'على كافة النساء النضال من أجل حقوقهن والمساهمة لترسيخ مبدأ المساواة'

تناضل النسويات في المغرب من أجل تحقيق المساواة، وتؤكدن أن الظروف والأوضاع تغيرت عما كانت عليها في السابق.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت الناشطة ليلى مجدولي أن الثامن من آذار ما هو إلا وقفة لتقييم إنجازات النساء خلال السنة ومقارنتها مع السنوات السابقة لمعرفة إن كان هناك تراجع في المكتسبات أم هناك تطور وما يجب النضال من أجله.

قالت الناشطة النسوية المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق النساء ليلى مجدولي في حوار مع وكالتنا "أشد ما نخشاه هو اختزال يوم الثامن من آذار في المظاهر الاحتفالية والورود وتفريغه من مضمونه النضالي الحقيقي".

 

هل ترين أن يوماً واحداً فقط يمكن أن يخلد ذكرى ثورة المرأة في العالم من أجل المساواة؟

اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 آذار، ما هو إلا وقفة لتقييم إنجازات النساء وما تقوم به من نضالات خلال السنة التي مضت ومقارنتها مع السنوات السابقة لمعرفة إن كان هناك تراجع في المكتسبات أم أن هناك تطور وما يجب النضال من أجله. وتخلده الجمعيات الحقوقية والنسائية بطرق مختلفة، تارة عبر التنديد بالكثير من القوانين والأحكام التي نعتبرها غير منصفة للمرأة، والتي لا تزال منتشرة في المجتمع.

وهناك جمعيات تختار تنظيم لقاءات فكرية وأخرى ثقافية، من أجل مناقشة الأوضاع ونشر الوعي في صفوف الجيل الناشئ وتربيته على احترام المرأة، وأيضاً من أجل الخروج بتوصيات ومطالب، لعرضها على المسؤولين والحكومات، لكن أشد ما نخشى منه هو اختزال هذا اليوم في المظاهر الاحتفالية والورود وتفريغه من مضمونه النضالي الحقيقي.

الثامن من آذار هو ذكرى ليوم تاريخي خرجت فيه النساء للاحتجاج من أجل كرامة النساء والإنسانية ككل، وضحين بحياتهن من أجل ذلك، وكحقوقية أرى أن النضال من أجل حقوق النساء مستمر ولا يرتبط فقط بالثامن من آذار، وإن كانت عدة أنشطة تبرمج من قبل الوزارات والحكومات وجمعيات المجتمع المدني في فترة وجيزة، إلا أن العمل يبقى متواصلاً ويهدف بالأساس إلى النهوض بحقوق النساء بصفة عامة ورفع المطالب.

 

برأيك كيف يمكن تحقيق المساواة والقضاء على جميع أشكال التمييز؟

الفصل 19 من دستور 2011 ينص على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن على مستوى الواقع نرى أن تحقيق المساواة لازال أمامه أشواط طويلة، فما دامت ثقافة المساواة لا تكرس في البرامج التعليمية وفي الإعلام الذي يعطينا أحياناً الصور النمطية التي نناهضها كحركات نسائية، حتى باتت النساء تصدقن أنهن في المرتبة الثانية وأنهن خلقن للمطبخ وأنهن مجرد جسد خلق للمتعة وللإنجاب كدور حتمي خلقن له، فمنال تحقيق المساواة لا زال بعيداً، لكن إن أردنا تحقيق ذلك لابد من تجاوز الفكر الذكوري السائد عند الرجال والنساء، فالذكورية ليست حكراً على الرجال، بل هي أفكار وسلوكيات يؤمن بها الرجال والنساء سواء، وقد تعززها المرأة أكثر من خلال استسلامها أمام الأفكار الذكورية ومن ثمة زرعها في الأجيال التي تربيها.

فهناك بعض السلوكيات اليومية التي نمارسها بشكل عفوي، تكشف لنا عن ذكورية عششت في عقول بعض النساء، فبعض الأمهات لا تربين أطفالهن على المساواة، ولا تزرعن في نفس أطفالهن أن رجولتهم تكتمل برعايتهم لإخوتهم والدفاع عن حقوقهن، وأن الحرص على نظافة البيت مسؤولية تؤديها كل العائلة، وليست مهمة مرتبطة فقط بالأم والابنة.

 

ما هي الطرق التي يجب اتباعها لتوعية النساء والفتيات بحقوقهن وواجباتهن؟

ربما هناك نساء وفتيات تعرفن حقوقهن وتهملن واجباتهن وقد يحدث العكس، لكن الحق والواجب توأمين، والحديث عن الحقوق والواجبات باستمرار يسمح لكثير من النساء أن تعرفن حقوقهن وواجباتهن، ويكمن دورنا كجمعيات حقوقية في رعاية النساء وتهيئتهن لتكن شجاعات ومثاليات تتحملن المسؤولية، وتعرفن واجباتهن وحقوقهن، وخلق جيل ومواطنين مسؤولين عبر الاعتراف بأفعالهم وعدم التملص من المسؤولية، وذلك يكون عن طريق التوعية والتحسيس.

فالوعي بالحقوق والواجبات يجعلنا أمام مجتمع برجاله ونسائه يسعى إلى ترسيخ قيم المساواة والإنصاف، لأن أي تقدم يعرفه المجتمع سينعكس لا محالة على كل مكوناته.

 

تنادي الحركات النسائية والحقوقية في المغرب، بالمساواة في الإرث ما موقفك من ذلك؟

قضية المساواة في الإرث ومراجعة أحكام الإرث بالتعصيب هي قاعدة مثبتة في مدونة الأسرة تفرض على الوارثات اللواتي ليس لهن أخ ذكر اقتسام ممتلكاتهن مع الأقرباء الذكور للأب المتوفى، ولو كانوا من الدرجة الثانية أو الثالثة.

هذا النقاش الذي تخوضه منظمات حقوقية ونسائية حول المساواة في الإرث يعد نقاشاً ضرورياً لا بد منه، لأن الأمر يتعلق بفئة أساسية في المجتمع، وهي فئة المرأة التي تغير وضعها عما كانت عليه من قبل، نحن لم نعد نعيش في المجتمع الذي بزغ فيه الإسلام عندما كان الرجل يتكفل بأبيه وأمه وأخواته وأجداده، وكان هو المورد الذي يعول العائلة بأكملها، نحن في مجتمع تغير وأصبح من الضروري أن تكون هناك مساواة في الإرث، والمرأة اليوم باتت تعيل الأسر المغربية، كما أنه لديها استقلالاً مالياً، وبالتالي يجب أن يكون وضعها المادي متوازناً مع التغيرات التي عرفها المجتمع.

الأمر يتطلب مراجعة شاملة للمدونة وعميقة للقانون الجنائي، ترتكز على مقاربة حقوقية تقوم على المساواة وحماية الحقوق والحريات، وضمنها الحقوق الأساسية للنساء، وكذلك على محاربة التمييز والعنف ضدهن.

 

ماهي رسالتك للنساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة؟

كل النساء مدعوات للدفاع عن حقوق النساء والمساواة وتغيير الذهنيات بما ينهض بحقوقهن وحقوق كافة أفراد المجتمع، فنحن نريد مجتمعاً فيه حقوق وعدالة جنائية تحمي النساء والأطفال.

لا يجب أن تظل الجمعيات لوحدها حاملة لمشعل الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق النساء، بل يفترض أن تكون جميع النساء وباقي أفراد المجتمع مناضلات وواعيات بحقوقهن.