ناشطات: الأنظمة الرأسمالية تتمعش من اضطهاد وتعنيف النساء

أكدت ناشطات تونسيات أن الأوضاع التي تعيشها النساء في العالم متشابهة، وذلك راجع لتطبيع الأنظمة الرأسمالية مع العنف ضدهن.

زهور المشرقي

تونس ـ تتعرض نساء شمال أفريقيا والشرق الأوسط لحرب دولية، فهن الأكثر تضرراً ومعاناة، وما تعيشه الفلسطينيات واللبنانيات والسوريات والسودانيات والليبيات خير دليل على مأساوية الوضع.

عن أوضاع النساء في المنطقة، قالت الباحثة التونسية في علم الاجتماع درة محفوظ، إن النساء في تونس ولبنان وسوريا وفلسطين وبقية الدول في المنطقة ككل تقاومن العنف بشتى أشكاله، مضيفةً أنهن تعانين من مصادرة حقهن في الرأي والتعبير لأنهن نساء، لافتة إلى أن العنف ضد النساء بات ظاهرة عالمية حيث تحارب الأنظمة الإمبريالية الأصوات النسوية بآلياتها المعروفة والمرتكزة على التمييز.

وذكرت أن النساء في تونس تأثرن بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد، والوضع يتطور لديهن من سيء إلى أسوء، مؤكدة على أن التونسيات كن من أبرز ضحايا العنف الاقتصادي والبطالة وتأنيث الفقر بسبب الذهنية الأبوية التي تُفضل إعطاء فرص عمل للرجال أكثر من النساء بذريعة أن الرجال أكثر إنتاجية وتفرغاً، لكن الأرقام أثبتت عكس ذلك فالنساء هن الأكثر إنتاجاً وفاعلية في سوق العمل.

وبينت درة محفوظ أنه بالرغم من وجود القانون 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء والصادر عام 2017، إلا أن الواقع لا يزال سوداوياً "نسبة العنف تزايدت سبع مرات علاوة على تصدر العنف الزوجي القائمة". وعن ظاهرة قتل النساء في تونس، قالت إنها ليست بجديدة، لكن لأنه لم يكن الإعلام يسلط الضوء عليها قبل الثورة لاعتبار سياسة الدولة حينها.

وعن كيفية مقاومة الظاهرة، اعتبرت أن القوانين مهمة للردع، لكن يجب إرفاقها بالتوعية "تعامل الأولياء مثلاً اليوم مع أطفالهم لا يخلق إلا جيلاً عنيفاً، يتم ضربهم ومعاقبتهم بطرق قاسية وهذا السبب الأول وراء خلق مجتمع عنيف كاره للنساء"، معتبرة أن هناك عدوانية يولد بها الإنسان أو تتكون عند الشخص تتضرر منها النساء بشكل مضاعف.

وأوردت درة محفوظ أن منحى العنف ضد التونسيات في ارتفاع وهو نتيجة حتمية لواقع سياسي واقتصادي واجتماعي يحتقر النساء، لافتة إلى أن هناك حملة إيقاف طالت ناشطات من المجتمع المدني ونسويات بسبب مواقفهن أو انتماءاتهن، فيما سجنت حوالي 11 امرأة نتيجة آرائهن السياسية "إنه أمر لا يمكن قبوله أو التطبيع معه وكأنه عادي".

وأوضحت أنه "في الوقت الذي نكافح فيه من أجل التصدي لكافة أشكال العنف، نعيش مشاهد متكررة لسجن النساء، ما يقع اليوم لم نره من قبل في تونس، وهو أمر يحزننا ويؤلمنا"، مشيرة إلى أن تونس تشهد اليوم ردة بسبب تضييق الخناق على حرية التعبير "لقد بات اليوم كل من تعبر عن مواقفها بشأن سيرورة بلادها يمكن أن تعتقل وتكون ضحية للعنف السياسي".

وعن النضالات التي تخوضها المناضلات لنصرة القضايا العادلة، أفادت درة محفوظ بأن النساء اليوم بتن في الصفوف الأمامية دفاعاً عن الحرية التي أهدتها لهن الثورة والديمقراطية التي حلمن بالعيش فيها.

وأوصت الحقوقيات والناشطات بمزيد من المقاومة واستمرار النضال نصرةً لحقوق المستضعفات، ولمحاربة العنف وقتل النساء، معتبرة أن المقاومة لا تقتصر على تونس، بل في كل دول المنطقة، إذ تتأثر أوضاع النساء ببعضها.

وأكدت أن النضال يجب أن يصل إلى لبنان وغزة والسودان "هناك تعاني النساء بشكل مضاعف ومأساوي بسبب استمرار آلة القتل بدون رادع أو عواقب، في تلك البقع من الأرض تتعرض النساء للعنف والاغتصاب والتجويع والاستغلال".

وحول أهمية التشبيك بين النساء من مختلف دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، قالت درة محفوظ إنه "مهم لإيصال أصوات وقضايا النساء المشتركة، ووسيلة ناجعة لتقوية موقف منظمات المجتمع المدني أمام الحكومات والمحافل الدولية".

 

 

من جانبها قالت خلود مقني، وهي ناشطة نسوية وممثلة عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في ولاية صفاقس بجنوب البلاد، إن النساء تتعرضن للعنف في ولايات الجنوب خلال السنوات الأخيرة "الصمت والخوف من التبليغ ومن النظرة المجتمعية للمعنفة التي لاتزال تحمل المسؤولية وكأنها المذنبة لا الضحية جعل العديدات لا يبلغن وبالتالي يطبعن مع العنف".

ولفتت إلى أن الوصاية الأبوية من أبرز آليات التشجيع على العنف ضد النساء "للأسف هذا الفكر الذكوري يعتبر المرأة ملك خاص بالتالي يعطي الحق لكل فرد في المجتمع أن يُمارس ضدها كل التجاوزات".

ونددت بمنع التشكي لبعض ضحايا العنف من قبل الوحدات المختصة المكلفة بمناهضة العنف في مختلف الولايات والجهات، لافتة إلى أن محاولة تشجيع الضحية على الابتعاد عن تقديم شكوى غير قانوني ويتنافى مع القانون رقم 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء.

وفي الختام وجهت الناشطة خلود مقني رسالة إلى النساء في المنطقة ككل، مفادها أن القانون فوق الجميع ووجد ليحمي كافة أفراد المجتمع بما فيهم النساء، داعية إلى كسر حاجز الخوف والعنف كخطوة أولى لمقاومة القتل والعنف.