حقوقيتان: هناك تراجع مخيف في مسار حرية التعبير والرأي في تونس

اعتبرت ناشطتان حقوقيتان تونسيتان أنه لا يمكن التأسيس لدولة ديمقراطية ومجتمع يحترم حقوق الإنسان في وقت تشن فيه السلطات هجمات على حرية التعبير.

زهور المشرقي

تونس ـ دعت ناشطتان حقوقيتان، السلطة التنفيذية في تونس إلى ضرورة الالتزام بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تشمل حرية التعبير والرأي.

أعلنت كل من جمعية تقاطع الحقوقية وجمعية "من حقي نسائلك"، أمس الثلاثاء 3 تشرين الأول/أكتوبر، عن انطلاق مرصد انتهاكات حرية الرأي والتعبير.

وجاء إطلاق المرصد بعد مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبت بحق ممارسي حقهم في التعبير آرائهم، وذلك لتعزيز وحماية حرية التعبير في تونس.

وقدمت الجمعيتان الحقوقيتان، تقريراً مشتركاً حول واقع حرية التعبير والرأي بعد 25 تموز/يوليو عام 2021، يرصد كل محاكمات الرأي التي طالت الشباب/ات والنشطاء/ات والصحفيين/ات والسياسيين/ات.

وتطرق التقرير إلى محاكمات الرأي التي شهدتها تونس إلى غاية تموز/يوليو الماضي، والتي استهدفت بصفة خاصة كل الأصوات الناقدة والمعارضة للسلطات الحاكمة، ما يعيد إلى الذاكرة دولة الرقابة المسبقة على الحريات وانتهاء حقوق الإنسان.

ولفت التقرير إلى أن معدل مقاضاة الأفراد وتتبعهم على خلفية تعبيرهم عن آرائهم قد ارتفع منذ تعليق عمل البرلمان السابق في أيلول/سبتمبر عام 2021، والذي تلاه إصدار مراسيم عدة على غرار المرسوم 54 الذي أقرته حكومة نجلاء بودن (رئيسة الحكومة سابقاً) من أجل التخلص من كل الأصوات الناقدة والمعارضة للسلطة كما أوضح التقرير.

ورصد التقرير 47 حالة انتهاك تراوحت بين إيقافات عشوائية واستدعاء للاستماع فقط، ومحاكمات استناداً إلى قوانين مختلفة من بينها المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، توزعت بين محاكمة عشر صحفيين/ات و7 سياسيين/ات و11 من الناشطين/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان و6 محاميين/ات و11 مواطناً/ة، وكانت كلها قضايا تنضوي تحت ممارسة الحق في حرية التعبير وأبرز مكاسب الثورة التونسية.

وقالت الناشطة الحقوقية مي العبيدي المكلفة بالاتصال في جمعية تقاطع، أنه منذ 25 تموز/يوليو 2021 شهدت تونس حملة ممنهجة من قبل السلطات استهدفت حرية التعبير والأصوات المعارضة لها، وواجه الملاحقون وابلاً من خطابات التخوين والتحريض والتي جعلت حياتهم مهددة.

وأشارت إلى أن الاتهامات كانت تحت طائلة المرسوم 54 والقانون 67 من المجلة الجزائرية الذي يعاقب المعتقلين بتهمة "ارتكاب أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية"، وحالات تتعلق بقوانين دونوا تدوينات أو شاركوا عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كاريكاتير ناقد للرئيس قيس سعيد، معتبرة أن ما يحدث عاد بتونس وواقع حرية التعبير إلى الوراء بعد أشواط مهمة في مسار هذا المكسب الثوري.

وأفادت مي العبيدي بأن الوضع بات مخيفاً ولهذا جاءت فكرة إطلاق مرصد انتهاكات حرية التعبير والرأي في تونس، وقد تم وضع رقم أخضر لتلقي المكالمات والشكاوى من كافة المواطنين في حالة تم تسجيل انتهاك.

وأكدت أنه وجب العمل بين مكونات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية من أجل الدفع بإلغاء المرسوم 54 الذي وصفته بـ "سيء الذكر" لما يمثله من خطر حقيقي على حرية الصحافة والتعبير، متطرقة لتعديل دعوات بعض النواب في البرلمان، إلا أنها اعتبرته غير مجدي لاعتباره مرسوم قمعي يأتي بعد ثورة مؤكدة للتونسيين الحرية في التعبير دون حواجز وبعيداً عن التسلط والرقابة.

وعبرت عن أسفها من أن يجد التونسي نفسه بعد 12 عاماً من الثورة أمام واقع قمعي لا يعترف بالحق في التعبير والتعليق والنقد "فضيحة أن تعيش تونس هذا الواقع الصعب في مسار حرية التعبير بعد نضالات وحرب من أجل الحرية التي سال لها الدماء وفقد من أجلها العشرات حياتهم".

وأشارت مي العبيدي إلى أن تضافر الجهود في الوقت الحالي أمر ضروري لمعالجة كل الإشكاليات ونحت العوائق المعرقلة لمسار الحريات، مؤكدةً على دور المجتمع المدني في التصدي لهذا المرسوم.

 

 

من جانبها أوضحت الحقوقية ندى الزغدودي عضوة جمعية "من حقي نسائلك"، أن بعث مرصد لرصد الانتهاكات في حرية الرأي والتعبير أمر مهم خاصةً في ظل الانتهاكات المجحفة للحقوق والحريات، والتي رافقتها الإيقافات العشوائية بسبب آرائهم ومواقفهم من السلطة القائمة في صفوف الناشطين/ات والنقابيين/ات والصحفيين/ات والسياسيين/ات وانتقادهم لها سواءً على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو خلال حضورهم في الإعلام.

وتؤمن ندى الزغدودي أنه من الضروري أن تلتفت كل الأطراف حول هدف استرجاع حرية التعبير والرأي والدفاع عنها بالشكل السلمي المعتاد لاعتبار أن هذا المكسب الوحيد من الثورة لا يمكن أن يتكرر، مؤكدةً أنه حان وقت معاضدة الجهود من أجل تونس ومستقبل شبابها.

وطالبت السلطة التشريعية والتنفيذية بإلغاء المراسيم القمعية المستهدفة للكلمة الحرة، واعتبرت أن المرسوم 54 أداة جديدة لدى السلطات التونسية للحد من حرية العمل الصحفي، والالتزام بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تشمل حرية التعبير والرأي الموقعة عليها تونس، وتعزيز العدالة وعدم فرض قيود غير مبررة على وسائل الإعلام وحرية التعبير.