منظمة حرية المرأة: استطعنا إنقاذ أكثر من ألف امرأة من التعنيف والقتل

ـ فكرة حرية وحماية المرأة هاجس لدى عدد من الناشطات العراقيات، اللواتي امتلكن وعي التغيير ومساندة المرأة، خمس نساء أخذن على عاتقهن توفير الحماية والإسناد للمرأة العراقية الملكومة بكل أنواع العنف والتهديد النفسي والمعنوي وتهديد الحياة بالموت

غفران الراضي 
بغداد ـ فكرة حرية وحماية المرأة هاجس لدى عدد من الناشطات العراقيات، اللواتي امتلكن وعي التغيير ومساندة المرأة، خمس نساء أخذن على عاتقهن توفير الحماية والإسناد للمرأة العراقية الملكومة بكل أنواع العنف والتهديد النفسي والمعنوي وتهديد الحياة بالموت، لتبدأ القصة عام ٢٠٠٣ أي تزامناً مع سقوط النظام السياسي الحاكم بقبضته الحديدية ليكون المتنفّس هو حرية المرأة.
مسؤولة الإعلام في منظمة حرية المرأة ابتسام مانع تقول لوكالتنا "إن الفكرة التي بدأت بـ ٥ ناشطات وصلت لثلاث أضعاف العدد مع لجان قانونية تواكب عمل المنظمة". 
وعن الهدف الأساسي ونطاق ما يقدموه للنسوة والشرائح المستهدفة، أوضحت "منظمة حريّة المرأة هي المنظمة الوحيدة التي تقدّم مساعدة متكاملة تمكينية للمرأة بعيداً عن فكرة المساعدات المادية أو المساعدات الوقتية، فنحن نمتلك دار إيواء مرتبط بالمنظمة يأوي النساء المعنّفات واللواتي يتعرّضن للاستغلال الجنسي أو الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب أو الابتزاز أو اللواتي تم تهديدهن بالقتل بقضايا شرف أو غسل العار". 
كما ذكرت لنا ابتسام مانع خدمات أخرى تتعلق بالمسائل القانونية والمساعدة بإصدار أوراق ثبوتية للنساء وأطفالهنّ وتصديق عقود الزواج. 
ومنظمة حرية المرأة هي منظمة متخصصة في الدفاع عن حقوق المرأة بالعراق أنشئت في حزيران/يونيو 2003، تركز عملها على مجابهة اختطاف واغتيال النساء، وكذلك جرائم الشرف، وتضم الآلاف من الأعضاء.
 
"أبشع حالات النساء التي وصلتنا عندما يكون الأهل هم مصدر إرهاب الضحية" 
"من الحالات الصعبة التي نواجهها كمثال هي التي تكون بها الضحيّة محاصرة من قبل الأهل والمبتز والجاني والمغتصب، حيث أنّ الفتاة تكون قد تعرّضت للاغتصاب أو الابتزاز وتحتاج لمن يساندها لكن الأهل بسبب العرف المجتمعي والعشائري يصبحون خطر على الفتاة فتهرب لأنها تكون مهددة بالقتل وهنا تكون الضحية في وضع نفسي صعب وموقف إنساني غير منطقي"، هذا ما قالته ابتسام مانع عن الحالات الصعبة التي تواجه المرأة.
وأضافت "في هذه الحالة نحن نأوي الفتاة في دار الإيواء تحت رعاية مكثّفة وتأهيل نفسي ومتابعة صحية وفي نفس الوقت نعمل على حل الموضوع مع أهلها ومع المبتز أو المغتصب ليأخذ جزائه قضائياً". 
بينما تجد ابتسام مانع أنّ الحالات الأكثر خصوصية وتعقيد، تتمثّل بكون الأهل أو الأقارب هم المستغلين أو المغتصبين. 
وذكرت لنا قصة ثلاث فتيات هربنَ من والدتهن ولجأن للمنظمة التي قدمت لهنّ الرعاية والسكن لتقوم والدة الضحايا برفع قضية على المنظمة بدعوى خطف بناتها، إلا أنّ القضيّة تحوّلت ضدها وتجريمها باستغلال الفتيات والإتجار بهنّ بعد تسجيل إفادتهن وعرض الأدلة التي تثبت الجريمة.  
 
"أغلب الضحايا لم يكملن تعليمهنّ ولا يمتلكن تجارب حياتية وحبيسات الدار" 
وأضافت بأنّه من واجب المنظمة العمل على إغاثة النساء ودراسة ظاهرة التعنيف والابتزاز التي يتعرضن لها "هناك نسبة كبيرة من الضحايا اللواتي لم يكمّلن تعليمهنّ ولا يمتلكن تجارب حياتية ويعشن حياة كبت قاسية يبحثن فيها عن الحب والمشاعر لكن للأسف يتم استغلالهنّ باسم الحب ويتعرضنّ للاغتصاب أو الابتزاز بعد إرسال صورهن".
وارتفعت نسبة العنف الأسري في العراق ارتفاعاً ملحوظاً، ففي عام 2020 تم تسجيل 3006 حالات عنف من الرجال ضد النساء، و465 حالة عنف من الآباء ضد الأبناء. 
 
"تمكين المرأة وتقديم الدعم النفسي والصحي من أولوياتنا" 
أكّدت ابتسام مانع أن كل حالة أو ضحية نعمل على حلها باتجاهين، الاتجاه الخارجي أي مشكلة الفتاة مع الأهل أو المجرم أو المبتز، والاتجاه الداخلي والذي يتعلّق بوضع الفتاة النفسي والصحي ضمن مناهج علمية ومختصين.
 وقالت "بعد الجلسات المكثفة للدعم النفسي والدعم المعنوي وكذلك الرعاية الصحية بالنسبة للنساء المعنّفات نعمل على برنامج التمكين لتخطي الأزمة والتصالح مع المجتمع ومقابلة الحياة بطموح وأحلام جديدة كما نقوم بتوفير فرص عمل للنسوة اللواتي يحتجن لمصدر رزق". 
 
"واجهنا دعاوى قضائية من رئاسة الوزراء وأخرى من أهل الضحايا" 
"دار الإيواء وإغاثة وحماية النسوة المعنّفات والهاربات من مصير القتل والاغتصاب كان بمثابة جريمة بنظر شخصيات في مجلس الوزراء بحجة أن النظام الداخلي للمنظمة لن يحدد فقرة إيواء النساء" هذا ما قالته ابتسام مانع في بداية حديثها عن القضية التي رفعها مجلس الوزراء العراقي والتي استمرت لأكثر من عام ونصف تزامنت مع مرحلة رئيس وزراء العراق السابق عادل عبد المهدي وخليفته مصطفى الكاظمي.
وأضافت "بعد جلسات مطولة ومحاكمات كسبنا الدعوة بأحقيتنا كمنظمة لحماية النساء اللواتي يعشن ظروف إنسانية صعبة وتعنيف وتهديد بالقتل".
 وتابعت أنّ "المنظمة بين فترة وأخرى تواجه دعاوى قضائية من أهل الضحايا وضد الناشطات اللواتي يقدمن المساعدة والدعم للضحايا إلا أنّ المنظمة والناشطات لم تثنيهن هذه القضايا بل تزيدهن إصرار على إنقاذ الضحايا من الفتيات والنساء".
 
"القانون غير منصف للمرأة ونحن مستمرين بالضغط على الجهات الحكومية"
وعن قانون العنف الأسري ومسيرة الضغط النسوي على الجهات الحكومية والتشريعية لتمريره في البرلمان تقول ابتسام مانع "منذ عام ٢٠١٦ إلى اليوم ونحن نواصل المساعي لتمرير هذا القانون المهم الذي يحمي المرأة والطفل، ويمثّل حجر أساس أسرة مبنيّة على التكامل الإنساني وحفظ الحقوق لكن هناك جهات برلمانية وحكومية تقف ضدّ القانون بحجة التشجيع على التفكك الأسري". 
وأضافت "لا أعرف ما معنى أنّ قوة الأسرة محكومة بإجبار الفتاة على الزواج أو بضرب الزوجة وتعنيفها وعدم تجريم الزوج على فعلته أو انتهاك حقوق الطفل بحجة الأبوة".
وفي ختام حديثها تؤكد ابتسام مانع على مواصلة طريق النضال النسوي للمنظمة لإغاثة ومساندة المرأة وتمكينها لتكون قادرة على مواجهة الحياة.
وتنص المادة 41 من قانون العقوبات العراقية على أنّ "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون، ويعتبر استعمالاً للحق، ومنها تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين ومن حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً".