جمعية "حقي أورث" لتوعية النساء بحقوقهن وتمكينهن اقتصادياً

تأسست جمعية "حقي أورث" بسبب المعاناة التي تعيشها المرأة في مجتمع يحرمها من حقوقها القانونية المشروعة لا سيما في الإرث، حيث يتم في الجمعية توعية النساء بحقوقهن القانونية وتمكينهن اقتصادياً عبر مشروع "شغل دياتي".

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تعاني اللبنانيات من ضياع حقوقهن ومن بينها الحق في الميراث، وهو نوع من أنواع العنف ضد المرأة، وعلى ذلك تحاول العديد من الجمعيات التي تدافع عن حقوق النساء، تسليط الضوء عليه وتوعية المجتمع بأهمية وقف التمييز ضد النساء.

لم يكن أمام الناشطة علوم عودة إلا مواجهة مجتمعها وعائلتها، للمطالبة بحقها وحق قريناتها في الإرث، فبعد إن كانت حملتها عامة للمطالبة بهذا الحق لنساء مجتمعها في قرية الخضر في بعلبك، فوجئت بأنها قد حرمت من إرثها الشرعي، لتتحول هذه الحملة إلى معركة شخصية.

قالت مؤسسة جمعية "حقي أورث" والأستاذة في علوم الفيزياء بالجامعة اللبنانية علوم عودة "كانت حياتي عبارة عن معارك مستمرة، وجمعية "حقي أورث" نشأت من معاناة، فهي وليدة حرمان النساء من حقوقهن المشروعة في الإرث، حيث كنت أرى معاناة النساء من حولي في محيطي الضيق وفي لبنان، ومدى الإجحاف بحقهن".

وأوضحت "كنت أشاهد من حولي وأرى مدى الظلم والاستغلال الذي تتعرض له النساء والفتيات، فأحد جيراننا والذي يصادف أنه أحد أقاربي، حرم بناته من التعليم ومن الزواج ليتابعن أعمالهن في الزراعة في أرضه، وبالمقابل لم يعطهن حقوقهن في الميراث، وعلى العكس من ذلك، نَعِم شقيقهم بكافة الأموال الناتجة عن بيع الأراضي لملذاته وزيجاته المتعددة، بينما كانت شقيقاته تعانين من فقر مدقع، وتتحملن المشقات".

ولفتت إلى أنه "عندما توفي الأخ، حصلت الفتيات على فرصتهن بالحصول على إرثهن بمواجهة زوجة الأخ، حيث كانت هذه الأراضي أميرية، وبالقانون اللبناني حين تكون الأراضي أميرية فيمكن الحصول على حقهن مناصفة"، مشيرةً إلى أنها شجعت هؤلاء الفتيات ودعمتهن للحصول على حقهن الذي حرمن منه لسنوات.

تدافع علوم عودة عن النساء وقضاياهن خاصةً اللواتي تحرمن من حقهن في الإرث عبر الحملات، ولكن جاء اليوم الذي حرمت منه هي أيضاً من حقها في الإرث "في حزيران 2018 وبالصدفة اكتشفت أني شخصياً إحدى ضحايا الحرمان من الإرث، حيث نقل والدي معظم أملاكه في نيسان عام 2014 لأشقائي، وكذلك الأمر حصل مع عمتي، حيث حرمت ونقلن حصتها في الإرث إلى أبي".

وأضافت "كانت حياتي عبارة عن معارك مستمرة، بمواجهة والدي وأشقائي، فقد تابعت معركتي القانونية لتحصيل حقي والتي تزامنت مع رحلة طلاقي ومحاولة إعالة ابني والتقشف في حياتي خصوصاً في مجال راتب التعاقد الذي يتطلب سنتين ونصف للحصول عليه، وكذلك معركة التفرغ في الجامعة حيث حرمت من التثبيت بالجامعة ولسنوات، رغم أحقيتي بالتفرغ".

لم تحرم علوم عودة من حقها في الإرث فقط، بل حتى أنها كانت تعمل في الحقل وهي صغيرة في السن، وترعى الماشية وتجمع التبن مع شقيقاتها، لافتةً إلى أنها وشقيقاتها سعين لإتمام تعليمهن "خلال رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من فرنسا، كانت معركة بكل معنى الكلمة، فقد خبأ والدي جواز سفري تخوفاً مما يتطلبه تعليمي من مصاريف"، مشيرةً إلى أنها حاولت إنهاء دراستها والحصول على رسالة الدكتوراه من خلال العمل لتأمين مستلزماتها.

وعن الحملات التي تطلقها جمعية "حقي أورث" التي أسستها علوم عودة في الـ 23 آذار/مارس 2021، أوضحت "حالياً بدأنا الاستعداد لتنفيذ مشروع جديد بعنوان "حقي أعرف" بالتعاون مع جمعيات أخرى على قسمين، أحدهما لتمكين المرأة من أجل العمل والانتاجية والاستقلالية، والآخر لتوعية النساء بحقوقهن في الإرث من خلال حملة إعلامية وحملات مناصرة ومدافعة ستقام في البقاع، بالإضافة إلى الدعم القانوني لتحصيل الحقوق، وتسليط الضوء على دور المجتمع الأبوي بالوقوف ضد التغيير الإيجابي وانصاف المرأة واحترام حقوقها والحد من التمييز".

وبالإضافة إلى الحملات التوعوية تعمل جمعية "حقي أورث" على فتح دورات للنساء "نتابع دورات متعددة بالتعاون ورعاية العديد من الجمعيات، منها دورة تدريبية لصناعة الحلويات تنظمها جمعيتنا بالشراكة مع الشبكة الشبابية اللبنانية ضمن مشروع "شغل دياتي" الذي يهدف لتمكين النساء اقتصادياً، ة

في مختلف المجالات وزيادة الوعي النسوي"، مشيرةً إلى أن "الدورة ستشمل كافة الجنسيات مع المحافظة على سرية المعلومات الخاصة بالمشاركات، بالإضافة إلى دورات الكروشيه".

 

 

من جانبها قالت عضو مؤسس في جمعية "حقي أورث" ناريمان المقداد حول دورها في الجمعية "انضممت إلى الجمعية بعد متابعتي للناشطة علوم عودة على مواقع التواصل الاجتماعي ورحلتها في الدفاع عن حق المرأة في الإرث ومناهضة التمييز بين الجنسين"، مشيرةً إلى أنها أيضاً تعرضت للتمييز بين الجنسين من قبل عائلتها.

ولفتت إلى أنها "وجدت فيما تكتبه علوم عودة ما يعبر عما ألمسه وأشاهده، كما كنت أقابل نساء مظلومات ومعنفات في منازلهن ويهيمن الرجال فيها على كل شيء، وعندما اقترحت إنشاء جمعية "حقي أورث"، لم أتردد في الانضمام لها"، موضحةً أنهم عندما بدأوا بتأسيس الجمعية كن سبع نساء فقط، قمن بوضع الخطوط الرئيسية.

وأوضحت "كان الأمر يؤلمني عندما أشاهد امرأة معنفة، وأن تجبر على عودتها إلى زوجها المعنف، وأن يجد المجتمع هذا الأمر عادياً"، مشيرةً إلى أنه "منذ صغري أردت الدفاع عن النساء وقضاياهن، وسأسعى دائماً لنحصل نحن النساء على حقوقنا المشروعة".

 

 

وعبرت المشاركة في الجمعية ريما حسن عودة عن سعادتها بتأثير الجمعية ومشروع "شغل دياتي" على حياتها وحياة العديد من النساء "لقد بدأت بالمشاركة في المشروع منذ حوالي ثلاث سنوات، في المرة الأولى عندما حصلت على مردود مادي، كانت سعادتي لا توصف، خصوصاً وأني تمكنت من إعانة عائلتي، وقد ساهمت من خلال عملي في تأمين مستلزمات المنزل والأولاد وأقساط المدارس".

وأضافت "بعد الأزمة الاقتصادية، اضطررت لنقل أولادي من مدارسهم الخاصة إثر غلاء الأقساط، خصوصاً وأن أولادي لديهم وضع صحي خاص وبحاجة لعلاجات مكلفة، إلا أنه وبعد عملي تمكنت من تأمين المصاريف كافة".