جرائم قتل النساء تعيد نقاش تعديل قانون مناهضة العنف إلى الواجهة
بالرغم من إقرار المغرب قانوناً يجرم العنف ضد النساء، والذي دخل حيز التنفيذ في عام 2018، إلا أنه لا ينص على جرائم قتل النساء، فيما يواجه تطبيقه على أرض الواقع صعوبات عدة.
حنان حارت
المغرب ـ أعاد الكشف عن جريمتي قتل راحت ضحيتهما امرأتين، الأسبوع الماضي بمدينة الجديدة الساحلية في المغرب، النقاش حول مدى توفير الحماية القانونية للنساء المغربيات، وضرورة تعديل قانون محاربة العنف بما يضمن الحماية اللازمة وردع المعتدين.
تستمر التحقيقات الأمنية في المغرب من أجل كشف عن سبب مقتل فتاتين، تم العثور على إحداهما جثة هامدة داخل شقة بحي السلام في مدينة الجديدة، وذلك مساء الخميس 14 كانون الأول/ديسمبر، كما عثرت عناصر الدرك الملكي فجر الجمعة 15 من الشهر ذاته، بمحاذاة الطريق السيار بمدخل مدينة الجديدة على جثة أخرى لسيدة محترقة، دون التعرف على هويتها.
دفع الكشف عن جريمتي القتل المذكورتين، إلى التنبيه بخطورة ارتكاب هذه الجرائم بحق النساء، خاصة وأنه خلال الآونة الأخيرة تم تسجيل حالات قتل أخرى متفرقة في عدة مدن مغربية.
واهتزت مدينة الدار البيضاء، بحي عين السبع في 31 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على وقع جريمة أخرى، بعدما عرض شخص يبلغ من العمر 49 عاماً والدته وزوجته لاعتداء جسدي بليغ باستعمال أدوات راضة، تسبب في وفاتهما بمنزله.
وفي 23 أيلول/سبتمبر الماضي، أقدم زوج يبلغ من العمر 28 سنة، على ذبح زوجته البالغة من العمر25 عاماً، الحامل في شهرها السابع من الوريد إلى الوريد داخل منزلهما الكائن بمدينة آزرو.
وفي أيار/مايو الماضي، عثرت قوات الأمن على جثة ضحية مقطعة ومخبأة داخل ثلاجة بأحد المنازل بحي أبن أمسيك في مدينة الدار البيضاء، وهو ما استدعى فتح بحث قضائي، الذي قاد إلى هوية المشتبه فيه وتوقيفه.
وحول ذلك، قالت عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء خديجة تيكروين إن جرائم قتل النساء تعد أبشع أنواع العنف الممارس ضدهن، وتعتبر انتهاكاً جسيماً لحقهن في الحياة وفي السلامة الجسدية والنفسية.
ولفتت إلى أن فيدرالية رابطة حقوق النساء، تعمل من أجل دق ناقوس الخطر حول تسجيل حالات متعددة لقتل النساء في المجتمع المغربي خلال الآونة الأخيرة، مشيرة إلى أن الأرقام ترتفع بشكل مهول، ما يطرح أكثر من سؤال حول إيجاد حلول استعجالية وآنية لمناهضة كل أشكال التمييز والعنف، وإيقاف نزيف القتل ضد النساء.
ودعت إلى ضرورة توفير الحماية للنساء وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية، منددة بهذه الجرائم "لقد حان الوقت من أجل التدخل لإيقاف هذه الجرائم التي تعتبر أبشع أنواع العنف الذي تتعرض له النساء".
وحول مدى توفير القانون الذي تم إقراره في المغرب عام 2018 الحماية اللازمة للنساء، أوضحت أن القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء يحتاج للتعديل، لاسيما أن بنوده لا تتضمن التنصيص على جريمة قتل النساء.
وأكدت على ضرورة تعديل القانون من أجل تعزيز ضمانات الوقاية والحماية وجبر الضرر ومنع الإفلات من العقاب، داعية إلى تشديد الأحكام حتى لا تتكرر هذه الجرائم التي تزهق أرواح النساء "اليوم لم يعد مقبولاً انتهاك حياة النساء ولا مسموحاً وقوع مثل هذه الجرائم، لا بد من العمل على وقف العنف والقتل".
واستنكرت فدرالية رابطة حقوق النساء في بيان سابق عدم التعاطي بجدية مع شكايات النساء المعنفات طلباً للحماية والوقاية والتكفل بهن، مشيرة إلى غياب أية حماية للنساء بالفضاءات العامة والخاصة، مطالبة بالتحرك العاجل لوقف ظاهرة قتل النساء باعتبارها أخطر أشكال العنف المبني على النوع.
وكان تقرير سابق لفدرالية رابطة حقوق النساء، قد رصد في الفترة ما بين 2019 و2021، 16 حالة قتل ذهبت ضحيتها نساء، فضلاً عن جرائم أخرى تأخذ طابع الانتحار.
ومن جانبها شددت المحامية والناشطة الحقوقية عائشة لخماس عضو جمعية اتحاد العمل النسائي على ضرورة مراجعة قانون محاربة العنف ضد النساء، الصادر قبل نحو خمس سنوات، حيث أكدت أنه غير كاف لردع ظاهرة تعنيف النساء في المجتمع المغربي.
وشددت على أهمية العمل والترافع من أجل إقرار قانون شامل يضمن الحماية والتكفل وعدم إفلات الجناة من المحاسبة والعقاب "قانون محاربة العنف الحالي هو عبارة عن تعديلات بسيطة في القانون الجنائي، لهذا يبقى غير كاف أمام ظاهرة مثل العنف ضد النساء، ولهذا نطالب بقانون شامل ومستقل".
وأوضحت أن قضية محاربة العنف ضد النساء والفتيات والنهوض بالمساواة تتطلب تنزيل سياسات عمومية شاملة ترتكز على ميزانية مستدامة "بدون ميزانيات وبدون تلك السياسات وبدون أناس متخصصين وبدون تدريب لا يمكن أن نتقدم في مسألة القضاء على العنف ضد النساء".