قانون العقوبات الجزائري بعد التعديل... بين استحسان وانتقاد

أثار قانون العقوبات الجزائري بعد التعديلات الجديدة العديد من النقاشات وردود الفعل حول آليات تنفيذ المواد وطرق التبليغ وإثبات الفعل وغيرها الكثير من التفاصيل التي تراها العديد من الحقوقيات والناشطات أنها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

نجوى راهم

الجزائر ـ اتخذ المشرع الجزائري خطوة جديدة في نيسان/أبريل ٢٠٢٤، بإجراء تعديلات على قانون العقوبات، بهدف تعزيز تطبيق آليات بديلة وإعادة النظر في الكثير من فصول المواد القانونية، وأثارت هذه التعديلات نقاشات واسعة وسط نسويات وحقوقيات، بين انتقاد وقبول لها.

ترى القانونية ورئيسة قسم المنازعات القانونية في مؤسسة وطنية یاقوتة بن روقیبي أن أبرز التعديلات التي جاءت في قانون العقوبات مسّت كيفية تطبيق الجرائم المتعلقة بالمراقبة الإلكترونية، بالإضافة إلى تعديلات خصّت وضعية النساء في الجزائر، إضافة إلى تعديلات أخرى فيما يخص المصطلحات.

وأوضحت أن أهم التعديلات التي شملت المواد التالية "المادة ١٧ إلى غاية المادة ٢٣، والتي تضمنت المادة آليات الحماية في حال حدوث التحرش، من خلال حماية وإبعاد الضحية عن الجاني (المتحرش) فلا يجوز له التواصل مع الضحية تحت أي شكل من الأشكال بالإضافة إلى حماية الشهود وإبعادهم عن المتحرش لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، كما نصت المادة ٢٠ على توفير المتابعة النفسية مع تشديد العقوبة على الإجهاض".

وحول المادة ٣٢٦ التي تنص على جريمة اختطاف قاصر، حيث تم تعديلها من خلال حذف فقرة إذا تزوجت القاصر المختطفة من قبل الجاني تسقط عقوبة المتابعة والتي وصفتها بالخطيرة، مشيرة إلى أن استعمال مبدأ الصفح في قانون العقوبات لا يعطي الحق للضحية أو أهلها بمتابعة قانونية عادلة، كما أنه تم تعديل المادة 335 بتشديد عقوبة الفعل المخل بالحياء، وتشديد عقوبة جريمة الاغتصاب.

وترى ياقوتة بن روقیبي أن ما جاءت به هذه التعديلات لا تصب كلها في مصلحة المرأة، وانتقدت بشدة نص المادة ٢٠ والتي تنص على توفير الرعاية النفسية للمتحرش وهذه صيغة من صيغ الحماية التي لا يحتاج لها الجاني عكس ما تحتاجه الضحية من تطبيق آليات حماية لما تعرضت له أو عاشته من ظروف "يجب على المشرع الجزائري الأخذ بعين الاعتبار وضعية الضحية وليس الجاني".

كما انتقدت فصل انتهاك الآداب العامة الذي يحتوي على جريمة الاغتصاب وجريمة الفعل المخّل بالحياء، فعلى المشرع وضع مفهوم دقيق للجريمتين والفرق بينهما، مشيرة إلى أن مبدأ الصفح على الجاني حتى لو صفحت الضحية أو أحد أفراد أسرتها على العدالة استكمال إجراءات المتابعة القضائية لأنها تشكل خطر على النساء والمجتمع.

وأكدت أن قانون العقوبات بحاجة ماسة للكثير من التعديلات أهمها توضيح المفاهيم والمصطلحات وإعادة ضبطها، بالإضافة إلى الإلغاء التام لمبدأ الصفح على الجاني.

 

إشراك الجمعيات والناشطات النسويات ضرورة حتمية لابد منها

وبدورها ترى الناشطة ومؤسسة الجريدة النسوية الجزائرية آمال حجاج أن المشرع الجزائري تقدم بخطوات كبيرة من خلال بعض التعديلات التي مست قانون العقوبات والتي جاءت كثمرة وجهد لنضالات وضغط نسويات وجمعيات، فهناك الكثير من النقاط الإيجابية كإجراءات إبعاد المعتدين عن الضحية وتشديد عقوبة الاغتصاب والاعتداء الجنسي وجرائم العنف الإلكتروني وحماية الشهود في حالات التحرش مما يساعد على نشر ثقافة التبليغ ضد هذه الجرائم. فيما انتقدت بعض التعديلات كإصرار المشرع على مبدأ الصفح على الجاني، مطالبة بضرورة الإلغاء التام لهذه المادة.

وترى أنه من الضروري إشراك الجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني في كل المشاريع والقوانين التي تخص النساء والضغط على المؤسسات المعنية بالعمل مع المبادرات التي تقدمها النسويات والجمعيات.

وبينت أنه لم يتم إشراك الجمعيات النسوية في التعديلات، فطريقة صياغة القوانين يتم تمريرها على لجنات مستقلة لكن غير مدمجة (لا يوجد ادماج للمجتمع المدني)، وهذا ما يعكس التفكير بالطريقة القديمة في كتابة قوانين لا تتماشى مع الواقع الجديد.

وترى أن للمجتمع المدني دور فعال وحقيقي مع السلطات التشريعية والقضائية وليس دور مناسباتي، لأن هذا النقص هو ما يجعل عدة قوانين تتضمن إرادة التحسين لكن الصياغة والتطبيق لا تضمن ذلك.