وتم نقلي إلى المشفى".
استعادت وعيها بعد ثلاثة أشهر
بعد إصابة نوال كوجر الخطيرة، تم نقلها إلى أحد مشافي شمال كردستان، وبعد أن دخلت في غيبوبة لمدة شهرين، استيقظت وكأنها ولدت من جديد، وبعدها بقيت في وحدة العناية المركزة لمدة شهر تقريباً "بعد مرور ثلاثة أشهر على إصابتي، فتحت عيني. لم أستطع تحريك ذراعي وساقي ولم أتمكن من التحدث لأن الرصاصة كانت قد أصابت حلقي".
بشرى تحرير كوباني
وعبرت نوال كوجر عن مشاعرها عندما سمعت بخبر تحرير كوباني في الفترة التي كانت تقاوم فيها ضد إصابتها الخطيرة في المشفى "خلال فترة العلاج هذه، في أحد الأيام جاء إليّ طبيب وقال لي (لدي بشرى سارة لكِ). هززت رأسي لأنني لم أكن أستطع الحديث. أخبرني أنه تم تحرير كوباني".
وعندما تتحدث عن بشرى التحرير تبدو وكأنها تتلقى البشرى من جديد وتابعت قائلة "عندما سمعت بتحرير كوباني، شعرت بفرحة لا أستطيع وصفها، لكن كان هناك حزن عميق في قلبي لأن العديد من أصدقائي الذين شاركوا في القتال استشهدوا كنت أتمنى أن يسمعوا هم أيضاً هذه الأخبار السارة".
وتقول إن كوباني تحررت بجهود المرأة ومقاومتها "أحد الأمثلة على مقاومة كوباني هي الشهيدة آرين ميركان التي قامت بعملية فدائية في مشته نور وضحت بنفسها، كما قامت الشهيدة ريفان أيضاً بالتضحية بنفسها في حلنج، ومرة أخرى جعلت العالم يسمع عن المقاومة التاريخية".
اعتقالها من قبل الدولة التركية
قصة نوال كوجر لا تنتهي هنا أيضاً فبالرغم من إصابتها ووضعها الصحي السيء وعدم قدرتها على الكلام، عندما أرادت العودة من شمال كردستان إلى روج آفا، أي المكان الذي قاومت فيه، تم اعتقالها من قبل الدولة التركية، ومن ثم تم إطلاق سراحها وعادت إلى روج آفا.
وكما قاومت كوباني 134 يوماً بجهود النساء وحققن النصر في 26 كانون الثاني/يناير 2015، بعد التحرير أيضاً بُنيت حياة جديدة على أيدي النساء على أساس نموذج الأمة الديمقراطية، وعن زيارتها الثانية إلى كوباني تقول "في عام 2015، عندما عدت إلى كوباني بعد التحرير، لم تكن كوباني القديمة. كانت الحياة تنبعث من جديد. أدركت لماذا تم إراقة الكثير من الدماء. لقد كان شعوراً مختلفاً تماماً".
"كوباني اسم التاريخ والمقاومة"
"عندما أقول كوباني، أتذكر التاريخ والمقاومة. كوباني تذكرني بمئات النساء اللواتي استشهدن هناك" بهذه العبارة لفتت نوال عكيد كوجر الانتباه إلى هجمات الدولة التركية على كوباني وعموم إقليم شمال وشرق سوريا "حتى بعد تحرير كوباني، لا يزال الاحتلال التركي مستمر بهجماته على روج آفا، لكننا سنحمي المكتسبات التي تحققت بدماء المئات من أصدقائنا الشهداء وعلى نموذج الأمة الديمقراطية الذي طوره القائد عبد الله أوجلان ويتطور في روج آفا، سنصمد ونقاوم حتى النهاية".