تحرش وانتهاكات للحقوق وسط غياب لقوانين تحمي النساء في فلسطين

تواجه الفتيات والنساء اللواتي تتعرضن للتحرش والاعتداء الأمر الذي بات اعتيادياً، التهديد والتخويف في ظل غياب القوانين الرادعة، بهدف إسكات أصواتهن.

رفيف اسليم

غزة ـ لرفعها شكوى تفيد بتعرضها لتحرش جنسي من قبل فني أشعة في مستشفى خاص بمدينة بيت لحم، طالت العديد من الاتهامات الصحفية ميرفت العزة التي لم تأبه للتهديدات التي رمت لإسكات صوتها الذي رفعته، وسط غياب لقوانين تحمي النساء في غزة.

تعرضت الصحفية ميرفت العزة في آذار/مارس الماضي لحادث سير أصيبت خلالها بعدة رضوض، فذهبت للكشف الطبي بغرفة الأشعة وحدها دون مرافق، لتتعرض في تلك الأثناء لتحرش جنسي من قبل عامل فني أشعة في مستشفى خاص بمدينة بيت لحم.

وعلى الرغم من التهديدات التي طالتها لإسكات صوتها، إلا أنها تمكنت عبر صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي من إيصال قضيتها لمعظم النساء وفضح ما حدث معها، مطالبة الجهات المسؤولة بإعادة حقها من يد مجرم ربما مارس فعلته مع العشرات من النساء غيرها.

وبهدف التستر على الجاني وعدم فضحه قامت النيابة العامة الفلسطينية بتحويل ميرفت العزة إلى مستشفى الأمراض العقلية في مدينة بيت لحم، بهدف إجراء فحص الصحة النفسية لها وتصوير الحادثة على أنها ناجمة عن مرض نفسي قد تعانيه الضحية.

وعلى خلفية الحادثة ومستجداتها تحدثت وكالتنا مع ميرفت العزة التي قالت أنه على كل من تشاهدها أو تقرأ تلك الكلمات عليها أن تكون امرأة قوية لا يخيفها ضغط المجتمع أو تلفيق التهم ضدها، من الاستمرار بالمطالبة بحقها ومحاسبة الجناة أياً كان الجرم الذي اقترفوه، مشيرةً إلى أنه تم التحرش بها ولمس أجزاء من جسدها رغماً عنها لعدة مرات بحجة الفحص في مستشفى خاص.

وأوضحت أنها اتخذت الإجراءات القانونية من البداية فتقدمت لوزارة الصحة ببلاغ رسمي وشكوى تم رفعها لدى النيابة العامة مفصلةً ما حدث لها، لترد وزيرة الصحة أن لدى الفني مشكلة في يديه، محيلةً القضية للجنة أخرى كي يتم التحقيق بها وخلال تلك الفترة المذكورة تم لصق عدة تهم بها، منها العمالة والجنون والتحرر الزائد، لتختم بلائحة اتهام هتك عرض شهد فيها 14 شخص لنصرة الجاني.

وأشارت إلى أنه قد تم التعامل معها في المستشفى بطريقة مهينة، فعندما بدأت بالصراخ أن هناك شخص يتحرش بها بعد هروبها من الغرفة هرع موظف الأمن وألزمها الصمت عنوةً، كي لا يبدأ بصفعها على وجهها، لافتةً إلى أنها في تلك اللحظة لم تتوقع من المشفى انصافها بل كانت تدرك أنها ستجند كل من لديها لإثبات براءة فني الأشعة الذي تكتم الجميع عن ذكر اسمه في لحظتها.

وأوضحت أنه حتى الشاهد الذي من المفترض أن يقدم شهادته لصالحها وهو السائق الذي قدم كي يعطيها النقود أفاد بأنه لم يلاحظ الارتباك على الجاني بل شاهد الصدمة على وجهها وكأن الثواني التي دخلها للمشفى كافية بأن يلاحظ الجميع واصفاً حالهم، مشيرةً إلى أن الرجل قد علم المرأة في المجتمع الشرقي عدة مصطلحات منها "عيب واسكتي، وطي صوتك" وقيم الشرف، كي يستخدمها ضدها في هتك عرضها دون أن تهمس بكلمة.

 

 

وبدورها قالت المحامية مسؤولة الرقابة القانونية لدى المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء رولا موسى أنه من خلال متابعة حالة ميرفت العزة منذ نشر الفيديو الأول وسرد إحداثيات الاعتداء بأحد مشافي بيت لحم، تم رصد انتهاك لحقوق الإنسان حول البينة الطبية المتجاوزة في محتواها صلاحية عمل التقرير والنيابة العامة التي حولت المشتكية لفحص نفسي ولم تأخذ بما أقرته وزارة الصحة أي تشكيل لجنة تحقيق حيادية.

وأشارت إلى أن تقرير الفحص الطبي تناول عمر المشتكية بشكل خاطئ فقد أثبت أنها تبلغ من العمر 17 عاماً، وهو بذلك أقرب في توصيفه الطبي إلى تهمة تعيق وصول النساء للعدالة خاصة في قضايا التحرش، لافتةً إلى أنه كان الأجدر بهم إنشاء لجنة تحقيق وإعلان النتائج بشكل شفاف ودقيق يتضمن المشفى والجاني وحالات متشابهة مع الضحية التي حولت لمتهمة.

وأوضحت أن التقرير بمجمله هو عبارة عن مجموعة من المضايقات المجتمعية والقانونية التي لاحقت الضحية بدلاً من الوقوف بجانبها، مشيرةً إلى أن النساء الناجيات من الاعتداءات الجنسية هن المتهمات الأوائل في تلك القضايا وهو ما يجب تغييره ويتم اتخاذ الشكاوى بشكل موضوعي وفق ما يقتضيه القانون لخدمة القضية.

وفي ختام حديثها نوهت المحامية رولا موسى إلى أن المماطلة هو أسلوب ممنهج ومكرس في قضايا النساء اللواتي ترفعن شكاوى ضد قضايا العنف الجنسي لدفعهن إلى التراجع عن الشكوى المقدمة، موضحةً أن الحل يكمن في إرادة النساء وعزيمتهن بعدم التنازل عن حقوقهن واستمرار المطالبة بها مهما كلفهن الأمر في سبيل نيل حريتهن وكرامتهن.