ناشطة تونسية: لا مساومة على الحقوق والحريات
أكدت الناشطة النسوية عايدة بن شعبان، أنه لا يمكن المساس بما حققته التونسيات من مكتسبات، لأن ما تحقق للآن كان ثمنه دماءهن، مشددةً على أن النسويات لا تقبلن أبداً المساومة على الحريات والحقوق.
زهور المشرقي
تونس ـ انتقدت ناشطة تونسية تراجع الصوت النسوي في الشارع والتزامهن الصمت، معبرة عن غضبها من عدم بلوغهن المساواة التامة بعد في تونس، وأكدت على أن القانون 58 لمناهضة العنف ضد النساء لا يحتاج للتنقيح بل إلى التنفيذ على أرض الواقع.
أرجعت الناشطة النسوية والحقوقية عايدة بن شعبان، ارتفاع نسب العنف وقتل النساء إلى أسباب اجتماعية وسياسية، معتبرةً أن تغييب المرأة عن المنابر الإعلامية قلل من قدرتها على الحديث عن هواجس ومشاكل النساء في تونس.
وأشارت إلى أن هناك تغييب للمدافعات عن حقوق النساء في المشهد الإعلامي التونسي "لم نعد نرى نساءً تتحدثن عن الشأن النسوي في المنابر الإعلامية، وذلك يدخل ضمن إقصاء ممهنج لكونهن تعشن في مجتمع ذكوري أبوي".
وأوضحت أنها ترى "منابراً إعلامية تس081يء استخدام صورة المرأة وتتخذ قرارات لا تتناسب وما بلغته المرأة، وقد تجلى ذلك حتى في تطبيق قانون مكافحة العنف الذي لم تدخر الدولة جهداً في توفير ميزانية خاصة به تضمن إنشاء مراكز لإيواء ضحايا العنف وغيرها من الإشكاليات التي بينت اللامبالاة التامة من قبل السلطة في مواجهة أوجاع النساء ومطالبهن".
وعما بلغته النساء من مآسي أشارت عايدة بن شعبان، إلى أن الأرقام سجلت مقتل 33 امرأة في سابقة خطيرة ومفجعة، وأن أغلب المعنفات اللواتي تتوجهن إلى مراكز الأمن لا تجدن الإحاطة والدعم والاستماع لهن، لاسيما وأنهن ضحايا للعنف الزوجي الذي افتك بالتونسيات خلال السنوات الأخيرة بنسبة 80%، لافتةً إلى أن هذه المجازر حصلت في ظل وجود القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء "نتأسف على هذا القانون الذي يعد ثورياً وقادراً على إحداث التغيير، ولكنه للأسف لم يفلح في الضغط على الآفة التي تستهدف النساء في مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية".
وتطرقت إلى عدم وجود مراكز لإيواء المعنفات، مما يجعلهن بين مأزق العودة إلى منزل الزوج أو الأب أو الأخ المعنف أو الشارع، فضلاً عن ضعف تكوين الأعوان الذين عينوا في مراكز الأمن لاستقبال المعنفات وتوجيههن، وهي عوامل شجعت المعنف وزادت من عدد حالات القتل ضد النساء.
وانتقدت تراجع الصوت النسوي في الشارع التونسي "التزام الصمت قد يفسره الحاكم كونه موقف؛ تعودنا حين نسمع من الإعلام أن امرأة قتلت نخرج للشارع ونندد ونعبر عن غضبنا، ونوصل للسلطة إننا غير راضيات، وندعو إلى تطبيق القانون وتحرك الرأي العام في اتجاه الكشف عن الحقيقة وتمكين النساء من حقوقهن القانونية، لكن منذ فترة خفتت الأصوات وهذا مخيف".
وأعادت غياب الغضب النسوي تجاه الجرائم المرتكبة بحق النساء إلى الخوف من السلطة التنفيذية ومن المرسوم 54 من تلفيق التهم لهن، مشيرةً إلى أن هناك نوع من التضييقات على الحريات قد يدفع النسويات إلى التزام الصمت.
وأفادت بأن العنف يطال كل النساء دون تمييز وبات الأمر مقلقاً ومخيفاً، داعية النسويات إلى العودة لضغط الشارع دفاعاً عن حقوق النساء وتحديداً بالعنف الذي بات تقتيلاً.
وعن قصر تطبيق قانون مكافحة العنف، قالت عايدة بن شعبان إنه منذ تسليم حركة النهضة الحكم عينت في مفاصل الدولة من يحمل الولاء لها، مؤكدةً على ضرورة محاسبة من يرفض تطبيق القانون "ليس من المقبول محاسبة معنف بقانون حق عام، هذا إجرام بحق النسويات اللواتي تناضلن من أجل حقوقهن ومن أجل سن هذا القانون".
وذكرت أنها لامست الكثير من الرجعية في تطبيق القوانين، مشددةً على أهمية تكوين القضاة والمحامين بخصوص قانون مجابهة العنف، معبرةً عن غضبها من المسار القضائي للشكاوى الذي بات عائقاً أمام النساء المعنفات، واصفةً إياه بالمعقد ولا يناسب غير المستقلات مادياً نظراً لتكلفته "بات مكلفاً أن تقدم ضحية عنف شكوى، ومن واجب الدولة تسهيله، برغم أن المجتمع المدني في تونس يقوم بواجبه وأكثر لكن لا يمكن أن يتحمل المسؤولية كاملة لاعتبار إمكانياته قليلة، الإشكالية هي في كيفية مرافقة المتعرضة للعنف من البداية إلى النهاية والجهة الوحيدة المخولة هي الدولة ومؤسساتها".
وعبرت عن رفضها لتنقيح القانون 58، معتبرةً أنه مكتمل فقط بحاجة إلى التنفيذ على أرض الواقع "القانون لم يطبق كما يجب، كيف يتم تنقيحه؟ هو قانون ثوري وقادر على الحد من العنف".
وحول إمكانية تعرض مكاسب النساء للتهديد أو المساومة، أوضحت إنه لا يمكن المساس بما حققته التونسيات، لأن كل ما وصلن إليه اليوم تم بدمائهن "لقد سبق وحاولت حركة النهضة خلال فترة حكمها ولم تنجح في مساعيها، لقد وجدت الصد النسوي القوي، ونعلم أن محاولات الرفض والعداء لنضال النسويات متواصلة، لكننا كنساء جاهزات لأي معركة من أجل حقوقنا وحريتنا التي لا نساوم فيها، لن نتنازل عن حقوقنا، الجميع يعرف أن العمود الفقري لحضارة وقوة تونس هن النساء وقد ساهمن في بناء تونس الحديثة التقدمية وشاركن منذ الاستقلال، وخضن معارك كثيرة ومرهقة من أجل سن العديد من التشريعات ولم تستسلمن، والمرأة التونسية بانية الدولة ليست على الهامش وبالتالي لا يمكن لأي طرف إقصائها".
وأكدت "من يهاجم النساء يخاف من قوتهن وتفوقهن، فهن تنددن وتدافعن عن حقوقهن دون خوف"، وقالت في ختام حديثها "لا أخشى على حقوق النساء في تونس، بل أدعوهن إلى النضال معاً من أجل مزيد من الحقوق كالمساواة في الميراث، ليس معقولاً أن يكون لدينا الحق في التعليم والصحة والإجهاض منذ عقود ولم نبلغ اليوم المساواة التامة".