مريم الإدريسي: هناك فجوة بين الواقع والقانون
لا تعتبر المرأة الحاضنة في المغرب ذات قرار في كل ما يتعلق بشؤون أبنائها لأن الأب يظل ولياً على أبنائه إلى حين غيابه أو موته.
حنان حارت
المغرب ـ أعادت قضية الفنانة المغربية جميلة الهوني، التي تخوض معركة قضائية ضد طليقها للمطالبة بإسقاط ولايته القانونية على ابنهما، إلى واجهة النقاش الجدل حول ضرورة إعادة النظر في مقتضيات الولاية الشرعية عند تعديل مدونة الأسرة.
رفعت جميلة الهوني في شهر كانون الأول/ديسمبر 2022، دعوى قضائية لإسقاط ولاية طليقها أمين الناجي على طفلهما البالغ من العمر حوالي 12 عام، مطالبة بالحصول على حكم استعجالي للتصرف في الأوراق الإدارية لابنها القاصر، الذي يعيش معها وتتكلف برعايته منذ طلاقها.
وتنص مدونة الأسرة في فصلها الرابع على أن رعاية الأطفال هي مسؤولية الأب والأم معاً على قدم المساواة، إلا أن المواد 230 و231 و236 و237 بوأت الأب المرتبة الأولى في الولاية على الأبناء، وهو ما تضفي عليه المادة 236 صبغة القاعدة بنصها على أن الأب هو الولي على أولاده وعلى أنه لا يجرد من ولايته إلا بحكم قضائي. وفي حال حصول مانع يمنع الأب من ممارسة ولايته، فإن هذه المادة لا تسمح للأم إلا بالقيام بالمصالح المستعجلة للأبناء، وللأب، حسب المادة 237، حق حرمان الأم من الولاية على الأبناء وخرق الترتيب عن طريق تعيين وصي عليهم.
ويتضح من المقتضيات القانونية الخاصة بالولاية في مدونة الأسرة أن هذه المقتضيات تتناقض مع مقتضيات أخرى من قبيل المادة 54 التي ألزمت كلا من الأم والأب، وعلى حد سواء، بضمان حقوق أطفالهم التي نصت عليها، ومنها ما يرتبط ارتباطاً مباشراً بأعمال الولاية، والمادة 51 التي تنص على حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين ومنها أساساً عدم انفراد أي منهما باتخاذ قرارات تتعلق بالأطفال ومسؤوليتهما معاً في رعاية شؤون الأبناء.
وتدعو الفعاليات الحقوقية في المغرب إلى تعديل تلك البنود ليتساوا الزوج مع الزوجة والأب مع الأم في النيابة الشرعية على الأبناء، خاصة وأن من أهم أهداف الزواج كما جاء في تعريف المدونة تكوين أسرة تحت رعاية الزوجين.
وحول مسألة النيابة الشرعية ناشدت المحامية بهيئة الدار البيضاء وعضو الكتابة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات مريم جمال الإدريسي، الجهات المعنية في المغرب، لإعادة النظر في مقتضيات الولاية الشرعية عند تعديل مدونة الأسرة.
وقالت "إن الولاية يجب أن تكون مشتركة بين الرجل والمرأة من دون تمييز في إطار المساواة، ونحن نعلم أن هذه الأخيرة هي مبدأ دستوري وكوني".
وأضافت "أرى الكثير من النساء المطلقات الحاضنات لديهن العديد من المشاكل على مستوى الوثائق الإدارية والمالية للأطفال"، موضحةً "تقوم بعض النساء بفتح حسابات بنكية لأطفالها من أجل الادخار وتوفير مصاريف الدراسة، فنجد أن لها الحق في ضخ المبالغ المالية في حساب الابن، في حين عند السحب ليس لها الحق في ذلك، بينما يعطي القانون الحق للأب بسحب النقود باعتباره الوصي".
وأشارت إلى أن "المرأة حينما تنفصل عن زوجها، وتكون الحاضنة لأطفالها، تجد نفسها ملزمة بتطبيق مقتضيات المادتين 163 و169 من المدونة، من رعاية وتربية وتوجيه دراسي وعناية صحية وتأديب؛ لكن لا حق لها في تدبير شؤونهم الإدارية والمالية".
وأوضحت "في بعض الحالات يكون الأب معتقلاً في قضايا تمس الأخلاق والشرف أو محكوماً بالإعدام أو المؤبد، وتجد الأم نفسها أمام عراقيل إدارية وقضائية وقانونية تقف أمام مصلحة أطفالها"، مؤكدة "أن ذلك يكلف الأمهات مصاريف ووقتاً من أجل استصدار أوامر استعجالية تسمح للطفل بممارسة حقوقه الإنسانية".
وأشارت إلى مسألة تعليم الأبناء في القطاع العمومي أو خضوعهم للعلاج في المستشفيات العمومية "عندما يتعلق الأمر بهاذين الحقين تجد المرأة مجموعة من العراقيل وتتعرض للابتزاز، حيث أن هناك من الآباء من يطلب مقابلاً مادياً للتوقيع على الوثائق، ما يمكن بعض الآباء من تصفية حساباتهم الضيقة أو الرغبة في الانتقام من طليقاتهم".
وحول مسألة تعليم الأبناء في القطاع العمومي أو خضوعهم للعلاج في المستشفيات العمومية قالت "عندما يتعلق الأمر بهاذين الحقين تجد المرأة العديد من العراقيل وتتعرض للابتزاز، حيث أن هناك العديد من الآباء من يطلب مقابلاً مادياً للتوقيع على الوثائق، ما يمكن بعض الآباء من تصفية حساباتهم الضيقة أو الرغبة في الانتقام من طليقاتهم".
وعن مسألة سفر الأم بالأبناء إلى الخارج من أجل قضاء العطلة أوضحت "عندما ترغب الأم في السفر بأبنائها وتطلب من الأب توقيع إذن السفر، فإنه يرفض وهذه الأمور تحرم الطفل من العيش والسفر برفقة الأمهات، فالقانون يلزم حضور الأب لإعداد جواز السفر والتأشيرة، في حين عدم كفاية حضور الأم لتقديم الوثائق المطلوبة للإدارات المعنية، هذا إلى جانب عدم تمكنها من نقل الأبناء من مدرسة إلى أخرى".
ولفتت إلى أن هذا الأمر يتسبب في ضياع المصالح الفضلى للعديد من الأطفال الذين يجدون أنفسهم ضحايا نصوص قانونية تمييزية، موضحةً أنه بالرغم من تطور القانون والواقع وتبوء النساء لمراكز القرار والمسؤولية، فإنهن لا يملكن سلطة الإشراف على مصالح أطفالهن.
وقالت "هناك فجوة كبيرة بين الواقع والقانون، وينبغي تضييق الهوة بين الممارسة القضائية والواقع"، داعية إلى رفع التمييز الذي تعرفه مقتضيات النيابة الشرعية، وجعلها حقاً للأب والأم على حد سواء.
وشددت على ضرورة إعادة النظر في القانون الجنائي "هناك بعض الجرائم ماسة بالأخلاق والشرف وهتك العرض، وتتعلق بالاغتصاب والعنف، مجموعة من المقتضيات في القانون الجنائي تستوجب أن تكون العقوبة مرفقة بإسقاط الولاية الشرعية عن الأب".