مينة حوجيب: متابعة الصحفيين/ات من شأنه التأثير على حرية التعبير

أكدت مينة حوجيب الصحفية والناشطة الحقوقية والمدربة في قضايا المرأة والنوع الاجتماعي، أن المتابعات القضائية للصحفيين/ات، من شأنها التأثير على واقع حرية التعبير في المغرب.

حنان حارت 
المغرب ـ أوضحت الصحفية مينة حوجيب أن القانون المغربي لم ينص على العقوبات السالبة بحق الصحافيين/ات لكن هناك جسر جعل الصحافي يحاكم بالمقتضى الجنائي، وعلينا التمييز بين القضايا المتعلقة بقضايا النشر والصحافة وقضايا حرية التعبير والرأي، والقضايا التي تدخل في خانة الجنح والجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي.
في حوار مع وكالتنا أكدت الصحفية والناشطة الحقوقية والمدربة في قضايا المرأة والنوع الاجتماعي مينة حوجيب على أهمية تعديل القوانين بما فيها قانون الصحافة والنشر المغربي، مشيرةً إلى ضرورة التمييز بين القضايا المتعلقة بقضايا النشر والصحافة، وتلك التي تدخل في خانة الجنح والجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي.


كيف تقيمين وضع حرية التعبير والصحافة في المغرب؟
حرية التعبير هي حق عالمي، وركن أساسي من منظومة حقوق الإنسان وتصنف كجزء من الحقوق المدنية والسياسية، وبدون تمتع الإنسان بهذا الحق، لن يتمكن من التمتع بأي من الحقوق الأخرى، لهذا حظي هذا الحق باهتمام واسع، نصت عليه المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذلك دساتير أغلب الدول الديموقراطية ومن بينها الدستور المغربي.
فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص في المادة 19 منه على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، كما نصت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أيضاً على هذا الحق، إذ أن لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة، إلا أن هذا العهد نص على أن ممارسة الحقوق تتماشى معها واجبات ومسؤوليات لذلك أجازت تقييدها بنص واضح وصريح، حين يتعلق الأمر باحترام حقوق الآخرين وسمعتهم، وأيضاً من أجل حماية الأمن القومي والصحة العامة والنظام العام والآداب العامة، وهو ما نجده في القوانين المغربية، إذ أن هناك قوانين تنظم مهنة الصحافة انسجاماً مع التزام المغرب بالمواثيق الدولية الموقع عليها، وملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وبالتالي سنلاحظ حين تقييم حرية الرأي والتعبير أو الصحافة بشكل عام أن المغرب منذ استقلاله، يسمح بالتعددية السياسية والحزبية والإصدارات، فهناك زخم كبير على مستوى المنابر الإعلامية، ولم تكن هناك أية قيود على إصدار الجرائد والمنشورات.


رغم خلو قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 من أحكام سالبة للحرية، فإنه قد أرسى جسراً لمحاكمة الصحافيين/ات بمقتضيات القانون الجنائي، ماذا تقولين عن ذلك؟
القانون المغربي لم ينص على العقوبات السالبة بحق الصحافيين/ات لكن هناك جسر جعل الصحافي يحاكم بالمقتضى الجنائي، هنا لابد من أن نميز بين القضايا المتعلقة بقضايا النشر والصحافة وقضايا حرية التعبير والرأي، والقضايا التي تدخل في خانة الجنح والجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي، فلا يمكن التعامل مع الصحافي وكأنه خارج القانون حينما يتعلق الأمر بارتكابه لجنحة أو جناية، ونطالب بمحاكمته بناء على قانون الصحافة.
أما حينما يتعلق الأمر بمناقشة السياسات العمومية والآراء وطرح بعض القضايا المجتمعية والسياسية وتتم محاسبة الصحافي عن ذلك؛ هنا يمكن القول إن الصحافي تمت متابعته لأنه أدلى برأيه وتم الإجهاز على حريته التعبيرية.
ولا يمكن إعطاء الصحفي/ـة الحق مثلاً في التشهير بالمواطنين أو الطعن في شرفهم أو في سمعتهم، وهنا لابد الإشارة إلى أن التشهير يعد من أخطر المخالفات التي يمكن أن يقع فيها الصحفي؛ إذ له نتائج وخيمة جداً على الأشخاص وعلى محيطهم الأسري والعائلي.
وبالتالي الصحفي/ـة حين يقوم بمخالفة لا تدخل في نطاق العمل الصحفي المهني يمكن أن يعاقب طبقاً للقانون الجنائي، فالمفروض أن يكون على معرفة بكل القوانين، لأن أدواره متعددة في المجتمع بين نشر الوعي المجتمعي والتأثير في الوعي العام، كما يساهم في التغيير، وتغيير القوانين أيضاً.
وهناك مجموعة من القوانين التي تغيرت في البلد، ولعبت فيها الصحافة أدواراً مهمة جداً؛ مثلاً القانون الذي كان يسمح للمغتصب أن يفلت من العقاب بمجرد أن يتزوج بالفتاة التي اغتصبها، فهذا القانون لعبت فيه الصحافة المغربية دوراً كبيراً، إذ تم إلغاء هذا الفصل من القانون الجنائي.


يتجه المغرب اليوم نحو تعديل القوانين، برأيك ما أهمية ذلك في الوقت الراهن، وهل قانون الصحافة والنشر يحتاج كذلك إلى التعديل لإحداث آلية وطنية لحماية الصحافيين/ات؟ 
المغرب حقق تقدماً على مستوى القوانين المؤطرة للصحافة والنشر، التي تضمنت عدداً من المقتضيات الإيجابية، من قبيل التنصيص على الحماية القضائية والاجتماعية للصحفيين، وحماية مصادر الخبر، وحماية الصحفيين من الاعتداءات.
وبرغم أن هذا القانون لا ينص على سلب حرية الصحفيين/ات، في حال ارتكابه لأي مخالفة متعلقة بالجانب الصحفي المحض، لكنه مع ذلك يحتاج إلى التعديل، وهو مطروح أمام البرلمان المغربي من أجل التعديل والنقابة الوطنية للصحافة المغربية أدلت بدلوها في هذا المجال، والفرق البرلمانية في إطار النقاش العمومي على دراية بالتعديلات الواجب أن يتضمنها.