سمية العياري: حان الوقت لمضاعفة الجهود للنهوض بوضعية العاملات في وضعيات هشة

يعتبر تنفيذ القانون رقم 37 وتطبيقه على أرض الواقع ثورة بالنسبة للنساء اللواتي تعانين من وضعيات صعبة ومهمشات.

زهور المشرقي

تونس ـ تواصل الجمعيات النسوية في تونس العمل من أجل الضغط على السلطات لتنفيذ بعض القوانين التي تخدم النساء والمرمية بين الرفوف تنتظر التنفيذ والمتابعة وهو ما تسعى إليه جمعية "تونسيات" المدافعة عن حقوق النساء خاصة العاملات في وضعيات هشّة وصعبة.

ترى منسّقة "مشروع حقّي" لدعم القانون رقم 37 الخاص بالعاملات، بجمعية "تونسيات" سمية العياري، في حوار مع وكالتنا، أنّ الوقت قد حان لمضاعفة الجهود من أجل تنفيذ القانون رقم 37 للنهوض بوضعية العاملات في وضعيات هشّة، مشدّدة على أنّ هناك العديد من القوانين التي قد تخدم وضعية النساء في تونس لكنها غير مفعّلة، ما يتطلّب تضافر مختلف الجهود من أجل تطبيقها.

 

حدّثينا عن حملة المناصرة التي تقوم بها جمعية تونسيات لدعم وتطبيق القانون رقم 37 الخاص بالعاملات؟

"مشروع حقّي" يأتي ضمن حملة مناصرة تقوم بها جمعية تونسيات لمساعدة العاملات بصفة غير منظمة، وجاءت الحملة لتنفيذ القانون رقم 37 الصادر عام2021، ودخل حيز التنفيذ بداية كانون الثاني الماضي، وجدنا في الجمعية أنّه قانون غير مفعّل لا سيما أنه يتعلق بالعنف الاقتصادي المسلط على العاملات في وضعيات هشة خاصة، وهو من أبرز أشكال العنف المسكوت عنها.

وحاولنا القيام بحملة وطنية لدعم هذه الفئة المنسية والمهمّشة في التمتع بحقوقها التي يضمنها القانون رقم 37 لمحاربة العنف وتمكين العاملات في وضعيات هشة من تحسين وضعهن، لاسيما وأن هذا القانون يمكن النساء في تلك الحالات من عقود عمل قانونية وتغطية اجتماعية وصحية، تُفعّلُ بين وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية ويُودَع في مكتب التشغيل لضمان الحقوق المادية والمعنوية لهن .

 

هل تم التنسيق مع جمعيات شريكة لدعم الجهود في تنفيذ هذا القانون الذي يخدم فئة النساء في وضعيات هشّة؟

بالتأكيد أن تفعيل هذا القانون لن يكون إلا بتكاتف الجهود بين مختلف الأطراف من مجتمع مدني ومؤسسات البلد، لاعتبار أن الأخيرة هي التي تعمل على تنفيذ القوانين ومراقبة مدى تطبيقها على أرض الواقع، وقد قمنا بعدة اتصالات مع وزارة العمل والتكوين ووزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة المرأة لاعتبارها الأم الولاّدة لهذا القانون وهي من عملت على سنّه، واليوم تقوم بحملة وطنية لتنفيذه وتحسيس العامل لأخذ القانون بعين الاعتبار عبر هذا العقد  بين العاملة والمؤجر.

كما تواصلنا أيضاً مع جمعيات حقوقية ونسائية ومع بلدية تونس لإنجاز ومضة تحسيسية لتحفيز العامل على تنفيذ القانون حتى لا يظل حبراً على ورق وتنتفع منه النساء .

 

ماهي إيجابيات تنفيذ هذا القانون؟

تنفيذ القانون رقم 37 وتطبيقه على أرض الواقع سيكون بمثابة الثورة لفئة من النساء اللواتي يعملن في ظروف صعبة  ودون ضمان لحقوقهن، ونحن اليوم ننتظر العقد الذي ستصدره وزارة المرأة قريباً لتوفيره في مكاتب العمل وإلزام العامل بتنفيذه، وسيحمي النساء من جانبين: مادياً حيث سيصبح لديهن مرتب شهري واضح بعد تحديد الحد الأدنى، فضلاً عن تحديده لتوقيت العمل بصفة مدروسة، مع تحديد الوظائف التي ستقوم بها العاملة في العقد، فضلاً عن التمتع بعطل الأعياد  وتحديد يوم أسبوعياً للراحة. ومن جانب آخر يحمي هذا القانون العامل ويسمح له بالاطلاع على كل وثائق العاملة لتجنب المشاكل.

ولمتابعة التقيد سيكون هناك مراقبون لمدى تنفيذ القانون على أرض الواقع لفتح باب استرجاع حقوق هذه الفئة من العاملات في وضعيات هشة جداً.

 

حسب إحصائيات وزارة المرأة، أكثر النساء اللواتي تتعرضن للعنف هن من النساء محدودات المستوى العلمي، ما تعلقيك على ذلك؟

السبب هو كون المرأة التي لم تنخرط جيداً في المجتمع ستجد حدوداً في مجال تحركها، خاصة في ظل مجتمع متسلط عليها فكرياً، حيث تتغلب على تفكيرها تلك النظرة الدونية المجتمعية، وتجد نفسها تحت طائلة الخوف المجتمعي فتعزف عن فكرة مقاضاة معنِّفها خوفاً من إقصاء وتهميش اكتسبته من الخيال المجتمعي.

فالنساء في تونس أثبتن أن باستقلاليتهن المادية والفكرية تصبحن قادرات على حماية أنفسهن من العنف وحماية عائلاتهن أيضاً ومقاضاة المعنِّف والدفاع عن أنفسهن.

 

بالرغم من  وجود القانون رقم 58 لمحاربة العنف ضد النساء، لا تزال النسب مرتفعة... ما سبب ذلك؟

القانون رقم 58 هو مكسب تونسي ناضلت من أجله النساء، جاء لمحاربة كل أشكال العنف البشعة التي تمسّهن، لكن اليوم تكمن الإشكالية في آليات تنفيذ هذا القانون، فالمرأة حين تتعرض للعنف تلجأ إلى القضاء لتقديم قضية ضد معنفها وهو العادي، لكن هل تساءلنا عن مختلف الإجراءات المُعقدة التي تعترضها وما يدفع بعض النساء المعنَّفات إلى التراجع خوفاً من ضياع بين أروقة المحاكم، علاوة على تكاليف المحامي ما يجعلهن في الغالب عاجزات عن تسديد  المبالغ الباهظة، لا سيما أن أغلب من يتعرضن للعنف هن من ذوي الدخل المحدود والمتوسط.

ولا ننسى أن مصدر العنف ليس من الزوج فقط بل أيضاً من الأب أو الأخ حيث تجد أنفسهن في هذه الحالة بلا مأوى خاصة في ظل محدودية مراكز الإيواء، مع طاقة استيعاب متدنّية تفسّر ضعف إمكانيات البلد في تكثيف مراكز الايواء للنساء ضحايا العنف، لتجد المرأة نفسها في هذه الحالة معنفة بلا سند قانوني يحميها ويساعدها، فتجد نفسها مجبرة على قبول الأمر الواقع للعيش مع معنّفها وتُسقط شكوتها وحقها في التظلم، وتكون لقمة سائغة للتعرض للعنف مجدداً، وهو أيضاً ما كشفته  أزمة كوفيد ـ19حين تضاعفت الأرقام بشكل مهول بفعل تجمع العائلة في بيت واحد على مدار اليوم لمدة شهور متتالية.