حملة تشهير وإساءة تطال ناشطات في "حملة جوازي بلا وصاية"

نددت عدة ناشطات بحملة التشهير التي طالتهن بعد نجاح حملة "جوازي بلا وصاية" في تحقيق أهدافها.

رانيا عبد الله

اليمن ـ حققت حملة "جوازي بلا وصاية" أهدافها بإلغاء الاشتراطات المعوقة لحصول النساء على جواز سفر وتطبيق القانون لتسهيل استخراج جواز سفر للنساء، لكن بعد تطبيق القانون في مصلحة الهجرة والجوازات شُنت حملة إساءة وتشهير على النساء والناشطات المؤسسات للحملة والقدح في أعراضهن والنيل من سمعتهن لغرض التراجع عن تطبيق القانون والعودة إلى ما كانت إليه الاشتراطات التي تعيق المرأة عند استخراج جواز سفر.

عن حملة التشهير التي طالت الناشطات قالت أستاذة علم الاجتماع المشترك في جامعة تعز ألفت الدبعي لوكالتنا "من يقف خلف هذه الحملة لم يستوعبوا مراحل التحول التي تمر بها المرأة اليمنية ومشاركتها في كافة مجالات الحياة وإسهامها الفعال في بناء السلام، والتي من أهم هذه المهام العمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون وعلى رأسها مكتسبات المرأة من هذه المخرجات".

 

تشويه كل من تبناها

لاقت حملة "جوازي بلا وصاية" التي نظمتها مجموعة من النساء، منذ انطلاقها رواجاً كبيراً نظراً لتنظيمها المتقن وأهدافها الأكثر ترتيباً وقدرتها على الوصول لأصحاب القرار والتأثير، فبحسب الدكتورة ألفت الدبعي اعتبر البعض أن هذه الحملة تمثل خطراً على وصايتهم على النساء باسم الدين التي طالما اعتادوا عليها في الماضي، وكانت تصل إلى درجة التأثير في القوانين والتشريعات، لذلك تصدوا للحملة مباشرة بمجرد انطلاقها وحاولوا تشويه كل من تبناها ووصمهم بكل صفات السب والشتم والتشهير وتهم التغريب والعلمانية وتخريب الأسرة.

وأضافت "أنا شخصياً طالتني تهم بأنني عبر هذه الحملة أحرض الفتيات على أهلهن والزوجة على زوجها والأخت على أخيها وتلقيت تهديدات تقول بأني أسعى إلى تخريب المجتمع وانحلاله".

ولإدراك الدكتورة ألفت الدبعي بأن هذه الحملة لا قيمة لها إذا لم تصل إلى أصحاب القرار عملت على إيصال المؤسسين لها إلى صناع القرار وحددت لهم موعد مع رئيس الوزراء من أجل التوجيه إلى وزارة الداخلية بإلغاء التمييز الذي كان يمارس على اليمنيات بالمخالفة للقانون، خاصة وأن القانون اليمني لا يوجد في نصوصه ما يميز بين الذكر والانثى في شروط الحصول على جواز السفر. 

 

نجاح ومزيد من المطالب 

ولأن حملة "جوازي بلا وصاية" نجحت في الحصول على توجيهات من صناع القرار إلى مصلحة الجوازات والهجرة للعمل على تنفيذ القانون وإلغاء أي اشتراطات خاصة بالنساء، قالت ألفت الدبعي "لم يستوعب  المتشددين هذا النجاح واعتبروا أنه يؤدي إلى مزيد من المطالب الحقوقية للمرأة وكأن تلك جريمة لذلك لجأوا إلى تشوية الشخصيات التي قادت الحملة وكان تركيزهم على شخصيتي بدرجة أساسية، ذهبوا إلى استخدام وسيلة الاغتيال السياسي والاجتماعي عبر نشر الشائعات، والكذب، والسب، والقذف، وعمل حملات منظمة الهدف منها إسقاط تأييد الرأي العام لي ولأي مواقف صادرة مني".

وأضافت "الحملة التي شنت ضدي وصلت إلى أن أي موضوع اكتبه في وسائل التواصل يتم تجنيد أشخاص للسخرية"، مؤكدة أن الهدف الأهم من الحملة هو التأثير على إعادة النظر في القانون وإعادته للوضع السابق من اشتراطات موافقة ولي الأمر وحضوره. 

وترى أن حملة التشهير والإساءة لن تؤثر على قرارات رئيس الوزراء أو وزير الشؤون القانونية أو وزير الداخلية، وأن عجلة التغيير تسيير إلى الأمام ولن توقفها مثل هذه الحملات كون البلاد حالياً ملزمة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تنص على إلغاء أشكال التمييز في حصول النساء على جواز سفرها، مؤكدة أنه إذا ظهر تأثيره بشكل أو بآخر وخضعت له الدولة، فجميع الناشطات المطالبات بحقوقهن لن يصمتن وسيرفعن دعاوي قضائية حول مخالفة نصوص القانون.

 

وثيقة الحوار

وحول الجهود لإعادة تطبيق الوصاية على النساء في مصلحة الهجرة والجوازات قالت "لن نسمح بإعادة الماضي حين كانت قضايا النساء هي الذريعة التي يستغلها أصحاب المصالح أو المتصارعون سياسياً أو الأحزاب الدينية من أجل كسب الشارع على حساب حقوق المواطنة، اليوم أصبحت المرأة اليمنية لديها وثيقة الحوار الوطني المتوافق عليها من جميع المكونات السياسية، والتي أصبحت الدولة ملزمة بتنفيذها وفيها الكثير من المكتسبات التي ساهم الحقوقيين والنساء في صياغتها في مؤتمر الحوار".

وأضافت "ساهمت برفع قضايا قانونية تجاه حملات التشويه والإساءة، ودعيت المجتمع بمؤسساته الرسمية وغير الرسمية لتحمل مسؤوليته في مواجهة هذه الحملات التي تسيء للمرأة اليمنية، أما نحن فلن تثنينا هذه الحملات عن الاستمرار في مطالب استحقاقات التغيير الاجتماعي وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومنها حقوق النساء، وسوف ينهزم هؤلاء أمام إرادة التغيير التي نحملها باتجاه إرساء قيم المواطنة في مجتمعنا".

 

ربط حقوق المرأة بالدين

وترى ألفت الدبعي أنه "هناك دائماً ميلاً في مواجهة أي حراك يتحدث عن حقوق المرأة بربطه بأنه يخالف الدين والعادات والتقاليد وتربط ذلك بأنه يكمن خلفه تفسيرات مرتبطة بعلاقات السلطة التي تميل لصالح الرجال في مجتمعنا وإعطائهم ميزات أكبر في ممارسة سلطة مطلقة على النساء وبالتالي يشعر هؤلاء أن تطبيق قيم المواطنة أي حقوق للنساء سوف يسحب منهم مكتسبات هذه السلطة التي نمت في مجتمعنا بالمخالفة لقيم الدين الإسلامي الصحيح المتمثل بقيم السلطة المشتركة التي حددها للرجال والنساء".

وأوضحت أن قضايا المرأة قضايا عادلة، لكن هذه القضايا لا يمكن الانتصار لها إلا إذا كانت عملية المناصرة والمطالبة بها تعكس عمل جماعي منظم بين جميع المكونات النسائية، فذلك يعطيها قوة في التأثير وتحقيق الأهداف أكثر من العمل بشكل مكونات مستقلة لوحدها أو عمل فردي، كما أنه من المهم أن يكون للنساء تحالفات وتشبيكات مع الكيانات الحقوقية العامة من الجنسين بحيث تشكل الكتلة المدنية مجال قوة للانتصار لكافة قضايا المواطنة والتي منها قضايا النساء.

 

تهديد وشتم

لم تكن الناشطة المجتمعية ألحان الشيباني هي الأخرى بمنأى عن حملة التشهير والشتم التي طالت الناشطات، وكونها إحدى المؤسسات لحملة "جوازي بلا وصاية" فقد طالها التهديد والعديد من المضايقات بحجة أنها تدعوا للانحلال المجتمعي وتحرض على هروب النساء والفتيات، وعن ذلك تقول "بعد أن أطلقنا حملة جوازي بلا وصاية واجهنا كثير من الانتقادات، لكننا لم نتوقف وحاولنا أن نصل إلى رئاسة البلاد وتم التنسيق للمقابلة وبعدها تم التوجيه إلى وزير الشؤون القانونية لتطبيق وتفعيل القانون في جميع مصالح الهجرة والجوازات وفي جميع محافظات اليمن المعترف بها دولياً".

 

تفعيل القانون المعطل

من جهتها تقول الأستاذة شفيقة علي أحمد وهي عضوة في حملة "جوازي بلا وصاية" أنه "من المؤسف والمحزن ذلك التشهير وتلك الإساءات التي طالت الكثير ممن اشتركن في حملة جوازي بلا وصاية, التي هي في الأصل مجرد مطالبة حقوقية في تطبيق قانون معطل, ولم تعمل الحكومة أكثر من استجابتها لتفعيل القانون المعطل، أي إن ما جرى لم يكن بدعة, بل هو حق من حقوق النساء".

وتعبر شفيقة أحمد عن أسفها بأن من قام بالمشاركة بتلك الاساءة أكاديميون ومثقفون "مؤسف حقاً أن هؤلاء من فئة المثقفين، ولم يدركوا أن ما قاموا به يعتبر جرائم قذف واساءات يحق لمن تعرضن لها مقاضاتهم وفق القانون".

وأضافت "هناك تبعات ناتجة عن شراسة حملات التشهير تلك ومنها ما يتم فرضه الآن على المرأة، في حال سفرها مع أولادها، فهي مطالبة في مكاتب الطيران أولاً ثم من سلطات المطارات بإبراز موافقة الأب على سفر أطفالها معها, أي إن الأم "المواطنة الأنثى" وهي غير متزوجة لا تكون قد استخرجت الجواز إلا للهرب أو لتهريب أولادها في حالة أن كانت متزوجة".

وأكدت شفيقة أحمد أن "اللذين استهدفوا حملة "جوازي بلا وصاية" لم يستطيعوا إلغاء القانون الذي يعطي المرأة الحق في الحصول على الهوية "جواز السفر" لكنهم حاولوا حرمانها من اصطحاب أطفالها دون موافقة الزوج, بينما لو فكر الأب بالسفر مصطحبا أطفاله فلن يتم اعتراضه واشتراط موافقة الأم".