'كان هدف زينب جلاليان خلق مجتمع حر'

أكدت المحللة السياسية والاجتماعية باوان بيستون على أن نضال زينب جلاليان مهم للغاية بالنسبة للنساء، لوقوفها خلال نضالها في وجه التمييز وسعيها لخلق مجتمع حر من خلال تحرير المرأة.

كلاره جيلاني

كرماشان ـ يمكن فهم عظمة زينب جلاليان من المدى الجغرافي الذي فكرت فيه واعتبرت نفسها مسؤولة عن شعبها.

لا تزال الناشطة الإيرانية الكردية زينب جلاليان التي تعتبر من أقدم السجينات المعتقلات في إيران لأسباب سياسية، محرومة من حقوقها بالرغم من أنها تعاني من عدة أمراض منها مشاكل في القلب والمعدة والأمعاء إضافةً لـ الظفرة (مرض العين) منذ سنوات، وقد اشترط المسؤولون الأمنيون وممثلو وزارة الإعلام مراراً وتكراراً منحها حقها في العلاج مقابل اعتذارها عن نشاطها لكنها رفضت ذلك باستمرار وبقوة على الرغم من أنها على وشك أن تصاب بالعمى فعندما تقرر إرسالها لمعالجة عينيها في عام 2012 تمت عرقلة ذلك من قبل سلطات السجن ولذلك لم يقبل الطبيب مواصلة العلاج.

في السنوات الـ 17 الماضية، تعرضت للتعذيب المستمر، وللاستجوابات والتهديد بقتلها والنفي إلى أكثر من 5 سجون في مدن مختلفة دون يوم عطلة، والحرمان من حقوقها الأساسية.

وتقول المحللة السياسية والاجتماعية من كرماشان بشرق كردستان، باوان بیستون "نحن نعتبر زينب ملكنا، بقدر ما لم تعتبر زينب نفسها منفصلة عن كرماشان. وخلافاً للاتهامات الباطلة التي وجهها النظام القضائي، ركزت زينب على الأنشطة الاجتماعية والمدنية، بالإضافة إلى الخدمات التعليمية فيما يتعلق بالمرأة، لقد قطعت ما يقارب ألف كيلومتر لإيصال رسالتها. يمكن فهم عظمة زينب جلاليان من المدى الجغرافي الذي فكرت فيه واعتبرت نفسها مسؤولة عن شعبها".

وأشارت إلى أن "زينب جلاليان كانت تسعى لإيصال رسالة مفادها السلام والمساواة والتحرر لجميع الهويات المهمشة والدونية"، موضحةً أنه "وفقاً للتقارير التي قرأتها، فإن آخر نشاط لها كان في كامياران، ففي 8 آذار 2008 وبمناسبة يوم المرأة العالمي ألقت كلمة أمام الطلاب في إحدى ثانويات مدينة كامياران، حول أهمية يوم المرأة العالمي وتاريخ نضالات المرأة، وفي لفتة رمزية أعطت الزهور للطلاب، ومع ذلك، رداً على هذه الأنشطة السلمية، اعتقل النظام الإيراني زينب جلاليان عند مدخل مدينة كرماشان بعد أيام قليلة فقط".

وتعتبر باوان بیستون مدينة كرماشان نقطة التقاطع بين الاضطهاد المزدوج للجمهورية الإسلامية الإيرانية والأنظمة السابقة لها "لقد شهدت كل من الهويات الجنسية والقومية والدينية والطبقية والعمرية وما إلى ذلك تمييزاً كبيراً في هذه المدينة، كان من المستحيل على شخص مثل زينب جلاليان أن يظل غير مبالٍ بعملية الدمج المنهجي التي تتم ضد الكرد في كرماشان، لا يمكن لشخص مثلها أن يبقى صامتاً في وجه التمييز الديني. ولم تصمت عن حقيقة أن تلك المدينة لديها أعلى معدلات البطالة وتعاني من الحرمان الشديد بسبب عبور الحدود والأضرار التي خلفتها الحرب".

وأوضحت أنه هناك أوجه تشابه بين مدينتي كرماشان وماكو "إن هاتين المدينتين تقعان على الحدود وهذه المشكلة تعني الحرمان والتخلف وغياب التنمية. تتمتع مدينة ماكو بلغتين وثقافتين وطقوس مختلفة، بينما في كرماشان هناك العديد من الطقوس المختلفة والعديد من اللغات والثقافات واللهجات، كان النظام الإيراني في هاتين المدينتين وغيرهما من المدن المتعددة الثقافات يتبع سياسة "فرق تسد"، لقد أراد منع هذه الثقافات من العيش معاً بسلام وعلى قدم المساواة. وقد سعت دائماً إلى خلق وتكثيف العداء والتنافس المدمر بين الشعوب".

وأضافت "في الديمقراطيات يتم تقسيم السلطات لصالح الشعب من خلال نظام الفصل بين السلطات، وفي الأنظمة الاستبدادية، يقومون بتقسيم الناس لصالح الحكومة الاستبدادية. وبسبب هذه التشابهات، لم تفكر زينب جلاليان في مصير ماكو وكرماشان ومدن شرق كردستان الأخرى بشكل منفصل، بل تصورت صراعاً مشتركاً لهم، ومجموع هذه المخاوف أبعدتها ألف كيلومتر عن ماكو، أي إلى كرمانشان".

وحول الحكم على زينب جلاليان بالسجن المؤبد في إيران تقول "الفرق بين زينب جلاليان وغيرها من السجناء هو درجة التحول في معتقداتها. لم يكن إيمانها منصباً على التغيير في منطقة محدودة. هناك آخرون إما يريدون إصلاح النظام الحالي، أو يريدون تغيير النظام السياسي في السلطة واستبداله بالديمقراطية البرلمانية الليبرالية، أو ببساطة أن يصبحوا مدافعين عن النظام، على سبيل المثال، لكن في زينب جلاليان نرى فكرة أخرى عن الحياة الاجتماعية تغير كل هذا، وهي تقوم على مكافحة التمييز بين الجنسين والاستعمار واستغلال المرأة، وتحاول إنشاء مجتمع حر من خلال إعادة خلق امرأة حرة، بالإضافة إلى القضاء على التمييز ضد الأقليات العرقية والدينية والمركزية والفاشية والانقسام الطبقي والفقر والحرب. وأعتقد أن العقوبة المشددة التي فرضت عليها ترتبط ارتباطاً مباشراً بدرجة التطور في معتقداتها".