شعبٌ شتته الهجرة وتلاحقهُ محاولات الإبادة
قالت لوكالتنا الرَّئيسة المُشتركة للمجلس التَّنفيذي لإقليم الجَّزيرة، ولحزب الاتحاد السَّرياني في سوريا نظيرة كورية، أن هناك العديد من المجازر التي طالت الشّعوب الأصيلة في الشّرق الأوسط عموماً وشمال وشرق سوريا خاصةً، منها المكون السّرياني الآشوري الكلداني
قامشلو ـ قالت لوكالتنا الرَّئيسة المُشتركة للمجلس التَّنفيذي لإقليم الجَّزيرة، ولحزب الاتحاد السَّرياني في سوريا نظيرة كورية، أن هناك العديد من المجازر التي طالت الشّعوب الأصيلة في الشّرق الأوسط عموماً وشمال وشرق سوريا خاصةً، منها المكون السّرياني الآشوري الكلداني.
وبينت أن الهدف من تلك المجازر إبادة الشَّعب الأصيل، وإقامة سلطة جديدة على أساس قومية ودّين ولغة واحدة "في التاريخ الحديث تعرض الأرمن للإبادة، فما بين عامي 1914 و1915، نفذت الدولة العثمانية إبادة بحقهم على مرحلتين، الأولى هي قتل الرجال والثانية تهجير النساء والأطفال والشيوخ مشياً على الأٌقدام"، وأضافت "الدولة العثمانية استهدفت الأرمن واستمرت بانتهاكاتها التي وصلت اليونانيين والبونتيك، والمعروفة باسم الإبادة الجماعية لليونانيين، ولم تكتفي الدولة العثمانية بذلك بل إنها ارتكبت مجازر بحق السريان والآشوريين في طور عابدين".
وتعرف المجازر التي ارتكبت بحق السريان والآشوريين باسم مذابح سيفو أو المذابح الآشورية أو مذابح السريان وهي سلسلة من العمليات العسكرية شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية ما بين عامي (1914 ـ 1920).
واعتبرت نظيرة كورية أن سبب تلك المجزرة مطالبتهم بالاستقلال عن تركيا، "انعكست الأثار السَّلبية على أكثر من مليون أرمني ونصف مليون آشوري سرياني في طور عابدين، فحرموا من الاعتراف بوجودهم وسُلبوا حقوقَهم، وهُجروا نحو الدّول المحيطة بتركيا، كالعراق، وسوريا، والأردن ولبنان".
ومن المجازر الأخرى مجزرة سيمل في العراق التي حدثت في السّابع من آب/أغسطس 1933، والحديث لنظيرة كورية "لم يختلف الهدف، والسبب مشابه، إذ رفع المطران وقتها طلباً لهيئة الأمم المُتحدة، يطالب فيه بحقوق الشّعب الآشوري ـ الكلداني، وحكم ذاتي له في شمال العراق، فكان رد حكومة العراق بمساعدة بريطانيا على ذلك ارتكاب مجازر بحق أكثر من نصف مليون منهم، واستباحة النّساء وتهجير كبار السّن والأطفال، وما تبقى منهم هُجروا إلى سوريا عندما كانت تحت حكم فرنسا ويقطنون اليوم في قرى الخابور بإقليم الجزيرة".
وأما الإبادة التي تلتها، كانت بسهل نينوى في الثّالث من آب/أغسطس 2014، وعنها قالت "دخل داعش إلى شنكال وارتكب سلسلة من المجازر، أولها بحق الشّعب الإيزيدي، وبعد ثلاث أيام وصل المرتزقة إلى سهل نينوى وارتكبوا المجازر بحق الآشوريين ـ الكلدانيين".
ولفتت النّظر إلى أن المجازر ارتُكبت في نفس الشّهر تقريباً، وهذه المفارقة ليست وليدة المُصادفة، "في عام 2015 دخل داعش قرى الخابور في شمال وشرق سوريا، وانتهج نفس السياسة، وخطف ما يقارب 250 من الأهالي الذين بقوا رهائن لأكثر من عامين ونصف، وقُتل بعضهم، لترهيب البقية وإجبارهم على دفع الجزية، وكانت النّتيجة دفع مبالغ كبيرة لداعش مقابل الإفراج عن المُعتقلين". وأضافت "في سوريا شكل المسيحيون نسبة 20 % من السكان، لكن هذا العدد انخفض بشكل كبير وملحوظ".
وبينت نظيرة كورية أن "شعبنا يسمي مجازر القتل التي حدثت بـ (السَّيف الأحمر) والتَهجير المُمنهج بـ (السَّيف الأبيض)، فالسّياسة التّركية تحاول إعادة تجديد نفسها أو ما يعرف بـ السّلطنة العثمانيّة التي قامت على أنقاض الشّعوب التي وُجدت سابقاً، ففي التّاريخ لا وجود للأتراك كاسم أو كشعب أو كدولة، وبتقسيم لوزان لم تكن الحدود موجودة، إذ كانت الشَّعوب متعايشة في منطقة الهلال الخّضيب".
وأكدت على أن المسيحيين من الشعوب الأصيلة في المنطقة "وُضعت أولى القوانين على هذه الأرض، وأقيمت أول دولة عليها وهي الآكادية، إضافة للثقافة والحضارة واللغة، فالآرامية كانت لغة المعاملة والتّجارة في هذه المناطق".
وتابعت "هذا الموروث يُقلق الحكومة التّركية الحالية، لأنها تريد إقامة دولة قومية، شوفينية، سلطوية، لا تقبل الآخر، لذا يعيد التّاريخ نفسه على أراضينا فسياستها لم تتغير، وما تزال استباحة الأراضي والإنسانية أسلوباً ومنهجاً، كاحتلال عفرين عام 2018، ورأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي بعد ذلك بعام".
وتساءلت نظيرة كورية عما سيحدث مع اقتراب انتهاء اتفاقية لوزان عام 1923 بعد مرور مئة عام عليها "اليوم مشروع الإدارة الذّاتية وكتابة عقد اجتماعي يضمن حقوق جميع المكونات في المنطقة يقلق عرش الرَّئاسة التّركية، لأن هذه الشَّعوب الموجودة هنا، نفسها موجودة في تركيا، مما يجعلها تخشى وصول نسمات الحرية إليها"، وأضافت "من حق الجَّميع ممارسة ثقافتهم ودينهم ولغتهم، والتّعلم في مدارس خاصة بهم".
وتعتبر أن سياسة الدولة القوميّة عادت بنتائج مأساوية على جميع المكونات التي وُضعت تحت هذه السّلطات "بعد جميع هذه التضحيات لا يمكن العودة للخلف، ولن نقبل أن يفرض دّين أو قومية أو لغة واحدة على جميع هذه المكونات، فحقوق الإنسان لا تُشرع ذلك، لذا كان لا بد من رفع أصواتنا والمُطالبة بحقوقنا".
وترى أنه كلما ازدادت الإرادة والرَّغبة في التّحرر ستزداد محاولات عرقلتها، "الإصرار على النّضال هو طريقنا للوصول لما نسعى لتحقيقه، بالرغم من أنه في هذه الفترة ما تزال تُهاجم قرى تل تمر والخابور، إضافة لمحاولات زعزعة الأمن في المنطقة".
ولم تنكر نظيرة كورية الأثر الكبير الذي خلفته المجازر عليهم، "كحزب الاتحاد السّرياني أدركنا ما حدث، واستنبطنا دروس عديدة من التّاريخ، ووضعنا استراتيجيتنا للمُستقبل، وأهم أهدافها المطالبة بحقوق شعبنا في كل الدول، وإعادة المُهجرين، فلا يمكن لنا العيش خارج تاريخنا وأرضنا، لأننا سنذوب ونتلاشى ضمن المجتمعات المُتعددة".
وتُكمل "لا يستطيع أي مكون ضمن هذه الجَّغرافيا أن يعيش لوحده، لأننا منذ آلاف السّنين تعايشنا، لذا يجب أن نخلق مشروعنا الدّيمقراطي، فمشروع الإدارة الذاتية بذرة صالحة لجميع الدّول التي تُعاني من حروب ومشكلات، ونريد أن يُصاغ دستور ديمقراطي يضمن حقوقنا جمعياً".
وفي ختام حديثها طالبت الرَّئيسة المُشتركة للمجلس التَّنفيذي لإقليم الجَّزيرة، ولحزب الاتحاد السَّرياني في سوريا نظيرة كورية بالاعتراف بالمجازر التي ترتكب بحقهم، "نحن نعتبر مجازر السَّيفو هوية شعب والاعتراف بها هو اعترف بهويتنا، لذا نُصر على الرأي العام الدّولي والأمم المُتحدة، للاعتراف فهنالك الكثير من الدّول اعترفت بمجازر الأرمن، ورغم ذلك نريد أن نحصل على اعتراف رسمي".