حكيمة الركايبي: العنف ضد النساء عائق نحو تحقيق التنمية والمناصفة
رغم التشريعات والقوانين التي تحمي النساء المغربيات، إلا أن الإحصائيات تفيد بأن المرأة لا تزال تتعرض للعنف والاعتداء الجسدي والنفسي وحتى الجنسي، إما من طرف الأزواج أو الأقرباء
حنان حارت
المغرب ـ ، وقد تكون أيضاً عرضة للتعنيف من قبل أشخاص لا تربطها بهم أية علاقة قرابة.
تؤكد الإحصائيات الرسمية ارتفاع وتيرة العنف ضد النساء، إذ سجلت المصالح الأمنية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، المعنية بمعالجة القضايا المتصلة بالعنف ضد المرأة، منذ بداية 2021 وإلى غاية 25 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما مجموعه 61 ألف و388 قضية عنف ضد المرأة بجميع أشكاله والذي شمل 62 ألف و383 ضحية، 7 بالمئة منها تتعلق بقاصرين دون سن الرشد.
وتفيد الأرقام ذاتها أن العنف الجسدي يأتي على رأس القضايا المسجلة في هذا الشأن، حيث بلغت نسبته 41 بالمئة، يليه العنف الاقتصادي بنسبة 27 في المائة، في حين يشكل العنف النفسي 26 بالمئة، والعنف الجنسي 4 بالمئة من مجموع أشكال العنف، وفيما يتعلق بالعنف الرقمي فهو يشكل 2 في المائة من مجموع القضايا المسجلة.
ومن بين الفئات العمرية الأكثر تأثراً بهذا النوع من العنف، فالفئة ما بين 31 و45 سنة، تعرضت للعنف بنسبة مئوية بلغت 38 في المائة، تليها الفئة العمرية المتراوحة ما بين 18 و30 سنة بنسبة مئوية شكلت 34 بالمئة، ثم الفئة العمرية ما بين 46 و60 سنة بنسبة مئوية وصلت إلى 15 المئة، أما الفئة العمرية الممتدة من 12 إلى 17 سنة فلم تتجاوز نسبتها 7 بالمئة، كما أن الفئتين العمريتين لـ60 سنة فما فوق وتلك التي لم تبلغ بعد 12 سنة فشكلت نسبتهما المئوية من مجموع هذا العنف، على التوالي 5 بالمئة و1 بالمئة.
وتقول رئيسة جمعية تطلعات نسائية حكيمة الركايبي لوكالتنا "أن الأرقام مفزعة وتدعو للقلق"، مشيرةً إلى أنه رغم دخول القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة حيز التنفيذ منذ ثلاث سنوات، إلا أنه ما زال يواجه العديد من التحديات التي تضعف من فعاليته على أرض الواقع".
وأكدت أنه "بالرغم من الجهود الوطنية لمحاربة الظاهرة، ووجود قانون يحمي النساء من العنف في بلد يؤمن بحقوقهن، إلا أنه عندما تكون هذه المعدلات المرتفعة، لابد لنا كحركات نسوية أن نطرح أكثر من علامة استفهام ونبحث عن الخلل أين يكمن؟، صحيح أن هناك عدة أمور تتشابك فيما بينها وتعطينا هذا العنف، لكن لابد من معرفة هل يا ترى المشكلة بنيوية، أو أن الخلل يكمن في المجتمع الذي بات يطبع مع العنف، أو المشكلة في القانون".
وعن الأسباب التي تزيد من حدة الظاهرة، أوضحت حكيمة الركايبي أن أبرز الأسباب هي انتشار الثقافة الشعبية داخل الأسر المغربية التي تحث المرأة المتزوجة على الصبر على الأذى والعنف من أجل الأبناء وأنه ليس لديها مكان تلجأ إليه، وبالتالي يكون هناك نوعاً من التطبيع مع العنف.
واعتبرت الفاعلة الحقوقية أن أكبر مشكلة في قانون محاربة العنف هي التنازلات، "التنازل يضعف مواد القانون، ويجب أن يتم إلغاؤه، فالمرأة للأسف وتحت الضغوطات يمكنها توقيع تنازل في حق المعتدي، وبالتالي يمكنه بموجب ذلك الإفلات من العقاب".
وأضافت أن استمرار العنف ضد النساء يعد إحدى المشكلات التي تعترض تحقيق التنمية والمناصفة، داعيةً إلى تعزيز مبادرات الحكومة في القضاء على العنف ومن ضمنها مراجعة قانون 103.13 لمناهضة العنف ضد النساء وتجويده وتعزيز مقتضياته بما يتلاءم مع القوانين والإتفاقيات الدولية.
وأطلقت جمعية تطلعات نسائية حملة جهوية على مستوى جهة فاس- مكناس، خلال تخليدها للأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء، اتخذت شعار "ناس فاس مكناس متحدين وللعنف ضد النساء رافضين".
يتضمن برنامجها عدة حملات تحسيسية في مسعى للتعبير عن مطالب النساء اللواتي عانين ولازلن من نصوص قانونية تعتبرها الجمعية تمييزية، كما وتعمل الجمعية على استحضار ظاهرة العنف كعائق للتنمية وكحاجز أمام تمتع نساء جهة فاس مكناس بحقهن في الصحة والأمن.
وعن الحملة قالت "الحملة الجهوية التي أطلقتها الجمعية خلال هذه السنة بالتزامن مع الأيام الأممية، تعزز مطلب الحركة الحقوقية والنسائية من أجل التغيير الجذري والشامل للقانون الجنائي ولمدونة الأسرة، كما تهدف إلى الترافع من أجل إخراج سياسات ترابية تستحضر بعد النوع، وتتضمن برامج للقضاء على العنف ضد النساء والتكفل بالضحايا وأبنائهن ضمن مخططي التنمية الجهوية والمحلية".