قتل النساء في ازدياد وقانون العقوبات الفلسطيني لا يحميهن
أكدت المحامية هبة حجازي أن قوانين العقوبات السارية في الأراضي الفلسطينية لا توفر حماية كافية للنساء والفتيات، ولا توائم الاتفاقيات الدولية التي تنص على ضرورة منح النساء كافة حقوقهن.
نغم كراجة
غزة ـ يعد قانون العقوبات الفلسطيني الصادر عام ١٩٣٦ أحد أقدم القوانين التي وضعت، وبالرغم من تحديث العديد من القوانين في السنوات الأخيرة بما يتلاءم مع الواقع، إلا أن هنالك بعض من النصوص القانونية المتعلقة بحقوق المرأة في حالة عجز لا تلبي طموحاتها.
أوضحت المحامية هبة سمير حجازي أنه بالرغم من مرور حوالي ثماني عقود على قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1936، إلا أنه لم يجرى عليه تعديلات ليواكب التطورات الاجتماعية والقضايا المتعلقة بالمرأة، مما أدى عرقلة تطبيق المساواة وحصول المرأة على حقوقها.
وأكدت على أن عدم تعديل قانون العقوبات تسبب في تشكيل حواجز أمام تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين في فلسطين، ويضع النساء أمام خطر التمييز والعنف والظلم خاصةً في ظل ظهور قضايا جديدة كالعنف الإلكتروني.
وأشارت إلى أن المرأة الفلسطينية تعاني من تبعات هذا القانون القديم، حيث يتم تجاهل القضايا المعاصرة التي تواجهها بما فيها العنف الأسري، التحرش الجنسي والابتزاز "تتعرض النساء للظلم والعنف الجسدي والنفسي نتيجة عجز القانون عن حمايتهن وتوفير العدالة لهن"، مضيفةً "نحن بأمس الحاجة إلى التعديلات القانونية؛ لتحقيق تغيير جذري وعادل لحقوق المرأة بالإضافة إلى تعديل بعض النصوص المتحيزة بما يتناسب مع الواقع الحالي ويعزز المساواة والحقوق النسوية".
ولفتت إلى أن قانون العقوبات الفلسطيني القديم لا يوفر حماية كافية للضحايا ولا يعاقب الجناة بشكل رادع خاصةً في قضايا التحرش الجنسي والعنف بأشكاله، لذلك لابد من توسيع نطاق العقوبات وتعزيز الآليات لتقديم الشكاوى ومعاقبة الجناة.
وترى أنه من الضروري تعديل قانون العقوبات الفلسطيني عام ١٩٣٦ الذي مضى عليه الزمن مع مراعاة تغيير النصوص التمييزية وتمكين المرأة من حقوقها وتوفير الحماية الكاملة لها، إلى جانب زيادة مشاركتها في مراكز صنع القرار، لضمان تمثيلها العادل وتواجدها في عملية صياغة القوانين من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.
وتعتبر المادة 18 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1936 إحدى المواد التي تؤدي لارتفاع معدلات العنف والقتل ضد النساء والفتيات، حيث تنص على وجوب قبول المعذرة من الجاني في حال كان بدافع الشرف أو ما يسمى بـ "غسل العار"، مضيفةً أن هذه المادة القانونية يستند إليها الجاني عند تبرير فعلته حتى يضمن الحكم المخفف بمدة أقصاها سبعة أشهر، كما أوضحت هبة حجازي.
وأضافت "للمادة 18 تأثير واضح في مواصلة ممارسة العنف والقتل ضد النساء والفتيات بدوافع الشرف أو لمصالح شخصية في العائلة، وتمنح الجناة فرصة الإفلات من العقاب"، لافتةً إلى أن القانون يتضمن تعديلات مجحفة منها إعفاء ولي الدم مقابل "مبلغ من المال" وإخلاء سبيل القاتل "أغلب قضايا القتل تنتهي مجراها بفنجان قهوة دون أن يأخذ الجاني عقابه المستحق، نتمنى أن يتم إقرار قانون عقوبات جديد منصف وموحد في قطاع غزة والضفة الغربية".
وشددت على ضرورة توسيع عملية مراقبة القضايا ذات الصلة بالعنف ضد النساء والفتيات وتعزيز تفعيل الآليات القضائية، بما في ذلك التحقيق الجنائي للتأكد من صحة الدعاوى وتطبيق العدالة، وإلغاء النصوص القانونية التي تتساهل مع مرتكبي جرائم "الشرف" أو تسمح بالعنف ضد المرأة "من المؤسف تبرير قتل النساء بجحه أنهن اعتدين على شرف العائلة ولتطبيق مبدأهم الذكوري تحت ما يسمى بغسل العار".
وأكدت على ضرورة دراسة النصوص التي تنظم قضايا القتل لضمان تطبيق عدالة حقيقية وحماية النساء من التمييز والظلم في الحالات الجنائية، وتعديل قوانين العقوبات وتشديدها في قضايا العنف، وتحديد المواد التي تحتاج إلى تعديل وتحليلها بدقة؛ لتعزيز حقوق النساء والفتيات الفلسطينيات.
وفي ختام حديثها قالت المحامية هبة سمير حجازي أنه عند مراجعتها لمجموعة من قصص الشابات اللواتي قتلن وجدت أنهن ضحايا "جرائم الشرف" لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء مقتلهن، حيث استند الجناة إلى الحصانة القانونية التي تمنحهم الحكم المخفف بحجة الدفاع عن شرف العائلة، ليغلق الملف على ذلك دون معاينة مسرح الجريمة والتأكد من الأدلة الجنائية "تقتل الضحية مرتين الأولى عندما تزهق روحها والثانية عند تبرير مقتلها بدافع أخلاقي أو حل القضية بدفع الدية".