نساء طهران: الوحدة هي مفتاح النصر
بعد أن لم يصوت مجلس النواب الإيراني على خطة "الحجاب والعفة"، أعلنت السلطات استخدام الذكاء الاصطناعي لمنع معارضة الحجاب، في ظل مواصلة نساء طهران نضالهن بغض النظر عن هذه القوانين.
برجين حكيم
طهران ـ بالرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على الانتفاضة الشعبية في إيران، لا تزال النساء والفتيات تواصلن المحافظة على الانتفاضة والعصيان المدني من خلال عدم ارتداء الحجاب الذي تفرضه الحكومة عليهن.
في السادس عشر من أيلول/سبتمبر 2022، اندلعت الانتفاضة الشعبية في إيران بقيادة المرأة بعد مقتل جينا أميني التي كانت تبلغ من العمر (22 عاماً) على يد شرطة الأخلاق التي كانت تقمع الفتيات والنساء اللواتي لا تلتزمن بالحجاب، وبعد اندلاع الانتفاضة والإدانات الدولية تم حلّ شرطة الأخلاق، والآن تقوم السلطات باستخدام الذكاء الاصطناعي لمنع معارضة الحجاب.
"لدينا مطالب كثيرة"
آنجلا جودت البالغة من العمر (38 عاماً) هي واحدة من مئات الفتيات اللواتي تخلّين عن حجابهن الإلزامي منذ بداية الانتفاضة الشعبية في إيران وشرق كردستان، موظفة في شركة خاصة وسط العاصمة طهران، وجميع صديقاتها في هذه الشركة تذهبن إلى العمل مرتديات ملابسهن الخاصة.
وحول موضوع الحجاب، تقول "في الأشهر العشرة الماضية لم يتم تحذيري من قبل أي شخص، وكنت دائماً مع المحجبات في مترو الأنفاق والمواصلات العامة، كوني كنت أرتدي الحجاب لم أشعر بالسوء تجاه ذلك، وعندما نلتقي بفتيات أخريات ونساء، نعطي بعضنا الأمل بابتسامة".
تأمل آنجلا جودت الحاصلة على درجة الماجستير في علم الاجتماع، ألا تتم الموافقة على مشروع قانون القضاء، لأنها لن تكون قادرة على دفع الغرامات التي سيخصمونها من راتبها الشهري الذي تتقاضاه، ومن ناحية أخرى، لا تريد العودة إلى الوقت الذي كانت تلبس فيه الثياب الداكنة والحجاب الإلزامي في أيام الصيف الحارة.
وأشارت إلى أنه "لقد كنا دائماً تحت نير القوانين الأبوية التي تحكم المجتمع، ومنذ مقتل جينا أميني الذي أدى إلى اندلاع الانتفاضة، كان هناك العديد من التغييرات الإيجابية في موقف المجتمع وخاصة الرجال تجاه ملابس النساء"، مضيفةً "سابقاً، كنّ نقلق ونتوتر عندما يسقط الشال عن رأسنا عن طريق الخطأ، أما الآن فنحن نخلعه بإرادتنا دون خوف، ولن نقف عند هذا الحد بل لدينا مطالب كثيرة ولا يزال الأمل في قلوبنا بأن تتحقق مطالبنا".
وتجلس نكار هوشمند البالغة من العمر (40 عاماً) وهي مديرة في أحد مكاتب شركة مرموقة، على مقعد في الحديقة بدون وشاح، وعن ذلك تقول "أعمل في شركة (خصولتي) ويجبروننا على القدوم إلى العمل بالزي الرسمي، أما خارج مكان عملي لا أرتدي الحجاب".
وشركة (خصولتي) التي جاءت من دمج كلمتي (خاصة ودولة)، هي الشركات التي لا تعتمد بشكل مباشر على الحكومة ولا تحصل على نصيب من الميزانية الحكومية، لذا فهي يجب أن تكون خاصة، لكنهم يتلقون أيضاً تنازلات كبيرة من الحكومة، لذا فهم أيضاً شركاء مع الحكومة.
وأوضحت نكار هوشمند أنه "بالأمس في شركتنا، جاءت إحدى الزبائن لاستلام فاتورة بدون الحجاب الإلزامي، ولم يسمح لها الأمن بالدخول، وكان على الزملاء أخذ الفاتورة بأنفسهم إلى مدخل الشركة".
هانا برويزي البالغة من العمر (18 عاماً) طالبة في المرحلة الثانوية، ترتدي قميصاً وبنطالاً وتلعب كرة الريشة مع صديقتها، تقول "قبل أيام قليلة، أجرينا امتحاناً في أحد المراكز التعليمية، ولم يسمحوا لنا بالدخول بدون قناع، وبقيت الكثير من الفتيات خلف الباب، وبعد حوالي 10 دقائق، وصلت أربعة أو خمسة فتيات بدون أقنعة وأصبحنا 10 فتيات ودخلنا بثقة غير آبهات بالحراس عند الباب"، مضيفةً "الوحدة هي مفتاح النصر".
وهذه هي قصص النساء في شوارع طهران، وكلهن تملن في قلوبهن أمل في أن تؤتي ثمار الانتفاضة.
ولكن، تم بذل الكثير من الجهود لوضع قيود ومحاربة ما يسمى بغير الحجاب، وفي نهاية أيار/مايو الماضي، اقترح القضاء والحكومة مشروع قانون بعنوان "دعم ثقافة العفة والحجاب"، والذي لاقى انتقادات كثيرة.
ويقترح هذا النص تشديد العقوبات، المالية خصوصاً، على أي امرأة "تخلع حجابها في الأماكن العامة أو على الإنترنت"، لكن من دون الذهاب إلى حد السجن.
إلا أن مجلس النواب لم يصوت على خطة "العفة والحجاب" العاجلة، وبعد ذلك أعلنت اللجنة الثقافية في مجلس النواب عن استخدام الذكاء الاصطناعي للتعامل مع من لا ترتدين الحجاب.
التعرف على وجوه الفتيات
ومن ناحية أخرى، أعلن قائد الشرطة الإيرانية أنه من أجل التصدي لمظاهر خلع الحجاب وفرض رقابة إلكترونية على ذلك للحد من الظاهرة، يجب وضع كاميرات مراقبة في الشوارع للتعرف على النساء والفتيات اللواتي لا ترتدين الحجاب الإلزامي وترسل لهن رسالة نصية للمرة الأولى، وفي المرة الثانية تتم إحالتهن إلى المحاكم.
وحول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التعرف على وجوه النساء والفتيات اللواتي لا ترتدين الحجاب، تحدثت وكالتنا مع خبيرة تكنولوجيا المعلومات فروزان اسكندري.
وفي إشارة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في عصر كورونا في التعرف على المواطنين/ات وتغريمهم بدون أقنعة، قالت فروزان اسكندري "في عصر كورونا تم تحديد المواطنين/ات الذين لا يرتدون أقنعة وتغريمهم باستخدام الذكاء الاصطناعي، والآن للتعامل مع عدم ارتداء الحجاب يتم مطابقة الصور مع قاعدة البيانات وبعد ذلك يتم تغريم النساء والفتيات اللواتي لا تلتزمن بالحجاب".
وعن كيفية مطابقة هذه الصور مع قواعد البيانات من قبل الشرطة الإيرانية، توضح أن "الكاميرات تستطيع تسجيل وجوه المحجبات أو غير المحجبات فقط، والطريقة الوحيدة المتبقية هي مطابقة صور المحجبات مع قاعدة البيانات، أي أن الصور تتطابق مع قاعدة البيانات من خلال سلسلة من العاملين ليتم تحديدهم".
وأشارت فروزان اسكندري إلى أن هذه الأساليب فيها أخطاء كثيرة، ومن ناحية أخرى لا ينبغي تجاهل الجوانب الاجتماعية والنفسية لمثل هذه التصرفات ببساطة، لأنها تسبب عدم الثقة بين الناس.