ما الذي يعيق وصول المرأة الفلسطينية إلى الانتخابات المحلية؟
أكدت الناشطة السياسية حميدة الطهراوي على أهمية مشاركة النساء في انتخابات الهيئات المحلية، وشددت على ضرورة تعديل قانون الانتخابات واعتماد الكوتا النسوية لتحقيق مفاهيم الديمقراطية والمساواة.
نغم كراجة
غزة ـ تعد مشاركة المرأة في انتخابات مجالس الهيئات المحلية مؤشراً على سعيها الدائم لنيل دورها الحقيقي، لكن الموروثات الثقافية والاضطهاد العشائري والحزبي، كل ذلك ينعكس بشكل سلبي على دورها السياسي ومشاركتها، حيث تسببت بإقصائها من الترشح والانتخاب وعدم نيلها لحقوقها واستقالة بعض النساء من العضوية.
أوضحت الناشطة السياسية حميدة الطهراوي أن انتخابات الهيئات المحلية هي خطوة أساسية لإبراز دور المرأة في هذه المجالس "المرأة الفلسطينية متواجدة في كافة الميادين، وقد ضمن لها القانون الأساسي حق المشاركة في الانتخاب والترشح، ومن الضروري أن تتواجد النساء في مجالس البلدية".
وأكدت على أهمية مشاركة المرأة في انتخابات المجالس المحلية كونها عضو وشريك رئيسي في جميع المجالات، كما أنها تقدم خدمات وتسهيلات لمثيلاتها من النساء، حيث أن البلديات تقوم بوضع خطط استراتيجية للمدينة التابعة لها وتحدد كيفية استثمار المشاريع العامة، وستكون مجالس البلديات القمرة المناسبة التي من خلالها ستتمكن النساء من إحداث التغيرات المناسبة كونهن الفئة الأكثر تأثراً في المجتمع.
وبينت أن دور المرأة في المجالس المحلية ليس واضحاً، وهذا يعود لثقافة المجتمع التي امتدت لعقود طويلة وهي لا ترحب بوجود النساء في الانتخابات أو منحهن الحق في الترشح والمشاركة في صنع القرار "تعتبر مشاركة المرأة في هذه الأمور ذنب كبير تعاقب عليه وتعنف أيضاً"، مضيفة أن القيود المجتمعية المفروضة والنابعة من النفوذ العشائري والفكر الذكوري الراسخ، تقصي بعض النساء من قائمة الترشح وتدفع بعضهن الآخر للاستقالة من عضوية المجالس.
وتشير حميدة الطهراوي إلى أن الطغيان العشائري حرم المرأة من المشاركة في الدعاية الانتخابية ومنعها من نشر أي صورة لها أو حتى شرح برنامجها الانتخابي أو التحاور مع الناخبين تحت شعار العادات والتقاليد العائلية، "من الضروري أن يتوفر للنساء بيئة انتخابية داعمة لمواصلة سير عملهن النضالي والسياسي، وتسليط الضوء على تضحياتهن وإنجازاتهن".
وبينت أنه في الانتخابات المحلية التي أجريت في الضفة الغربية عام 2017، بلغت نسبة النساء اللواتي تم ترشيحهن من قبل الأحزاب 10% فقط، حيث فازت 6 نساء برئاسة مجالس محلية، لكن السلطات لم تلتزم بالكوتا النسائية التي أوصى بها المجلس المركزي الفلسطيني.
وبحسب إحصائيات وزارة الحكم المحلي في غزة، فقد بلغت نسبة تمثيل النساء في المجالس البلدية المعينة في قطاع غزة حوالي 18% من إجمالي أعضاء المجالس، بينما بلغت هذه النسبة في بلدية خانيونس 15%، وتضم غالبية المجالس امرأة أو امرأتين فقط، كما تدنت نسبة الفائزات في القوائم الانتخابية في الضفة الغربية ووصلت إلى 18%، واستقالت ما يزيد عن 25 عضوة منذ عام 2012.
ونوهت أنه بالرغم من إقرار سياسة الكوتا النسوية في الانتخابات بصفة عامة، لكن في الواقع لا يتم تطبق السياسات ولا يوجد التزام بالشروط "الكثير من النساء يترشحن لمجالس البلدية، لكنهن لا تمارسن الصلاحيات والحقوق بسبب سيطرة العنصر الذكوري، وذلك بسبب تفوق عدد الرجال في المجالس على عدد النساء، بالإضافة لقيام الرجال بعقد اجتماعات ليلية في مواعيد غير مناسبة لهن بهدف سلبهن فرصة المشاركة".
وترى أن غياب مشاركة المرأة في الانتخابات المحلية ناتجة عن الأفكار النمطية والموروثات الأبوية التي تقلل من شأنها وتقيدها داخل المنزل دون الاطلاع على قدراتها، مشيرة إلى أن سياسة حكومة الأمر الواقع وسيطرتها على الهيئات المحلية، أدت إلى تراجع طردي في نسبة النساء الفائزات في انتخابات المجالس.
ولفتت إلى أن القوانين في البلاد منحت النساء حق الترشح، لكن العادات والتقاليد شكلت عائقاً أمام مشاركتها، بحجة أنها سوف تخوض هذه الانتخابات مع مجموعة من الرجال وهذا ما لا توافق عليه العائلة والبيئة التي تقطن فيها، إلى جانب ذلك استمرار الانقسام السياسي الذي يخلو من القوانين التشريعية "العديد من الذين ترشحوا وتقلدوا المناصب كانوا من الرجال، وتم اختيارهم بناء على نظرة حزبية مطلقة دون التطرق لنسبة مشاركة المرأة كما أقر بعين الاعتبار".
وأكدت أن الانقسام السياسي هو العبء الأكبر والمعيق الأول في تدني نسبة مشاركة النساء "منذ حدوث الانقسام الفلسطيني ومعاناة المرأة تتفاقم، حيث تراجعت عن ممارسة حقها في الترشح أو الانتخاب، ولم تعد تتواجد في مناصب صنع القرار".
وأشارت حميدة الطهراوي إلى دورة المجلس المركزي السابعة والعشرين التي عقدت في آذار/مارس عام 2015، وأصدر فيها قرار برفع نسبة تمثيل النساء إلى 30% في كافة الهيئات، مضيفة "في الحقيقة القوانين والقرارات التي تم إقرارها لم تطبق على أرض الواقع، ولم تلتزم الأطراف بتنفيذ ما جاءت به النصوص والتشريعات التي تعزز المشاركة السياسية للمرأة".
واستعرضت خلال حديثها القانون الأساسي الذي استندت عليه كافة القوانين في فلسطين، والذي نص على المساواة بين الجنسين ومنح المرأة الحق في الترشح في الهيئات المحلية وفق معايير محددة، وتجد أن الإشكالية الكبرى في تطبيق التشريعات والنصوص تحدث بعد إقرارها.
كما تطرقت للمادة السابعة من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979، والتي نصت على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة، كما كفلت لها الحق كما الرجل في الانتخاب والترشح وصياغة السياسات وصناعة القرار.
وحول آليات التدخل ووضع خطط استراتيجية تحفز النساء على المشاركة في المجال السياسي، قالت "لابد من تطبيق القوانين المشرعة والمقرة وتعديل قانون الهيئات المحلية، بحيث تطبق نسبة النساء المتفق عليها وتطويرها مستقبلاً، وتنفيذ سلسلة ورش توعوية تسلط الضوء على تجارب وتضحيات المرأة في الميدان السياسي والعام، وضرورة إعادة الانتخابات المحلية ومنح النساء فرصة المشاركة وخلق مساحات كافية آمنة لممارسة حقوقهن على أرض الواقع، بما يضمن وصولهن للعدالة وتحقيق مفاهيم الديمقراطية والمساواة".
وفي ختام حديثها حثت حميدة الطهراوي على تكثيف المبادرات والحملات التي تسعى إلى إعداد قيادات نسوية لمحاربة النظرة الدونية والاستعداد للانتخابات المحلية، ودعم وصول النساء إلى مراكز صنع القرار من خلال تفعيل المشاركة المجتمعية البناءة، وضمان تمثيل النساء، وليس هناك ديمقراطية دون مشاركة فاعلة وحقيقية للنساء".