حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي"

أطلقت الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي"، لإثارة الرأي العام وتحصيل حقهن في منح الجنسية لأبنائهن وإنهاء التمييز ضد المرأة في مسألة منح الجنسية

مركز الأخبار ـ .  
يسمح القانون الأردني للرجل المتزوج من أجنبية الحق في نقل جنسيته إلى زوجته وأبناءه بشكل تلقائي، وذلك لأن القانون يعتبر أبناء الأردني "أردنيين أينما ولدوا"، بينما يمنع نفس الحق عن أبناء المرأة الأردنية المتزوجة من أجنبي.
وعلى الرغم من أن البلاد قد وقعت على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، إلا أنها تحفظت على أهم البنود التي تنص على حق الجنسية للمرأة.
 
إطلاق الحملة
أطلقت الناشطة الأردنية الراحلة نعمة الحباشنة حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" في عام 2007، للمطالبة بحق أبناء النساء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين بجنسية أمهاتهم، وانشأت صفحة خاصة بالحملة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في 29 حزيران/يونيو 2009.
وتأتي مبادرة نعمة الحباشنة على خلفية وفاة زوجها المغربي في عام 2006، تاركا لها أربع بنات وولدين، واحد منهم فقط يحمل الجنسية المغربية، أما الآخرين فلا يملكون أي أوراق ثبوتية، ذلك أن زوجها قبل وفاته لم يكن قد استكمل الأوراق الثبوتية لأولاده بعد.
بدأت معاناتها في تجديد إقاماتهم، قدمت نعمة الحباشنة للسفارة المغربية شهادة وفاة لزوجها مكتوبة بخط اليد لتستكمل أوراق أولادها، إلا أن الورقة ضاعت وأنكرت السفارة استلامها للشهادة، وبعد إغلاق كافة الأبواب في وجهها قررت الخروج لوحدها في أول اعتصام للمطالبة بحق أولادها في الحصول على جنسية أمهم الأردنية.
وكان أول ما كتبته نعمة حباشنة على صفحة الحملة، نص المادة السادسة من الدستور الأردني لعام 1952 التي تنص على أن "الأردنيون متساوون في الحقوق والواجبات وأن اختلفوا في العرق أو اللون أو الدين".
 
التفاعل والانجازات
استطاعت حملة "أمي أردنية جنسيتها حق لي" أن تشكل النواة الحقيقية لحراك يطالب بحقوق المرأة الأردنية، بدأت أصوات رسمية وغير رسمية تلتفت إليها، بعدما نظمت الاعتصامات والحملات المطالبة بالاعتراف بحق المرأة الأردنية، ورصد المشكلات اليومية التي تتعرض لها النساء، وتسليط الضوء عليها من قبل الإعلام.
وبحسب منسق الحملة رامي الوكيل، أنه بحدود عام 2016 وصل التفاعل مع الحملة إلى أكثر من 12 ألف مشارك.
وبعد نضال استمر لسنوات طويلة وزيادة الضغوطات والاحتجاجات التي أدارتها الحملة، أقرت الحكومة الأردنية في عام 2014، بمنح أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين بطاقات تعريف تمنحهم "تسهيلات" أو ما عرف حينها بـ "المزايا" في عدة مجالات منها "التعليم، الصحة، العمل، الاستثمار، التملك واستخراج رخص القيادة"، إضافة إلى تسهيلات في مجال أذونات الإقامة، شريطة عدم اكتساب الجنسية الأردنية.
ومن ضمن التسهيلات التي قدمتها الحكومة ضمن القرار إعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من أجنبي من الحصول على تصاريح العمل التي يوجب القانون على العامل غير الأردني الحصول عليها لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد.
إلا أن القرار الذي تم إصداره لم يشمل أبناء نعمة الحباشنة، وذلك لأنه يشترط ما يثبت جنسية الابن من جواز سفر أو ما يقوم مقامه، وهو ما لا ينطبق على أبنائها، ولم تستطع استكمال الطريق الذي بدأت به، حيث توفيت في عام 2015، وخسرت في معركتها في الحصول على حقوق أولادها. 
 
ضرورة الاستمرار
ورغم صدور تعميم حكومي في عام 2018 يلزم كافة المؤسسات الرسمية والخاصة باعتماد البطاقة التعريفية لأبناء الأردنيات، إلا أن هذه الشريحة من المجتمع ما تزال تواجه صعوبات تعرقل حصولهم على الامتيازات الممنوحة لهم.
وبحسب تقديرات دائرة الأحوال المدنية والجوازات لعام 2018، بلغ عدد أبناء الأردنيات المتزوجات غير الأردنيين المسجلين لدى الدائرة نحو 355 ألف ابن وابنة، يعانون من تمييز ضد أمهاتهم، وما يترتب على ذلك من حرمانهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية والفرص مثل الأردنيين الذين عاشوا بينهم.
وفي عام 2018 قرر مجلس الوزراء الأردني، إلغاء شرط إقامة الأم الأردنية إقامة دائمة لمدة لا تقل عن خمس سنوات قبل الاستفادة من التسهيلات المقدمة لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، كما وتقرر اعتبار البطاقة الشخصية المصروفة لأبناء الأردنيات من دائرة الأحوال المدنية والجوازات بمثابة بطاقة "إثبات شخصية".
وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في نهاية نيسان/أبريل 2018، حرمان النساء الأردنيات المتزوجات من أجانب من حق نقل الجنسية لأبنائهن، مشيرة إلى أن "أبناء الأمهات الأردنيات والآباء غير الأردنيين يكافحون لنيل الحقوق والخدمات الأساسية، بسبب قانون يحرم النساء من الحق في نقل الجنسية إلى أبنائهن مثل الرجال".
ويعامل كل من يتجاوز عمر الـ 18 من أبناء الأردنيات يعامل معاملة العامل الوافد، خاصة في القطاع الصحي، حيث يترتب عليهم دفع رسوم لإجراء معاملاتهم الرسمية، ويواجه العشرات منهم العديد من الإشكاليات، توصلهم إلى طرق مسدودة تحول دون تسهيل الإجراءات اللازمة لإنهاء معاملاتهم في مختلف الدوائر الحكومية.
ورغم منح بعض المزايا لأبنائهن إلا أن حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" ما زالت مستمرة، وتؤكد النساء أن تلك المزايا لا تطبق على أرض الواقع، وليست إلا حبر على ورق لإسكات النساء عن المطالبة بحقهن وحق ابنائهن.
ولا تزال معاناة الأردنيات في عدم تطبيق المزايا الممنوحة لهن من قبل الحكومة قائمة دون الاستفادة منها في مختلف القطاعات على أرض الواقع، ومن الإشكاليات الجديدة التي اضافتها الحكومة على أبناء الأردنيات هو قرار وزارة العمل الأخير القاضي بحصر المهن المغلقة على الاردنيين فقط، الأمر الذي لا يشمل أبناء الأردنيات مما يزيد أوضاعهم سوءا. 
وتؤكد الحملة أن قضيتهم قضية حقوقية إنسانية مجتمعية وقضية مواطنة، وترفض التعامل معها كقضية سياسية، وتطالب فقط بحق الأم الأردنية المتزوجة من غير أردني تجنيس أبناءها.
وعليه ستواصل حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" مطالبتها بمنح الجنسية الأردنية لكل أبناء الأردنيات أسوة بالرجال ودون تمييز ودون شرط أو قيد.