هتك للطفولة... زواج القاصرات في اليمن
ازدادت حالات زواج القاصرات في اليمن التي تشهد حرباً أهلية منذ عام 2015، وتعاني من وضع اقتصادي متدهور، خاصةً في القرى التي لا تسمح للفتيات بإكمال تعليمهن.
رانيا عبد الله
اليمن ـ تعتبر اليمن من بين أكثر الدول التي تنتشر فيها ظاهرة زواج القاصرات، ومن بين الحالات التي أثارت غضب الرأي العام مؤخراً، قصة الطفلة اليمنية نهى جميل البالغة من العمر عشر سنوات، التي زوجها والدها وهي في عمر صغير من رجل يكبرها بخمسة عقود.
حالة نهى جميل هي واحدة من آلاف الحالات التي تحدث في اليمن، وتحديداً في بعض القرى اليمنية التي تسمح للفتيات بإكمال تعليمهن أسوة بالذكور، وباتت عادة تقبلها المجتمع الريفي منذ القدم، فأمل علي سعيد حُرمت من التعليم بسبب زواجها المبكر في سن 12 عاماً، وانشغلت بالإنجاب ومسؤوليات المنزل والزوج، ما جعلها الآن ترفض تزويج بناتها الصغيرات، رغم ضغوط العائلة المستمرة لإقناعها في تزويج بناتها، ورغبتها بأن يكملن تعليمهن.
وترى الصحفية لمياء الشرعبي أن نسبة زواج القاصرات في اليمن زادت بسبب الحرب والنزوح والأوضاع الاقتصادية الصعبة "تنتشر ظاهرة زواج القاصرات بشكل كبير في مخيمات اللجوء، حيث يلجأ الأهالي إلى تزويج فتياتهن بسن مبكرة بذريعة خوفهم عليهن من الاغتصاب أو التحرش".
وحول الآثار المترتبة على الزواج المبكر أوضحت "من المشاكل التي تواجهها الفتيات القاصرات إثر تزويجهن في سن مبكرة، حدوث انفصال خلال السنوات الأولى".
الحرب والنزوح السبب في تفشي زواج القاصرات
ومن جانبها قالت الطالبة في كلية الآداب وردة الأصبحي أن "زواج القاصرات ينتشر بسبب الجهل وقلة التعليم، ومازال بعض الناس يحملون فكرة أن زواج الفتيات واجب في سن مبكرة".
ولفتت إلى أنه من الأسباب الكامنة وراء تفشي الظاهرة الحرب الدائرة في البلاد والنزوح، مشيرةً إلى أنه من الآثار الناجمة عن زواج القاصرات حرمانهن من حقهن في التعليم.
وأكدت الناشطة زينب الرهيدي أن الزواج المبكر يعد انتهاك لحقوق الأطفال والفتيات خاصة، حيث تحرمن من حق الحياة وتضطررن لتحمل أعباء تفوق قدراتهن، وهن من تدفعن الثمن الأكبر، فالعديد منهن تتعرضن للعنف إثر عدم درايتهن بكيفية التعامل مع الشريك وتربية الأبناء وتحمل مسؤوليات عائلة بأكملها، وهو ما يفضي في الكثير من الأحيان إلى فقدانهن لحياتهن.
وأوضحت أن آخر تلك الانتهاكات بحق الطفولة زواج الطفلة نهى جميل البالغة من العمر 10 سنوات، وهي واحدة من بين المئات من الفتيات اللواتي تصبحن ضحايا للزواج المبكر لكن لا يتم الكشف عنها.
أضرار نفسية وانتهاك للحقوق
وحول دول المنظمات الحقوقية في الحد من انتشار ظاهرة الزواج المبكر تقول رئيسة مؤسسة كيان للسلام والتنمية مها عون أن "العديد من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية تعمل على مناصرة قضية زواج القاصرات، وتسعى للحد منها في الوقت الذي ازدادت فيه النسبة إثر الحرب الدائرة والأوضاع المعيشية السيئة".
وبدورها أوضحت المستشارة النفسية كريمة الصمدي أنه من الآثار الناجمة عن زواج القاصرات "يسبب الزواج المبكر العديد من الأمراض النفسية لدى الفتيات لعدم جاهزيتهن جسدياً ونفسياً وإدراكياً، ولعل أبرزها سوء التوافق النفسي والصراع الذاتي بين أفكار الأمس كطفلة وأفكار اليوم كامرأة يقع على عاتقها العديد من المسؤوليات، وهي لا تمتلك أي قدرة أو استعداد للقيام بها".
وأشارت إلى أن "الكثير من الفتيات اللواتي يتم تزوجيهن مبكراً تصبن باضطراب الاكتئاب الحاد، فهن غير قادرات على تلبية متطلبات الزوج والمنزل مما يعرضهن للعديد من المشكلات والعنف من قبل الزوج أو عائلته".
وأضافت "ما يزيد الأمر سوءاً هو الحمل المبكر وعدم قدرة الفتيات على الاهتمام بأنفسهن وبصحتهن وهو ما يشكل خطراً على حياتها والجنين كذلك، فكيف لطفلة أن تنجب طفلاً وتقوم بتربية وتنشئته وهي تفتقر لأساليب التربية الإنجابية السليمة وليس لديها أي معلومات أو خبرات عنها والذي قد يعرض طفلها للمخاطر، كما أنها تشعر بالعجز، في الوقت الذي ترى فيه صديقاتها قد أكملن التعليم وأصبحت لهن حياة مستقلة، بينما هي حرمت من ذلك مما يجعلها تنعزل اجتماعياً، فضلاً عن شعورها بالقلق إزاء التفكير بالمستقبل وأنها لن تستطيع تحمل مسؤولية ذاتها وطفلها إذا ما حصل الطلاق والذي يعد نتيجة متوقعة".