حلول رادعة تعزز من القدرة على تنفيذ القوانين المتعلقة بقضايا النساء

صدرت مجموعة من التشريعات المتعلقة بقضايا النساء خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتم تشديد الكثير من العقوبات لتحقيق حالة من الردع العام، ولكن لم يأتي بثماره على النحو المأمول واستدعى التفكير في إجراءات داعمة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ هناك عدد ليس بالقليل من الإجراءات والتعديلات التشريعية خاصة في جريمة التحرش والختان، وهو أمر طالبت فيه المؤسسات النسوية على مدار سنوات عديدة للتعامل مع ما يحدث للنساء من انتهاكات شبه يومية.

للتعرف على واقع تنفيذ القوانين وما يمكن وضعه من بدائل أو أدوات داعمة أكدت عدد من المهتمات بقضايا النساء على ضرورة وجود القوانين الرادعة، إلا أن بعضهن رأى أهمية إعادة التفكير في العقوبة والبحث عن بدائل ومنها الخدمة المجتمعية لردع المعتدين على النساء.

ورأت الكثيرات أن للتوعية دور كبير للتعامل مع حالة التعاطف التي تتم مع المجرمين في بعض الوقائع، ومن الملاحظ أن معدل الإبلاغ عن بعض الجرائم ومنها الختان على سبيل المثال يكاد لا يذكر نتيجة الخوف على الأهل لكونهم من يقوموا بتلك الممارسة التي تنال من حقوق النساء الإنسانية.

 

التقاضي فعال إلا أن وصم النساء يحول دون الإبلاغ عن الجرائم

قالت ضحى عمران، المحامية بالنقض والدستورية العليا، أن القوانين تفقد قيمتها حال وجود ثقافة مجتمعية تدين النساء وتوصمهن إذا سلكن المسار القانوني، وهو الأمر الذي يجعل النساء تعزفن عن الإبلاغ في أغلب الأوقات.

وأكدت أن التقاضي الآن مجدي وفعال وعادة ما ينتصر للضحية، إلا أن المجتمع لاحقاً يطاردها بالوصم والإدانة خاصة إن كانت تعيش في حي بسيط أو قرية ريفية تعلي من الصورة النمطية للنساء والتكتم على ما تتعرضن له من انتهاكات.

وأوضحت أن الأزمة الحقيقية ليست في القوانين لكونها أداة ردع ضرورية ومؤثرة تساعد في الحد من ارتكاب الجريمة، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في مسألة الوعي الجمعي الذي يتعاطف نسبياً مع الجاني لمجرد أنه سيتعرض لتلك العقوبة دون النظر للآثار السلبية التي تقع على كاهل النساء وتؤثر على مستقبلهن سلباً.

 

 

فتيات تروين قصصهن مع التحرش والإبلاغ

الإبلاغ عن الاعتداءات التي تحدث شبه يومياً للفتيات والنساء في الشارع أمر مجهد خاصة إن كان المجتمع المحيط لا يرى ذلك التصرف لائق ويعادي من تقوم به، وهو أمر وصفته إحدى الفتيات بأنه "مشهد عبثي" مؤكدة أنها تعرضت في أحد الأيام لمحاولة تحرش واشتبكت مع المتحرش، إلا أن الرجال انتفضوا لتخليصه من يدها من أحد المقاهي التي كانت تمر بها ورغم إصرارها على تأديبه والذهاب إلى قسم الشرطة، إلا أنهم خلصوه من يدها ومنعوها من الحصول على حقها قائلةً "خاب أملي كلياً لأن الناس يرون أنه لم يفعل ما يستحق لأدمر مستقبله ولم يهتم أحد لمشاعري وتأثير ما فعله بي".

بينما قالت أخرى أنها في كثير من الأحيان تفكر في الإبلاغ عن الانتهاكات التي تتعرض لها ولكنها تعدل عن ذلك بسبب تجربة مرت بها مسبقاً "لا أثق كثيراً في جدوى الإبلاغ فقد سبق وشكوت شخص لأنه يزعجني ويطاردني وكان علي إثبات ما يقوم به ورغم تحرير المحضر ضده إلا أن نتيجته كانت الحفظ".

واتفقت الفتاتين الرافضتين لذكر اسميهما على ضرورة وجود وعي جمعي للمواطنين تجاه الاعتداء على النساء وما يمارس عليهن من عنف وضرورة رفض المواطنين له حتى لا تصبح الفتاة الراغبة في الحصول على حقوقها محاصرة بالمخاوف والتردد والتهديد أحياناً.

 

رفع معدل الوعي

وترى إكرام محمود، المتطوعة في الأعمال الخدمية والخيرية المتعلقة بالنساء ومساعدة لأحد نواب البرلمان، أن المحاضر لا يؤخذ جانب كبير منها على محمل الجد ومسألة الردع ضرورية في التعامل مع الجرائم بشكل عام خاصة تلك التي تعاني منها النساء بشكل يومي في الشارع كالتحرش.

وأكدت أن حملات التوعية ضرورية في مسألة التعاطف مع الجناة بعد تشديد العقوبة، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بتأثير الانتهاكات على النساء وتوابع ذلك فهناك جرائم كالختان لا يستطيع الزمن محو آثارها النفسية والجسدية وغيرها من الاعتداءات كالاغتصاب والتحرش.

واعتبرت أن جريمة كالختان لن يتم فيها الإبلاغ عن الأهل وستظل تحدث في الخفاء ولن يعالجها تشديد العقوبة أو حتى تنفيذها لكون المواطنين أنفسهم يعزفون عن الإبلاغ مراعاة للأهل، وهو الأمر الذي يستوجب العمل المكثف على تغيير الوعي الجماهيري تجاه تلك الجريمة والتنبيه بكامل مخاطرها على الفتيات والنساء، بل والأسرة والمجتمع أيضاً.