شميران مروكل: تعديل قانون الأحوال الشخصية ينسف حقوق العراقيات

تعمل رابطة المرأة العراقية التي ساهمت في تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي صدر عام 1959 وحمل رقم 188، بكل جهودها للإبقاء على القانون النافذ، رافضة مشروع التعديل المقترح، كونه ينسف بحقوق العراقيات.

رجاء حميد رشيد

بغداد ـ أكدت الناشطة وسكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران أوديشو مروكل، على أن تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، سيخلق أزمات جديدة في العراق التي تشهد أزمات مختلفة منذ سنوات.

تُعتبر حقوق المرأة جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في أي مجتمع كان، وفي العراق تتعرض تلك الحقوق لتحديات مستمرة، وفي هذا السياق تبرز رابطة المرأة العراقية دورها كمدافع رئيسي عن هذه الحقوق، حيث أعلنت عن رفضها للتعديلات المقترحة لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 الصادر عام 1959 من قبل مجلس النواب العراقي.

ولمناقشة دوافع هذا الرفض، والآثار المحتملة لهذه التعديلات على واقع المرأة، بالإضافة للجهود التي تبذلها الرابطة من أجل تعزيز حقوق المرأة وحمايتها في مواجهة التحديات الراهنة كان لوكالتنا حوار مع سكرتيرة رابطة المرأة العراقية والناشطة والإعلامية شميران مروكل.

 

ما المراحل التي مر بها سن قانون الأحوال الشخصية؟ وهل لاقى أي معارضة؟ وكيف أثر على حياة العراقيات منذ إقراره وحتى يومنا هذا؟

لو عدنا إلى المصادر التاريخية التي تطرقت إلى إصدار قانون الأحوال الشخصية، ندرك أن المحاولات قد بدأت عام 1925، وهو العام الذي صدر فيه أول دستور للعراق والذي سمي بـ "القانون الأساسي"، إلى أن تم إصدار أمر وزاري بتشكيل لجنة لكتابة مدونة الأحوال الشخصية عام 1945، واستمر عمل اللجنة لعدة سنوات، لكن بسبب الأوضاع السياسية لم يتم الاستمرار بالمشروع، لتقوم وزارة العدل بتشكيل لجنة في السابع من شباط عام 1959، مرة أخرى لإعداد مدونة الأحوال الشخصية.

لقد كان إصدار القوانين لحماية المرأة من ضمن أهداف رابطة المرأة العراقية التي تأسست عام 1952، تحت شعار "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة"، وفي المؤتمر الأول الذي عقد عام 1959 أخذت اسمها الجديد، لأن المرأة حصلت على حقوقها بتشريع القانون من قبل متخصصين وقانونيين وفقهاء.

وقد رحبت النساء بالقانون، لأنه عمل على تنظيم حياتهن الاجتماعية، وحافظ على حقوق المرأة والطفل، وعلى التوازن المجتمعي ولم يفرق بين القوميات والمذاهب والطوائف في البلاد، ولكن كغيره من القوانين واجه معارضة من قبل عدة جهات من بينهم رجال الدين الذين أصدروا فتاوى على أن القانون يخالف الشريعة الإسلامية، وأفتوا بعدم جواز العمل به، ولكن في الحقيقة كان الرفض يتعلق بتوزيع الإرث وبطلان الزواج الثاني بأذن من القاضي.

لقد منع القانون المعمول به تسجيل عقود الزواج خارج المحاكم، وتوجب تقديم تقارير طبية للمحكمة، لضمان سلامة الرجل والمرأة من الأمراض، كما يمنع زواج النهوة بالإكراه، كما أنه أنصف المرأة المطلقة تعسفاً والمتضررة من الطلاق بتعويضها بما يتناسب مع حالة الزوج المادية، وضمن لها حق السكن لمدة ثلاث سنوات، كما أوجد القانون أسباب عديدة للتفريق لمساعدة الزوجة في الحصول على الطلاق عند تضررها من استمرار الزواج.

 

لماذا يعد قانون الأحوال الشخصية المعمول به ضرورياً في الوقت الراهن، ورُفض تعديله؟

لأنه أنصف المرأة، والتعديل المقرر سيضر بحقوقها وحقوق الطفل. كما أنه يرسخ هويات طائفية ويمزق الوحدة الوطنية .

فالغاية من التعديل الإساءة لواقع المرأة وافتعال أزمات جديدة، فالجهات التي عملت على هذا المقترح تكرس للمذهب الشيعي والسني، في حين أن قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 هو أحد القوانين التي ساهمت في بناء مؤسسة الدولة العراقية الحديثة وينسجم تماماً مع القواعد الشرعية دون التقيد بمذهب معين.

في حين لو تم إقرار التعديلات سيذهب المجتمع باتجاه ترسيخ الهوية الطائفية ويلغي المساواة أمام القانون الذي نصت عليه المادة 14 من الدستور العراقي، وأيضاً من الناحية القانونية، التعديلات المقترحة تأخذ باتجاه خلق سلطة تشريعية جديدة توازي مجلس النواب متمثلة بالفتاوى "مدونات"، التي تصدر من الوقفين السني والشيعي، وهي جزء من السلطة التنفيذية.

فهناك اختلاف بين المذاهب، لذا نحن الآن بحاجة إلى قوانين تلغي كل الفوارق بين أبناء البلد الواحد بحيث توحد أطياف الشعب العراقي، وللأسف ما يجري اليوم في مجلس النواب بشأن التعديل يتم وفق اتفاقات ومساومات سياسية ضيقة على مصلحة الوطن والعلاقات الأسرية وحقوق المرأة.

 

كيف تسعون لإبقاء العمل بالقانون النافذ؟

تعمل رابطة المرأة العراقية بكل جهودها من أجل الإبقاء على القانون النافذ من خلال الوقفات احتجاجية وعقد ندوات للتوعية بضرورة الحفاظ على القانون داخل وخارج العراق، مع تقديم المذكرات القانونية حول الموضوع إلى المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية، والتأكيد على احترام العراق للاتفاقيات الدولية، التي سبق وأن وقع عليها لحماية حقوق المرأة وخلق شراكات وتحالفات مع المجتمع المدني.

وإذا كان القانون حقاً يحتاج إلى تعديلات، فيجب أن تكون تلك التعديلات إيجابية لصالح الأسرة العراقية ولصالح المحضون كالمادة 57  .

 

ما هي الرسالة التي تودين توجيهها للنساء في العراق حول حقوقهن وأهمية المشاركة في هذه الحملة؟

الحقوق التي حصلت عليها المرأة العراقية كانت عبر نضال وتضحيات كبيرة قدمتها الحركة الوطنية العراقية والحركة النسوية العراقية، وتجسدت في قانون الأحوال الشخصية، لذا علينا عدم التهاون مع المحاولات الساعية للانقضاض عليها.

ومن الضروري معرفة الحقوق المشروعة التي يحميها الدستور، والاتفاقيات الدولية التي سبق ووقع عليها العراق والتي تحمي النساء وتقر بحقوقهن السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية، ونحن نعمل من أجل تعديل جميع القوانين التي تساهم في استمرار العنف ضد المرأة وإصدار قانون مناهضة العنف الأسري، وكذلك الاستمرار في المشاركة في حملة 188 للحفاظ على قانون الاحوال الشخصية النافذ ورفض مشروع التعديل.