نساء شرق كردستان... رائدات المقاومة من أجل الحرية والمساواة

لقد كانت نساء شرق كردستان دائماً ضحايا للعنف الهيكلي والأبوي للنظام الإيراني، لكن في الوقت نفسه، هن رائدات المقاومة من أجل الحرية والمساواة.

مركز الأخبار ـ العنف في الأسرة والمجتمع ظاهرة قديمة جداً، حدتها تختلف باختلاف المجتمعات وطبقات المجتمع، وكان العنف ضد المرأة أحد أكثر أشكاله شيوعاً واستقراراً، وهو يبدأ حتى قبل ولادة الفتاة بالرغبة في إنجاب طفل ذكر، ويغطي فترة الرضاعة والطفولة والمراهقة والشباب والبلوغ، ويستمر حتى الشيخوخة.

لم تتوقف سلسلة العنف المريرة هذه فحسب، بل على الرغم من الجهود التي بذلتها الحركات النسائية والأنشطة المدنية والأبحاث المكثفة على مدى عقود من الزمن، فإنها لا تزال موجودة بطريقة منهجية وواسعة النطاق وتعتبر المرأة سلعة، بطريقة وصلت إلى حدود العالم، ولم يسلم مجتمع النساء في شرق كردستان من أعمال العنف هذه، وواجهت النساء دائماً العنف في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

إن العنف المتأصل في العادات القديمة والعقلية الأبوية، وفي كلا الحالتين يمتزج معاً وينتقل من جيل إلى جيل، ويعاد إلى المجتمع النسائي بمنظور وخيال أنثوي، حتى لا يكون هناك خلاص منه؛ لأنها تعتبر جريمة وخطيئة وعصيان، وفي حالة الاحتجاج أو الوقوف يواجهون الأسرة والمجتمع والسلطات، لأنها اتخذت جانباً مقدساً لا يمكن تغييره.

 

ختان الإناث في شرق كردستان... جروح في الجسد والروح

يعد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث) أحد أشد أشكال العنف ضد المرأة، ويترك آثاراً نفسية وجسدية عميقة على الضحايا، والآثار تصاحبهم على مدى الحياة، ولا تزال هذه الممارسة، التي تعتبر انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، منتشرة في بعض مناطق إيران، بما في ذلك مناطق سنه وأورمية وموکریان، هورامان، کامیاران وكرمشان.

وعادة ما يتم ختان الإناث بين سن 3 و 12 سنة، أو في بعض الأحيان قبل الزواج، ويتضمن قطع جزء من الأعضاء التناسلية الأنثوية، وهذا الفعل، الذي يتم في كثير من الأحيان بحجة الحفاظ على العفة، والسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة، لا يشكل انتهاكاً واضحاً لحقوقها الجسدية فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى عواقب جسدية ونفسية مؤلمة مثل العدوى والألم المزمن والاضطرابات الجنسية والاكتئاب والقلق.

وبسبب ثقافة التوجه الأسري، كجزء من ثقافة هذه المنطقة، تسبب العنف في كردستان في أكبر الأضرار الجسدية والعقلية للنساء، وبالطبع تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا لا يعني أن ثقافة التوجه الأسري تحمل عبئاً سلبياً وتجلب الخسائر، ونقصد هنا التجاوزات التي تدخل في كل جزء من المجتمع، ولكن الفضاء أو البيئة لم تعد مكاناً آمناً لنمو وتطور الإنسان، وخاصة المرأة، وتتبع معظم الحالات الوفاة والانتحار وهروب الأشخاص، وخاصة النساء.

وسجل العنف المنزلي، الذي أدى إلى قتل النساء وانتحارهن، أعلى رقم في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، فأرتفع عدد جرائم القتل والانتحار للنساء في شرق كردستان بنسبة 30%، وخاصة في مناطق كرمشان وأورمية وإيلام على يد الآباء والأخوة والأزواج، أثار قلق المجتمع الإنساني والنساء، وبحسب الإحصائيات المقدمة، فإن حوالي 10% من جرائم القتل والانتحار كانت لفتيات دون سن 18 عاماً، والباقي فوق 30 عاماً، وهذه حقيقة تبين أن مسألة القتل والانتحار تتجاوز ظاهرة وتطور النضج الفكري والجسدي، الذي يعزى أحياناً إلى قتل النساء أو انتحارهن.

 

زواج القاصرات وأمومة الأطفال تكرار دائرة المعاناة والحرمان

يعد زواج القاصرات وأمومة الأطفال من الأسباب الأخرى للعنف التي ألقت بظلالها على المجتمع النسائي لفترة طويلة، ولا يزال يتعين على المرأة أن تدفع ثمنها، هذه العادة في شرق كردستان مع السؤال "هل كيلو القطن أثقل أم الحديد؟" وحتى اليوم، وضعت المرأة تحت وطأة هذه المسؤولية، التي تحولت في أغلب الأحيان إلى موتها التدريجي.

ووفقاً لأمر علي خامنئي، تم تشجيع "الإنجاب" وتقديم التسهيلات المصرفية للزواج والإنجاب في السنوات الأخيرة، وقد دفع ذلك بعض الأسر إلى إجبار أبنائها الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً على الزواج بسبب الفقر والاستفادة من هذا التسهيل، وبحسب آخر الإحصائيات المنشورة، فقد تم تسجيل 8000 حالة زواج لفتيات دون سن 15 عاماً، وانتهت أكثر من نصفهن بالطلاق.

 

العنف عبر الإنترنت... التكنولوجيا تعمل على قمع المرأة

العنف عبر الإنترنت أو العنف الرقمي ضد المرأة هو شكل آخر من أشكال العنف الذي يحدث من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الهواتف المحمولة، الإنترنت، وسائل التواصل الاجتماعي، ألعاب الكمبيوتر، الرسائل النصية، البريد الإلكتروني وغيرها) وتؤدي إلى العنف اللفظي والجسدي وفي بعض الحالات الانتحار والقتل، ففي 9 نيسان/أبريل، في مدينة سردشت، وصلت قناة التلغرام "قفخانة" إلى 12 ألف عضو في أقل من أسبوع، وفي دقائق معدودة وصل عدد زيارات التلغرام إلى 40 ألف شخص، مما جلب للمجتمع النسائي العديد من السلبيات الاجتماعية والعواقب الثقافية بما في ذلك الطلاق والمشاجرات والصراع اللفظي.

وقعت النساء في شرق كردستان، بعد انتفاضة "Jin jiyan azadî"، في قبضة القمع من قبل النظام الإيراني، ومع الضغوط المتواصلة، ضيق هذا النظام عليهن، لتضطررن إلى النضال والاستجداء من أجل كل نفس، وإن تزايد جرائم القتل والانتحار والهجرة القسرية وأحكام السجن الثقيلة والإعدامات يظهر صورة مؤلمة لوضع المرأة في المنطقة.

 

سجينات في براثن النظام الأبوي... صوت المقاومة من خلف القضبان

وتتزايد أعداد السجينات من شرق كردستان، بحيث أن غالبية الناشطات في مجالات المرأة والطفل والبيئة يقبعن في السجون، لمدد تتراوح بين 10 إلى 60 سنة والأحكام المؤبدة هي أمثلة واضحة على حبس النساء لسنوات عديدة في براثن النظام الأبوي.

زينب جلاليان، امرأة سياسية كردية وناشطة في مجال حقوق المرأة، حكم عليها بالسجن المؤبد، وهذا الحكم هو أحد أعمال العنف التي تضع المرأة بشكل مباشر في براثن النظام الأبوي، فهي منذ 17 عاماً، محرومة من أي حقوق، حتى الطبية، ولا تزال تكافح نفسياً وجسدياً تحت أقسى أنواع التعذيب على يد المخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وبخشان عزيزي من بين ناشطات أخريات في مجال حقوق المرأة، وانضمت لثورة روج آفا لدحر داعش ولذلك هي تواجه حكم الإعدام، كذلك حكم بالإعدام على وريشة مرادي وهي إحدى النساء الكرديات الناشطات والسياسيات الأخريات اللاتي اتُهمن بالتحريض على الفتنة، كما حُرمت من الحصول على الرعاية الطبية، بما في ذلك الطوارئ.

وشريفة محمدي هي إحدى الناشطات اللاتي حكم عليهن بالإعدام بتهمة التخابر مع قوى المعارضة للنظام الإيراني، وبعد فترة تم نقض هذا الحكم، وإحالة القضية إلى المحكمة العليا للإجابة النهائية، والتي كان من المفترض أن تعقد قبل يومين، ولكن تم تأجيلها إلى موعد آخر.

كل هذه الوثائق والإحصائيات والتقييمات تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشن حرباً خاصة ضد المرأة، وخاصة في كردستان، وسياسة تضع النساء في براثن حكم الإعدام وتستخدمهن كرهائن ضد المجتمع.

إن تطبيق مثل هذه السياسة يضع المجتمع بين خيارين إما الاستسلام أو القتال، ورأينا مثالاً على ذلك في انتفاضة "Jin jiyan azadî" عندما مارست السلطات العنف ضد الشباب والنساء المنتفضين، الذين فقدوا حياتهم نتيجة هذا العنف، لكنهم لم يستسلموا وبدأوا القتال من خلال دعوة بعضهم البعض إلى ساحة المعركة ومواجهة قوات الجيش والمخابرات والشرطة.

أمهات أشتي ودادخاه، ومنهن المربية مينا سلطاني، من الكشافة الذين لم يغادروا ميدان النضال سواء أثناء الانتفاضة والآن، ومع الإجماع الاجتماعي، وتم إحياء ذكرى شهداء الانتفاضة ولقد كرموا ذكراهم وسيواصلون النضال حتى اليوم الذي سيقاضي فيه الناس الجمهورية الإسلامية.

 

الخلاصة: طريق للتغيير

والآن، أصبح أسلوب النضال هذا الذي بدأ في الانتفاضة الثورية "Jin jiyan azadî" ثقافة جماعية تتسم دائماً وفي كل حالة بالوحدة والتضامن الفكري والعملي، يتم تطبيقه داخل السجن وخارجه، ويدعو بعضهم البعض إلى النضال الجماعي ضد الظلم حتى يتم تطبيق العدالة الاجتماعية التي ذكرتها وريشة مرادي والناشطات المعتقلات في رسائلهن.