ناشطات فلسطينيات تؤكدن على ضرورة بناء منهج مشترك
أكدت ناشطات نسويات على ضرورة بناء منهج مشترك بين النسويات في العالم، وتأصيل مفاهيم الحركة والعمل بمبادئها وصولاً لنموذج يرتقي لما تحلم به النساء.
رفيف اسليم
غزة ـ اختلفت التصورات بين الناشطات النسويات الفلسطينيات حول ماهية النموذج النسوي الذي من المفترض تواجده على أرض الواقع، لتحسين وضع النساء وتقلدهن مراكز صنع القرار المختلفة، والمساهمة في تمكينهن بجميع المجالات.
أكدت الناشطة النسوية علا كساب، أن "مفهوم النسوية في فلسطين ظهر مع الحركات التحررية الأولى التي طالبت بمحاربة الاحتلال الإسرائيلي والقضاء عليه، لذلك لا يمكن فصل الوطنية عن النسوية، كون هناك نساء حملن السلاح وضحين بأرواحهن من أجل تحرير بلادهن وحماية شعبهن، والحفاظ على ما تبقى من فلسطين".
وترى علا كساب أن النسويات في فترة العشرينيات أسسن لوجود ذلك النموذج النسوي الذي تحتاج له الفلسطينيات اليوم وبقوة لقيادة المجتمع وتحقيق التغيير، لكن التأثر بالحالة الفلسطينية والمعيقات التي حدثت غيرته من صورة لأخرى، لافتةً إلى أنهن بحاجة للعمل بشكل جاد لإعادة تنفيذ قوانين تحفظ للنساء حقوقهن في كافة النواحي.
وأشارت إلى أن تلك الجهود أثمرت في رفع نسبة الكوتا النسائية لـ 30% بعد أن كانت 20%، ومن المحتمل الارتقاء لنسبة 50% عما قريب، موضحةً أن ذلك دليل على أهمية مواصلة العمل وتدخل النسويات من جيل الكفاح المسلح لكي تنرن الطريق لغيرهن من الشابات لتأصيل مفاهيم الحركة والعمل بمبادئها وصولاً لنموذج يرتقي لما تحلم به النساء الفلسطينيات.
وأوضحت الناشطة النسوية نور السويركي، أن مشكلة إيجاد النموذج النسوي تكمن في تأصيل بعض المفاهيم حول النسوية والعمل المشترك والأدوار الجندرية، وكيفية إيجاد نقطة تواصل مع النساء اللواتي كان لديهن فكر وثقافة وتجربة مختلفة في بناء مجتمعاتهن وإحداث التغيير لتتحررن من القيود المجتمعية المفروضة عليهن.
وأكدت على أن هدم تلك الفجوة المعرفية من شأنه التمهيد لوجود نموذج نسوي قادر على قيادة المجتمعات واتخاذ موقعه في المراكز العليا، التي تستثنى منه النساء لتوضع في مواقع أقل أهمية وأكثر دونية باعتبارها العنصر القادر على تحمل الضغط في المجتمع وإنهاء المهام الأصعب التي لا يقدر عليها الرجل.
وضربت نور السويركي بذلك مثلاً، الاضطلاع على أعداد النساء التي تتولين قيادة الوزارات والرئاسة والقضاة بالدول ويلاحظ المراقب لتلك الأرقام أن النساء دوماً في أسفل الهرم التنظيمي لأي عمل تتولينه، حتى وإن وضعن في مراكز قيادية يكون وجودهن صوري لتطبيق النسبة التي أقرها القانون، وبالمقارنة ثبت أن عملهن غير ملموس وتم اختيار بعضهن لمجرد أنهن ستخضعن لما يطلب منهن.
وبينت أن تمكين النساء ووجودهن في مراكز قيادية يساعدهن بالمطالبة بحقوقهن وفق منظور نسوي يقوم على نظرية التعلم المتمثلة في الهدم والبناء، أي هدم المصطلحات الخاطئة والتخلص منها وبناء أخرى جديدة تناسب النسوية وتحقق أهدافها، خاصة في ظل وجودها بسياق مجتمعي لا يحترم كينونتها وطموحها، ورغبتها بالتواجد في الصورة التي ترغب بها.
وقد اعتمد جيل النسويات في الوقت الحالي وفقاً لنور السوريكي، على التعلم الذاتي من التجارب الخاصة واندماجهن مع المؤسسات المختلفة، متأثرات بطبيعة الحالة الفلسطينية التي أوجدت اختلافات متعددة من الكفاح المسلح للقيود المفروضة على الكلمة وشتان ما بين هذا وذاك، لافتةً إلى أنه يجب البدء مع الجيل الجديد من المرحلة الإعدادية والثانوية لخلق نموذج نسوي قادر على فرض احترامه في المجتمع.
كل ما سبق من شأنه تعزيز ثقة النموذج النسوي بنفسه وجعله قادر على تكوين آراء سليمة قائمة على معرفة بالقوانين ليس فقط المحلية بل الدولية أيضاً والأدوار الجندرية، كما أوضحت نور السوريكي التي ترى في بناء منهج مشترك بين النسويات في العالم ضرورة لا تقل أهمية عن حلقات الدعم وعقد اللقاءات والتشبيك الذي يمثل صورة ما سيؤول إليه الوضع في المستقبل.
تلك الرؤية من شأنها أن تمهد لوجود نظام سياسي قائم يتناسب مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة والتي يعتبر التوقيع عليها دون تنفيذ فعلي شكليات، مشددة ًعلى ضرورة الاستفادة من مناهج نسويات في بلدان مختلفة أثبتت تجاربهن النجاح الفعلي الذي حققنه في مجالات مختلفة خاصة الإدارة السياسية والاقتصادية، والبحث العلمي الذي يشهد قطاع غزة مؤخراً فيه بروز عدد لا بأس به من الباحثات المبدعات.
وفي ختام حديثها أكدت نور السوريكي أنها لا تنكر عملية التطوير تعمل بشكل مستمر لخلق نموذج نسوي يحتذى به لكن تلك العملية غالباً ما يوقفها تدهور الأوضاع السياسية والهجوم المتكرر على القطاع، الذي يحول بوصلة العمل للمجال الإنساني إلى حين تحسن الأوضاع، فترجع تلك الجهود من نقطة صفر وتعود للبناء من جديد الأمر الذي يعرقل الخطة النسوية باستمرار.