ناشطة حقوقية تدعو للحد من جرائم قتل النساء في تونس
لا يكاد يمر يوم دون أن تصدح وسائل الإعلام المحلية في تونس بخبر مقتل امرأة، على يد زوجها خنقاً أو بآلة حادة أو بطريقة ما فالطرق مختلفة والنتيجة واحدة
زهور المشرقي
تونس ـ لم تنجح الجمعيات النسوية والمجتمع المدني والحقوقي في تونس في التأثير على السلطة والضغط نحو مجابهة فعلية لآفة "قتل النساء"، وتوفير الحماية المطلوبة بالرغم من كل الوقفات الاحتجاجية والبيانات المنددة بهذه الجرائم التي تسجلها تونس بشكل متصاعد.
شهدت تونس خلال الآونة الأخيرة جرائم قتل عدة راحت ضحاياها نساء وفتيات، إحداهن بمحافظة سوسة وهي حامل في شهرها الخامس خنقاً على يد زوجها، وأخرى في محافظة القيروان ذبحت على يد زوجها بسبب عدم تأمين مصاريف المنزل، وثالثة فقدت حياتها في محافظة الكاف بسبب خلاف مع زوجها، وكثيرة هي القصص الأخرى التي غالباً ما تُدفن وراء الجدران، ولا تتسرب عنها أسبابها الحقيقية وتفاصيلها لتُسجل في دفاتر الحالة المدنية "توفيت نتيجة سكتة قلبية"، وهي حوادث من واقع تونس المرعب.
وفي بلد شهد اثنتي عشرة حالة قتل للنساء في أقل من ثلاثة أشهر، وعلى الرغم من وجود قانون كامل جاء ليحميهن، وجب الوقوف عند خطورة هذا الوضع وتفسيره بدراسات معمقة تدرس الأسباب وتضع الحلول.
ترى رئيسة جمعية "هن" إيمان الشريف أن "تطور القوانين في تونس لم يحمي النساء ولم يساهم في تغيير واقعهن بسبب ضعف تنفيذها الذي زاد من ارتفاع وتيرة العنف الذي بلغ حد قتلهن والتنكيل بهن بطرق بشعة"، محذرة من تحول العنف الأسري والزوجي إزاء النساء إلى عنف مجتمعي ضدهن وهو ما سيؤدي إلى كارثة حقيقة خاصةً مع غياب تنفيذ القانون وصعوبة دخول النساء إليه نتيجة العقبات التي وضعت، ودعت النسويات مراراً إلى إصلاحها، إضافة إلى العقلية الذكورية المستبطنة في المجتمع التي تحتقر النساء ولا تقدرهن.
وعبرت عن خشيتها من تحول آفة قتل النساء إلى أمر عادي لا يقلق التونسي بسماعه "نخشى من أن يصبح مقتل امرأة أو فتاة خبراً عادياً في وسائل الاعلام، علاوة على العنف الذي باتت تعيش تحت وطأته النساء وتتعايش معه بصمت خوفاً من النظرة المجتمعية الرجعية التي تضع كل العبء على الضحايا المعنفات".
وأشارت إلى أن مآسي غياب مراكز الإيواء يضع المعنفة في دوامة من العذاب والحيرة فتضطر إلى تقبل العنف والصمت خوفاً من الشارع ومخاطره إذا تركت محل سكناها هرباً ولا تجد من يؤويها.
وانتقدت تراخي وزارة المرأة وغياب دور حازم إزاء تنامي هذه الممارسات تجاه النساء في وقت يعنفن ويقتلن بطرق بشعة، ودعت السلطة القائمة إلى فرض تطبيق القانون وتتبع المعنف والقاتل وزجرهما، لا بإخلاء سبيلهما بكفالة على سبيل المثال، ويجب ألا يكونا مشمولين بأي عفو رئاسي، معتبرةً أن سياسة الإفلات من العقاب هي التي دفعت إلى تضاعف نسب العنف.
وذكرت بالسلبية التي يتميز بها القضاء في تناول قضايا العنف ضد النساء حيث ظلت أعداد كبيرة منهن في انتظار تدخل السلطات بحمايتهن وتنفيذ القانون ضد المعتدين، مشيرةً إلى أن كل المؤشرات تدل على وجود خلل واضح في معالجة مسألة العنف بشتى أشكاله والتي تبدأ من استقبال الضحايا في مركز الشرطة مروراً بالمحكمة وصولاً إلى نظرة المجتمع التي تحتاج إلى عمل مضاعف وتوعية لتغييرها.
وأوضحت أن جريمة القتل ليست وليدة لحظة غضب بل هي نتيجة سلسلة من العنف المسلط على الضحية ينتهي بالقتل بطرق بشعة، داعيةً إلى استمرار النضال لمقاومة فكرة استضعاف المرأة لتنفيذ القانون، مشددةً على أن مكافحة العنف وقتل النساء يتحقق أيضاً بتوفير الاستقلالية المادية لهن وتمكينهن اقتصادياً حتى تكن قادرات على كسر حاجز الصمت والخوف والتبليغ ومقاضاة المعنف ومتابعة مسار القضية المطول الذي يحتاج تكاليف مادية إلى حين محاسبته.
واعتبرت أن محاربة آفة العنف وقتل النساء تتطلب استراتيجية محكَمة وتنسيقاً مع الجمعيات النسوية ومنظمات حقوق الإنسان الفاعلة للضغط باتجاه تنفيذ القانون بصرامة ومتابعة مسار عدم الإفلات من العقاب.