تصاعد العنف ضد الصحفيات في ليبيا
تعمل الصحفيات والعاملات بالمؤسسات الإعلامية الليبية في بيئة محفوفة بالمخاطر، حيث احتلت ليبيا بحسب منظمة مراسلون بلا حدود المرتبة 164 في المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2020.
هندية العشيبي
بنغازي ـ يتعرض الصحفيون والصحفيات والعاملين في وسائل الإعلام بليبيا بشكل متكرر للترهيب والمضايقة والتهديدات بالقتل، تظل النساء مهددات بخطر التعرض المحتمل لوقائع العنف المختلفة وخاصة الاستغلال الجنسي داخل مقار عملهن الأمر الذي يترتب عليه مسؤولية مضاعفة على المؤسسات الصحفية وكذلك نقابة الصحفيين بحماية الصحفيات بالشكل الذي يضمن سلامتهن وكرامتهن خلال أداء وظيفتهن.
وكالتنا سلطت الضوء على العنف ضد الصحفيات خلال لقاء مع الناشطة الحقوقية ورئيس مفوضية المجتمع المدني في ليبيا بريكة بالتمر التي أكدت أن العنف ضد المرأة ازداد بعد الثورة الليبية التي انطلقت عام 2011.
أشكال العنف
وأوضحت بريكة بالتمر أن أشكال العنف الممارس ضد الصحفيات عديدة منها الضرب أو الشتم أو التحرش، مشيرةً إلى أنه تم تسجيل واقعة اعتداء بالضرب على صحفية خلال الأشهر الماضية من العام الجاري، خلال تصويرها لحدث داخل بنغازي.
وقد أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في شباط/فبراير الماضي، حادثة اعتداء على مراسلة قناتي 218 ببنغازي (قناة ليبية محلية) مبروكة المسماري من قبل مجموعة من الأشخاص وتحطيم آلة التصوير الخاصة بها، داعيةً إلى إجراء تحقيق شامل في مثل هذه الاعتداءات مطالبة بحماية الصحفيات والإعلاميات في جميع أنحاء البلاد.
العنف عبر الأنترنت
وأشارت بريكة بالتمر إلى أن الصحفيات والمدونات عبر الانترنت تتعرضن لعنف لفظي كبير، خاصة اللواتي تتبنين قضايا الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها "هذا النوع من العنف يتداخل فيه أشكال مختلفة من كراهية النساء مع العنصرية والتعصب الديني والسياسي وغيرها من أشكال التمييز، وقد تصل تلك الممارسات إلى التهديد بالعنف الجنسي والقتل، وتشمل عائلات الصحفيات، بمن فيهم الأطفال".
وأشارت إلى فقدان البلاد للمؤسسات الأمنية القادرة على بسط القانون والجهر به في الشارع الليبي، لمنع حدوث مثل هذه الاعتداءات وتقديم فاعليها للعدالة.
وأكدت بريكة بالتمر أن ليبيا تملك قوانين عقابية صارمة، لكن لا يوجد تشريع خاص بحماية المرأة خلال أداءها لعملها، بل إن العمل الصحفي لا يحكمه أي قانون في ليبيا، فلا يوجد قانون خاص بعمل الصحفيين أو المؤسسات الإعلامية في البلاد ينظم عملها ويحدد فيه حقوقهن وواجباتهن، معربة عن أملها في إصدار البرلمان الليبي تشريعات خاصة بتنظيم عمل النساء الصحفيات في ليبيا وتحمي حقوقهن خلال أدائهن لعملهن الصحفي.
وحول العنف الذي تتعرض له المرأة في ليبيا بشكل عام، لفتت إلى أن "أشد أشكال العنف الذي تتعرض له النساء في ليبيا هو العنف الأسري، والذي ينعكس ويؤثر سلباً على حياتها العملية والشخصية، فالأسرة الغير داعمة للمرأة تؤثر بشكل كبير على أدائها وقدرتها على مواجهة الصعاب والتحديات خاصة في دول العالم الثالث".
العنف ضد الصحفيات والإعلاميات دفع بالعديد منهن للهجرة، أو مغادرتهن للبلاد هرباً من التهديد الذي يطالهن ويطال أسرهن وأبنائهن، فقد أكد مركز مدافع عن حقوق الإنسان، في تقرير نشره في 2020، بأن تصاعد العنف ضد الصحفيين والصحفيات في ليبيا أدى إلى مغادرة أكثر من 83 صحفياً البلاد، وذلك بين عامي 2015 ـ 2018.
عنف لفظي وجسدي
من شأن العنف أن يؤثر على صحة المرأة وانتاجيتها بمختلف أشكاله، المذيعة هويدا السراوي أكدت أن التحرش وخاصة اللفظي من أكثر أشكال العنف الذي تواجهه العاملات في الإعلام بليبيا.
وأوضحت أنها تتعرض للاعتداء والتنمر والشتم بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، بحجة أن المرأة الليبية لا يجوز لها العمل داخل هذا المجال.
من جانبها أوضحت الصحفية والإعلامية فاطمة المجبري أن الصحفيات والإعلاميات تتعرضن لحملات ممنهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لأسباب سياسية وأخرى اجتماعية.
وأوضحت أن "الصحفية تخاف من المجتمع وتخشاه، فليبيا لازالت تؤثر فيها القبيلة بشكل كبير، ولازال عدد العاملات في المجال الإعلامي قليل بالنسبة للرجل، هذا الخوف من المجتمع يدفعها للصمت عن قول الحقيقة أحياناً، بسبب ما تتعرض له من تهديدات تصل لحد القتل".
ونشرت منظمة اليونسكو بالشراكة مع المركز الدولي للصحفيين، نتائج دراسة استقصائية حول العنف على الإنترنت ضد الصحفيات والتدابير الفعالة لمكافحته، وتظهر الدراسة تعرض 3 من كل 4 صحفيات إلى أحد أشكال العنف الافتراضي.
هذا والتقت وكالتنا مع عدد من الإعلاميات والصحفيات الليبيات خلال إعداد هذا التقرير، لكنهن رفضن ذكر اسمائهن أو الظهور في الفيديو، معظمهن أكدن أنهن تعرضن لشتى أنواع العنف عبر الأنترنت، منها التهديد بالاعتداء الجنسي، والعنف الجسدي، بالإضافة للكلام البذيء، والمضايقة عبر الرسائل الخاصة، والتهديد بتشويه سمعتهن المهنية أو الشخصية.
كل هذا التهديد الذي تتلقاه الصحفية يزداد تعقيداً بالتوازي مع تطور التكنولوجيا في العالم، في ظل عدم وجود قوانين أو تشريعات خاصة تقنن العمل بهذه التكنولوجيا واستخدامها.