بتول الحسن تطلق حملة لمناهضة عمالة الأطفال واستغلال طفولتهم

أكثر من نصف مليون طفل في العراق دون سن ١٥ عاماً انخرطوا في العمل بمجهود شاق بين معامل الطابوق أو جمع النفايات أو التسول المقنع بدعوى بائع متجول وهؤلاء يرتبطون بأشخاص يشغلونهم لصالحهم مقابل نسبة قليلة من الأرباح

غفران الراضي 
بغداد ـ .  
أشار تقرير اليونيسف سابق أن أكثر من 7 مليون طفل عراقي بحاجة لتقديم المساعدة المادية والنفسية وإعادة تأهيل لما مرو به من ظروف أسرية واجتماعية صعبة. وقالت المنظمة في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال لهذا العام والذي يصادف الـ 12 حزيران/يونيو أن عمالة الأطفال في العراق آخذة بالازدياد بسبب النزاع المسلح والظروف الاقتصادية، إضافة لجائحة كورونا.
ويتفق تقرير مفوضية حقوق الإنسان في العراق مع تقرير اليونيسف ويضيف عليه عن الفترة التي بدأ فيها يتزايد تسرب الأطفال من المدارس وانخراطهم في العمل والتي بدأت مع تزايد العمليات الإرهابية ما بين عامي (٢٠٠٧ ـ ٢٠٠٨) إلى عام ٢٠١٤ حيث سيطر مرتزقة داعش على مناطق واسعة من العراق وهو ما أثر بشكل كبير على حياة العراقيين.
ومع تزايد عمالة الأطفال والتسول المقنع أطلقت الإعلامية والناشطة بتول الحسن حملة ضد عمالة الأطفال عبر وكالتنا وكالة أنباء المرأة. 
وأكدت بتول الحسن أن السكوت على عمالة الأطفال أمر سلبي من الممكن أن تكون له عواقب مستقبلية وخيمة "سبب شيوع هذه الظاهرة واستفحالها هو عدم وجود إجراءات حكومية قوية رادعة وقوانين فاعلة من الممكن أن توفر البيئة الملائمة للأطفال ومنع تشغيلهم". 
وتعتقد أن هذا الأمر أصبح مقبولاً مجتمعياً إلى حدٍ ما، والحجج التي يسوقها أرباب العمل هي نفسها التي يستند إليها المجتمع، وهي أن عمالة الأطفال وجدت لتمنعهم من الانجراف نحو الجريمة أو المخدرات أو عصابات التسول. 
وحول التفات الناس لخطورة عمالة الأطفال قالت "الناس بدأوا يلتفتون إلى هذا الأمر، بعد أن تبيَّن أن هناك عصابات تسوّل تتخذ من الأطفال ذريعة لاستجداء المال. رغم ذلك فهناك حالات حقيقية دفعها العوز وعدم الشمول بالرعاية الاجتماعية لاتخاذ التسول باباً لسدّ حاجاتها وتحصيل قوتها اليومي، إلاّ أن ذلك لا يحلّ هذه الأزمة مطلقًا". 
وعن ضرورة إنهاء ظاهرة عمالة الأطفال واستغلالهم بالبحث عن بديل أكدت بتول الحسن أن "الحكومة حين تحاول إنهاء هذه الظاهرة لا توفر البديل ولا تعطي حلولاً، وعليه فبمجرد أن تدير القوات الأمنية أو الشرطة المجتمعية ظهورها يعود هؤلاء الأطفال لمواقعهم ويمارسوا التسوّل". 
وعن تفاقم خطورة عمالة الأطفال تعتقد أن الواقع أثبت وجود بيئة مخيفة ومرعبة ومستقبل مجهول للأطفال "هذه الظاهرة توفر بيئة مخيفة ومرعبة لمستقبل هؤلاء الأطفال. فتواجد الطفل في الشارع لممارسة التسول لن يمنعه من ممارسة أي فعل آخر يستجلب له المال. قد تكون السرقة أو المخدرات أو غير ذلك، ناهيك عن عصابات الاتجار بالبشر التي من الممكن جداً أن تستغل هؤلاء في تحقيق مآربها، ولذلك لا بدَّ أن تلتفت الحكومة إلى هذا الملف وتجد له حلولاً جذرية تعمل على إنهائه بشكلٍ كامل". 
وتحاول بتول الحسن من خلال حملتها لفت الانتباه لمخاطر عمالة الأطفال لحشد أصوات أكثر ترفض هذه الممارسة مما يشكل أداة ضغط على الحكومة لتغيير القوانين لصالح هؤلاء الأطفال وتطبيقها بشكل فعلي "القانون في حد ذاته يحوي خللاً إذ إنه يمنع تشغيل الأطفال فيمن هم دون سن الخامسة عشرة. وكأن اليافعين الذين هم في هذه السن ليس لهم حقوق الدراسة والعيش الكريم. فضلاً عن أن هذا القانون مجرد حبر على ورق، إذ لم نشهد له تطبيقاً حقيقياً وملموساً حتى هذه اللحظة".   
 
وتنص المادة 29 من الدستور العراقي على أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى الناشئين والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية قدراتهم، وحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة، على أن تتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة لحمايتهم. 
كما اعتبرت التعاطف النسبي مع الأطفال وتقديم المال لهم بلغة العطف تعامل سلبي يجعلهم يختارون طريق سهل أكثر خطورة من العمل وهو التسول والربح السريع لاستحصال المال. 
وتؤكد ذلك بقولها "وضع الأطفال في بيئة العمل والأعمال الشاقة وتركهم مع رجال بأعمار مختلفة يعرضهم لأفكار قد تكون ملوثة، وخاصة من يعمل بائع متجول في الشارع ويتعود على انتهاك الكرامة وقسوة الحياة، حيث يتلقى الأطفال صدمة لا تناسب أعمارهم الصغيرة وتخلق منهم صيد سهل للانحراف". 
وفي ختام حديثها دعت بتول الحسن الإعلاميين والناشطين إلى التضامن والمشاركة في الحملة لإنقاذ الطفولة في العراق.