ناشطة حقوقية: العمل على تغيير العقليات والسياسات بات ضرورة ملحة
سجلت حقوق المرأة في تونس تراجعاً ملحوظاً، وعانت خلال السنوات الأخيرة من تصاعد العنف المسلط ضدها، بينما تنكر الحكومة مسؤوليتها في الحماية والوقاية.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ قالت الناشطة الحقوقية يسرى دعلول إن المرأة التونسية تعاني من انتهاكات "مؤلمة" و"موجعة" في جميع المجالات، وأنه لابد من تغيير العقليات والسياسات للحد من هذه الانتهاكات.
نقائص القانون رقم 58
يفترض أن يحد القانون رقم 58 من العنف المسلط ضد المرأة، إلا أن ما حدث هو العكس، حيث أفادت الناشطة الحقوقية ورئيسة فرع سوسة للنساء الديمقراطيات يسرى دعلول أن المشكلة ليست في القانون الذي صدر نتيجة نضالات نسوية جمة، على الرغم من أنه قانون عظيم يرقى بواقع المرأة التونسية والمجتمع، وإنما المشكلة تكمن في عدم تطبيقه على الوجه المطلوب.
وأوضحت بأن المشكلة تكون في الآليات الضرورية لتطبيقه وفي النصوص الترتيبية التي تنقصه "عندما نتحدث عن القانون رقم 58 يرد إلى الأذهان الإعانة العدلية التي تفتقر إلى صرف الميزانية اللازمة والحكومة لم تفعّل الباب الأساسي المتعلق بالوقاية حتى يكون لدينا استباقاً".
وأكدت أن الدستور التونسي والاتفاقيات الدولية والقانون الأساسي وغيره لا يتم تطبيقها كما يجب، بسبب النقص في الآليات وهناك سياسيات ونصوص ترتيبية يجب أن توضع، كما يجب العمل على المزيد من التدريب والتوعية وتوفير ما يلزم لتطبيقه، محملةً الحكومة المسؤولية باعتبار أن القضية ليست قضية قانون فقط بل قضية مجتمع، ويجب على كل الأطراف المتداخلة أن تعمل معاً وفي شراكة، وخاصة مسؤولية الحكومة في اتخاذ التدابير التي تقضي على التمييز واللامساواة وتحرص على تكافؤ الفرص وتساوي الأجور بين الجنسين وغيرها من المسؤوليات والإجراءات التي يجب عليها اتخاذها عبر مؤسساتها المختلفة.
وعن انتهاك حقوق النساء قالت يسرى دعلول "حقوقهن حقوق إنسانية يجب أن تتمتعن بها، فهن تتعرضن لانتهاكات مؤلمة وموجعة لا نريد أن نذرف الدموع عند ذكرها، لكن نريد أن نغير ونحسن حياة النساء وعيشهن والحفاظ على كرامتهن، لاسيما وأننا لاحظنا خلال السنوات الأخيرة أن جرائم القتل تضاعفت خاصة فيما يتعلق بشاحنات الموت التي راح ضحيتها مئات العاملات، وهو ما يستوجب اتخاذ اجراءات لهذه المسألة باعتبار أن هناك قوانين يجب أن تطبق".
وأضافت "لدينا أرقاماً للعديد من الانتهاكات ونفتقر إليها في البعض الآخر فلا نستطيع العمل عليها خاصة العنف المسلط على ذوات الإعاقة، والاعتداءات متعددة ومتنوعة والأرقام مفزعة ولا يوجد أي تصور لمعالجتها، وذكرها ليس لهدف اللوم بل الهدف لفت الوعي حول ضرورة التعاطي الفعلي والجاد لمعالجة هذه الظاهرة التي تصل إلى وضع حد لأقدس حق من حقوق النساء ألا وهو حقها في الحياة".
التراجع عن التناصف
وعن التراجع في مبدأ التناصف قالت يسرى دعلول "عندما يكون لدينا مكسباً فلا يجب التخلي عنه أولاً، التناصف جاء نتيجة تراكمات لنضالات الحركة النسوية والحركة الحقوقية بشكل عام في تونس وكل المناضلات في مجال حقوق النساء، وبالتالي من غير المعقول إلغاؤه بجرة قلم والإرادة السياسية يجب أن تبقى دائماً موجودة وتعمل على تحقيق المساواة، وبالنسبة لنا الحقوق منصوص عليها في الدستور وهي تفتك ولا تهدى وسنعمل على استرجاع ما حذف منها، فليس للحكومة رقي وكرامة النساء مهدورة".
وأضافت أن "التناصف هو مكسب كبير تم التراجع عنه ويجب أن يتم تدارك هذا الأمر، وخاصة كوننا في مجتمع ذكوري والعقليات لا تتغير في ليلة وضحاها، وبالتالي الحفاظ على المكسب والعمل بالتوازي على تغيير العقليات وتغيير السياسات، ويجب أن تكون هناك سياسيات توضع في مجالات عملهن التمويلات اللازمة للنهوض بواقع النساء وتضعن البرامج اللازمة والخطط الاستراتيجية المطلوبة للحد من العنف".
ولفتت إلى أن "العمل على تغيير العقليات لا يجب أن يكون في المناسبات فقط بل على العكس، يجب أن يكون يومياً يبدأ أولاً بإدراج البرامج التربوية والتوعوية وإدراج الحقوق المتساوية بين الجنسين والقضاء على الصور النمطية وتخصيص ميزانيات التكوين والتدريب سواء لإطارات التربية والصحة والداخلية وغيرها من المؤسسات المتداخلة والتي يجب أن تعمل بشكل مشترك للقضاء على العنف، بمعنى أنها قضية لا تقتصر فقط على تقديم مداخلة في ندوة".
وفي ختام حديثها قالت يسرى دعلول إن "تغيير العقليات هو عمل يومي ويجب أن تتظافر فيه الجهود بين الأفراد والمؤسسات والجمعيات ويجب أن تحترم الحكومة ضرورة تفعيل القانون لأن الحديث عن دستور وعن حقوق إنسانية ومساواة وتكافؤ فرص وعدم استغلال اقتصادي وتناصف ليس مجرد كتابة جمل لتبقى حبراً على ورق بل هي اجراءات وخطط يجب أن تطبّق".