ناشطات يطالبن بمزيد من مراكز الإيواء ويناشدن الجهات المختصة بالدعم
باتت الجمعيات النسائية في المغرب ملاذاً للنساء المعنفات، سواءً من خلال مراكزها للاستماع والإرشاد القانوني أو مراكز الإيواء التي توفرها لحمايتهن
حنان حارت
المغرب ـ ، حيث فاق دورها الجانب التوعوي إلى جانب تلك المهمة الصعبة التي تحتاجها المعنفة لحمايتها من أي خطر قد يمسها.
أمام الوضع الذي تجسده حالات عنف مأساوية تمس النساء وتسبب لهن آثار نفسية صعبة، تبذل الجمعيات النسوية جهود متواصلة للتعريف بأنواع العنف وكسر حاجز الصمت والخوف ومؤازرة الضحايا وتوفير مراكز لإيوائهن في حالة خروجهن من بيت الزوجية ومرافقتهن في الوصول إلى للعدالة.
وكسائر بلدان العالم برغم توفر هذه المراكز إلا أنها تظل غير كافية، كما أن طاقتها الاستيعابية لا تكفي لاستقبال عدد أكبر من النساء الضحايا، وتعد فيدرالية رابطة حقوق النساء واحدة من الجمعيات المغربية التي تحتوي على مركز لإيواء النساء المعنفات، حيث خاضت هذه التجربة منذ عام 2006.
وعن أهمية مراكز الإيواء قالت عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء خديجة تكروين لوكالتنا إن "أهمية مراكز الإيواء تظهر من خلال الخدمات التي تقدمها للنساء ضحايا العنف؛ لأنها تعتبر ملاذاً وملجأً للنساء اللواتي يتعرضن لجميع أشكال العنف، حيث يجدن أنفسهن بعد طردهن من بيت الزوجية، مشردات في وضع غير آمن".
وترى محدثتنا أنه رغم الدور الذي تلعبه هذه المراكز، إلا أنها تبقى غير كافية أمام تنامي ظاهرة تعنيف النساء، مشددةً على ضرورة انخراط الحكومة والوزارة المعنية لإعطاء الأولوية لإنشاء مراكز وفق معايير وضوابط تسمح بتقديم الخدمات المنوطة بها.
وحول إمكانية مكافحة ظاهرة العنف من خلال تسهيل التدابير والاجراءات، بعد إقرار قانون محاربة العنف، قالت خديجة تكروين أن الإجراءات لا تعتبر كافية كما أنها غير ناجعة ولا توفر الحماية التي نص عليها القانون 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وليس لها أبعاد الحماية والوقاية وجبر الضرر والتكفل بالنساء وتمكينهن اقتصادياً.
وعن الفرق بين مراكز الإيواء وخلايا التكفل أوضحت أن خلايا التكفل تابعة للجان محلية وجهوية تستقبل النساء وتستمع إليهن، لكنها لا تتكفل بهن حيث لا تحتوي على مراكز لإيوائهن.
ويمتلك المغرب 86 خلية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال والمنتشرة على المستوى الوطني بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، توجد مقراتها بالنيابات العامة وتتكون من ممثل عن النيابة العامة، وقاضي تحقيق، قاضي حكم، قاضي أحداث، كاتب ضبط، ومساعدة اجتماعية بالمحكمة.
وقالت عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء "كحركات نسوية نرى أن هذه الفضاءات التي أعلنت عنها وزارة التضامن لن تقدم الخدمة المطلوبة منها بخصوص إيواء النساء المعنفات؛ لأنها فضاءات متعددة التخصصات، فمن اسمها نفهم أنها ستستقبل مختلف الفئات في وضعية صعبة، بينما نحن كناشطات مدافعات عن حقوق المرأة ومناهضة العنف، نرى أن النساء المعنفات لديهن نوع من الخصوصية، ولا بد حين التفكير في إنشاء مراكز إيواء أن تحتوي على مجموعة من المعايير، فلا يمكن جلب نساء معنفات ووضعهن في فضاءات إلى جانب النساء في وضعية صعبة".
ونوهت إلى أن النساء المعنفات يحتجن إلى فضاءات خاصة بهن، كما أن غياب الإدماج الاقتصادي للنساء وتراجع حضورهن في سوق العمل يعد بدوره من أسباب تعرضهن للعنف.
وطالبت بإنشاء الشباك الوحيد؛ أي أن النساء المعنفات عليهن قصد جهة واحدة، ليجدن هناك كل الخدمات، حتى لا تظل المرأة تتنقل وكل جهة تستمع لها على حدى، معتبرةً أن القضاء على ظاهرة العنف تستوجب تظافر الجهود بين المسؤولين والجمعيات، من أجل حماية النساء والدفاع عن حقوقهن.
من جهتها ترى رئيسة جمعية التحدي والمساواة بشرى عبدو، أن هناك عدة عوائق تحول دون تحقيق هدف محاصرة العنف ضد النساء، ويتمثل في ضعف التكفل بالمعنفات، معبرةً عن أملها في تشييد مراكز إيواء النساء التي تسيرها الجمعيات، التي ظلت غير كافية وقد لا تستجيب أحياناً لمتطلبات المعنفات أو المهددات بالعنف.
وأضافت "للأسف الشديد لا توجد مراكز إيواء في كافة المدن، إذ يمكن تواجد مركز واحد فقط في المدن الصغيرة، لكن في المدن الكبرى مثلاً كمدينة الدار البيضاء التي تضم قرابة خمسة ملايين نسمة يجب أن يتوفر مركز للإيواء في كل مقاطعة".
وبخصوص إشراف جمعية التحدي والمساواة على مركز لإيواء النساء المعنفات في مدينة الدار البيضاء، تحدثت عن هذه التجربة قائلةً "تجمعنا اتفاقية شراكة مع مكتب التعاون تحت وصاية وزارة الأسرة والتضامن، لكن الدعم الممنوح يبقى غير كاف، فمراكز الإيواء تتطلب تكلفة مالية جد مهمة عكس مراكز الاستماع".
وأشارت إلى أن هذا المركز يقدم عدة خدمات للنساء، حيث تتمثل في الاستماع والدعم النفسي والقانوني للنساء ضحايا العنف، وذلك من خلال وحدة متخصصة تضم مساعدات اجتماعية، محامي وأخصائية نفسانية.
كما دعت بشرى عبدو إلى أهمية توفير الدعم اللوجيستي والمالي لمراكز إيواء النساء ضحايا العنف، حتى يتسنى لها الاستمرارية وأداء دورها النضالي والإنساني بالشكل الصحيح، مشددةً على ضرورة إنشاء المزيد من المراكز، لأن الإيواء إشكال كبير يواجه النساء المعنفات حين مغادرة بيت الزوجية أو الأسرة.
وقالت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة عواطف حيار، عن موضوع تنامي العنف ضد النساء "إن وزارتها ستعمل مع بداية عام 2022 على تطوير منظومة مراكز الإيواء والتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف بإحداث وتهيئة مجموعة من المؤسسات المتعددة الوظائف للنساء في كافة أقاليم وعمالات المغرب".
ورغم البطء في القضاء على ظاهرة تعنيف النساء، إلا أن طموح كافة الأطراف التي تعمل على قضية النهوض بحقوق النساء وطنياً، بدأت تخوض حربها ضد العنف منذ تسعينات القرن الماضي، لتتوج بإصدار قانون محاربة العنف، الذي يعتبر خطوة مهمة في القضاء على الظاهرة رغم بعض الثغرات، خاصةً وأن السياق الدستوري والسياسي الوطني لم يعد يسمح بممارسة العنف ضد المرأة.