حياة العطار: عدم التقيد بالقوانين يضاعف معاناة الفلاحات

على الرغم من وجود قوانين منظمة لنقل العمالة الفلاحية في تونس، إلا أن الحوادث في تكرار والنساء في صدارة ضحاياها لاعتبارهن الأكثر عملاً في هذا المجال.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ عولت المكلفة بملف العاملات والعمالة الفلاحية حياة العطار على التوصيات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين العمل، في ازدياد الحوادث بصفوف العمال والعاملات في القطاع الفلاحي.

قالت المكلفة بملف العاملات والعمالة الفلاحية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حياة العطار "النساء في القطاع الفلاحي يركبن بصندوق شاحنة مخصص لنقل البضائع ومؤخراً تعرضن لحادث تسبب في إصابة أربعة منهن ونقلهن إلى المستشفى وخضعن لعمليات جراحية لمعالجة الكسور، وهذا ليس الحادث الأول في تونس فقد تم تسجيل نحو 6 حوادث حسب احصائيات المنتدى منذ 2015 وتوفيت 55 عاملة فلاحية".

وأضافت أنه "بعد خمس سنوات من إصدار القانون المنظم لنقل العمال/ات في القطاع الفلاحي وبعد خطوات متقدمة، وقع حادث بولاية بنزرت لشاحنة على متنها 63 شخصاً بين عمال/ات وهو أمر ممنوع ومخالف لكل القوانين والتشريعات".

وعن الأسباب خلف هذه الحوادث والإجراءات المتخذة قالت "هناك القانون رقم 51 لسنة 2019 الذي جاء مباشرة بعد حادث السبالة بسيدي بوزيد الذي توفي على أثره 13 شخص من بينهم نساء وأطفال وسائق الشاحنة وتوجد عائلة بأكملها توفيت على إثره، ولأن هذا القانون لا يطبق ذكّرنا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعي من خلال بياننا بضرورة تطبيق القانون وبصرامة ودون أي تساهل مع الوسطاء الذين ينتهكون ليس فقط حقوق النساء والعاملات بل ينتهكون حقوق قطاع فلاحي كامل"، مؤكدة على ضرورة وقوف الحكومة بحزم من خلال مؤسساتها وهياكلها لتطبيق القانون الذي أعطى السلطة الجهوية صلاحية الإشراف على تطبيقه فهي التي تمنح تراخيص خاصة بأنشطة نقل العمال.

وأوضحت أنه "بالرجوع إلى حادث ولاية بنزرت فقد أعلنت الحكومة منذ أشهر عن منحها عشرة تراخيص من الولاية، وعندما نتحدث عن هذا العدد القليل فمن المفترض عدم وقوع مثل هذه الحوادث، لكن نحن نقف أمام حادث بتلك البشاعة ونجد 63 شخصاً في صندوق شاحنة مخصصة أساساً لنقل البضائع فهذا أمر غير معقول، لذلك علينا أن نعيد طرح الملف ونندد بهذه العملية ونطالب بإعطائه القيمة التي يستحقها، ونحن في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتحديداً منذ سنتين انطلقنا في عمل ميداني بحثي نشرنا من خلاله دراسة ميدانية عنوانها: المرأة العاملة في القطاع الفلاحي والسياسات تأبيد للهشاشة أي سبيل للإنقاذ ورد الاعتبار؟ الدراسة غطت تقريباً 13 ولاية وركزنا على جذور الهشاشة والأسباب العميقة وتشخيص الواقع الحالي للعمالة النسائية في القطاع الفلاحي والمقترحات والحلول التي نفكر فيها كمنتدى والظروف التي لابد أن نتهيأ لها".

وتابعت أنه "من بين الحلول التي اقترحناها ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية والقانونية المتعلقة باليد العاملة بصفة عامة وحقوق العمال بالقطاع الفلاحي وحقوق النساء والحماية الاجتماعية وأيضاً مسألة النقل والضمان الاجتماعي، ومن خلال التشخيص الذي قمنا به في الملف لاحظنا أن وضع العمالة في القطاع الفلاحي هش والعاملات الفلاحيات هن أكثر فئة تتعرض لكل أشكال العنف والاستغلال"، مؤكدة أن "الوضع في مجمله عنوان للعنف الاقتصادي، كما تتعرضن للعنف الجنسي واللفظي، و78% من العاملات المشاركات في التشخيص أكدن تعرضهن لكل أشكال العنف و10% تعرضن للعنف الجنسي و64% تعرضن للعنف اللفظي".

وأضافت أن "الدراسة الميدانية كشفت أيضاً أن 92% من المشاركات ليست لديهن ضمان اجتماعي و8% فقط لديهن وهو أمر يتطلب دق نواقس الخطر فعند الرجوع لوضع من يتعرضون للحوادث في ظل عدم وجود الحماية والضمان الاجتماعي فإن وضعهم سوف يكون صعب جداً ويحتاج للحلول بأسرع وقت، لذلك الوضع ككل يتطلب مراجعة وإصلاح ويتطلب وقفة حازمة من قبل الجهات المعنية لتنظيم العمل بالقطاع الفلاحي، فبحسب آخر دراسة لوزارة الفلاحة بين 2017 و2018 سُجلت حوالي 521 ألف و630 عاملة في القطاع الفلاحي وأغلبهن دون تغطية اجتماعية وهي كارثة، كما أن الرقم يدل على أن العمالة النسائية ركيزة القطاع".

وعن الفئات العمرية من اليد العاملة الفلاحية قالت حياة العطار "نجد تقريباً كل الفئات من شابات وحتى النساء المتقدمات في السن والأطفال، والدراسة التي قمنا بها بينت أن 8% كانوا أطفالاً دون سن 12 عام وهذا مخالف لكل المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، وأقرب دليل على ذلك أن حادثة السبالة لسنة 2019 كان من بين ضحاياها أطفالا بين 14 و15 سنة ونساء تجاوزت أعمارهن الـ 60 عام و10% منهن في مرحلة متقدمة من العمر يتنقلن في ظروف صعبة ودون تغطية صحية".

وأوضحت أن "القطاع الفلاحي يستقطب كل المستويات التعليمية من الأمية إلى حاملات الشهادات العليا اللواتي فرضت عليهن البطالة والوضع الاقتصادي والاجتماعي وغياب التنمية خاصة في الأسر الريفية العمل في القطاع الفلاحي، فنجد تقريباً 10% ممن تعملن في القطاع الفلاحي حاملات لشهادات عليا كما أصبح القطاع الفلاحي مهرباً من البطالة حيث أقبلت 10% من نساء المجتمع الحضري على العمل به وهذا يعكس نظرية أو فكرة أن من تعملن في القطاع الفلاحي هن فقط من المجتمع الريفي بل هناك نساء انتقلن من المدن للعمل في القطاع الفلاحي، وأن دل هذا على شيء فإنما يدل على أنه قطاع منقذ للاقتصاد ومنقذ للشباب والنساء ولابد من ضرورة إيلائه الاهتمام الكافي ومراجعته وهيكلته وضرورة تمكين الفلاح اليوم من حقوقه وتقديم تسهيلات لتحسين وضع الفلاح الذي ينعكس على وضع العمال، كما يجب تكثيف الرقابة في هذا القطاع لأنه يضمن عدم انتهاك حقوق هذه الفئة وللتصدي لكل اشكال الاستغلال والعنف المسلط عليهن".