'معركة الحرية واحدة في تونس وإيران'

في ظل تزايد المخاوف من تراجع الحريات العامة تبقى قضايا السجون، والحريات الفردية، وحقوق المرأة في صلب النقاشات الجارية، حيث يرى المجتمع المدني أن حماية حقوق الإنسان في تونس ضرورة ملحة في المرحلة الراهنة.

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني على ضرورة وقف القمع الذي تتعرض له النساء في كل من تونس وإيران وأماكن أخرى، كما أعربت عن دعمها لتحركات النساء الكرديات في مواجهة الاستبداد والقمع في سوريا والعراق، مؤكدة تضامنها مع نضالهن من أجل الحرية والكرامة.

تعيش تونس مرحلة حساسة من تاريخها السياسي، حيث يشهد البلد انقساماً حاداً بين الحكومة والمعارضة، في وقت تتزايد المخاوف من تراجع الحريات العامة وحقوق الإنسان في ظل التشريعات الجديدة التي يتم فرضها، مما ينعكس على الوضع السياسي بشكل عام، وتواجه السلطات التونسية انتقادات متزايدة من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بسبب تزايد التضييق على المعارضة السياسية والحقوقيين في هذا الإطار، ويشكل الاعتقال السياسي وقضايا الحرية الشخصية جزء من النقاش السياسي المستمر في البلاد.

في هذا السياق السياسي المعقد، تبرز قضايا حقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء، حيث تشهد الجمعيات الحقوقية في تونس تراجعاً في بعض المكاسب التي حققتها النساء على مدار العقود الماضية، سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي، وتبقى قضايا السجون، والحريات الفردية، وحقوق المرأة في صلب النقاشات الجارية، حيث يرى المجتمع المدني أن حماية حقوق الإنسان في تونس ضرورة ملحة في المرحلة الراهنة.

وفي وقت تتواصل فيه معركة الحرية التي تخوضها رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والتي تتمسك بالإضراب عن الطعام منذ 12 كانون الثاني/يناير الفائت احتجاجاً على المعاملة المهينة التي تعرضت لها في السجن، يتصاعد الصوت التضامني من مختلف الهيئات الحقوقية في تونس وفي العالم، وقد تم نقل عبير موسي، المعتقلة منذ تشرين الأول/أكتوبر2023، إلى المستشفى بعد تدهور حالتها الصحية بسبب الإضراب عن الطعام الذي خاضته اعتراضاً على المعاملة القاسية داخل السجن.

وتملص الحزب الدستوري الحر من تحميل السلطات مسؤولية تدهور صحة عبير موسي، وأيد التهم الموجهة لها والتي تصل عقوبتها للإعدام، في حين تؤكد المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية أن اعتقالها إشارة إلى تراجع الحريات العامة في تونس.

وفي هذا السياق عبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني، عن تضامنها الكامل مع عبير موسي، مشيرةً إلى أن الجمعية تعتبرها "سجينة سياسية" وتدافع عن حقوقها الأساسية، بما في ذلك حقها في الرعاية الصحية المناسبة والتغذية السليمة.

وأكدت رجاء الدهماني على ضرورة احترام حقوق جميع السجناء في تونس، بغض النظر عن التهم الموجهة لهم، وطالبت بتوفير زيارة لابنة عبير موسي وفقاً للاتفاقيات الدولية التي تكفل حق الزيارة للسجناء.

وفيما يتعلق بالتدهور الصحي لعبير لموسي، دعت الدهماني إلى اتخاذ التدابير اللازمة لعلاجها فوراً، مشيرةً إلى أنه كان من الضروري تدارك حالتها قبل تفاقمها، مبديةً استغرابها من تأخير نقلها إلى المستشفى في وقت مبكر، لاسيما وأن السلطات استدعتها للتحقيق في تهم جديدة في وقت كانت فيه صحتها تتدهور.

ومن جانب آخر تطرقت رجاء الدهماني إلى ندوة عقدت مؤخراً في تونس حول "مكانة المرأة في المجتمع الحديث"، والتي أُثيرت خلالها قضايا مثيرة للجدل حول حقوق النساء في إيران، إذ تم الحديث عن حضور أنيسة خزعلي النائبة السابقة لرئيس الجمهورية الإيرانية، التي تعرف بتبريرها للسياسات القمعية ضد النساء الإيرانيات، ومن بين تلك السياسات، فرض الحجاب الإجباري، وزواج القاصرات، بالإضافة إلى مناهضتها للمساواة بين الجنسين ودورها في قمع الحريات الفردية.

وأوضحت رجاء الدهماني أن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ترى أن حضور أنيسة خزعلي في تونس يشكل تهديداً للحقوق التي احرزتها التونسيات عبر عقود من النضال، معتبرةً أن هناك محاولات لتطبيق أنظمة قمعية تهدف إلى تراجع الحقوق التي تحققت للنساء في تونس "نحن في الجمعية نرفض أي محاولة للتراجع عن المكاسب القانونية والاجتماعية التي حققها المجتمع المدني التونسي في مجال حقوق المرأة".

وأضافت رجاء الدهماني أن الجمعية ترفض أي محاولات تهدف إلى مصادرة أجساد النساء أو العودة إلى نقاشات تتعلق بقضايا لا تقبلها تونس، مثل ختان الإناث وزواج القاصرات "هذه القضايا قد تثير الفتنة في مجتمع لازال يشهد تقاليد وتفاوتات اجتماعية قد تؤدي إلى عواقب اجتماعية غير مرغوب فيها".

وأشارت إلى أن الجمعية تؤيد ثورة المرأة الإيرانية، وتدعم تحركات النساء الكرديات في مواجهة الاستبداد والقمع الذي يتعرضن له في إيران وسوريا والعراق، وأدانت أحكام الإعدام التي صدرت ضد الناشطات في إيران بسبب مواقفهن الفكرية والتقدمية "إيران بها مقاومات شعبية تلتهب فيها الثورة النسوية الحرة، ونحن معهن في هذا الطريق".

وأعربت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني عن تضامنها الكامل مع النساء الإيرانيات في نضالهن من أجل الحرية والمساواة، معتبرةً أن الثورة النسوية في إيران تمثل نقطة تحول كبيرة في مسار حقوق النساء في المنطقة "نحن نتضامن مع الإيرانيات والكرديات اللاتي تناضلن من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، وسنظل نقف إلى جانبهن في هذا النضال المستمر".